أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُإِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُالْمُؤْمِنِينَ)(1).
إحتجَّت الأشاعرة بهذه الآية بوجهينوإليك بيانهما:
الوجه الأوّل
إِنَّ موسى (عليه السَّلام) سأل الرؤية،ولو كانت ممتنعة لما سألها، لأَنه إِمّاأَنْ يعلم امتناع الرؤية أو يجهله فإِنْعلم فالعاقل لا يطلب المحال، وإِنْ جهلهفهو لا يجوز في حق موسى، فإِنَّ مثل هذاالشخص لا يستحق أنْ يكون نبياً.ويلاحظ عليه: إنَّ الاستدلال بآية واحدة،وترك التدبّر في سائر الآيات الواردة فيالموضوع، صار سبباً للاستظهار المذكور.ولو اطَّلعنا على مجموع ما ورد من الآياتفي هذه القصة، لتجلى خطأ الاستظهار.وإِليك البيان:
إنَّ الكليم (عليه السَّلام) لما أخبرقومه بأنَّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه،قالوا لن نؤمن بك حتى نسمع كلامه كما سمعت.فاختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه، فخرجبهم إلى طور سيناء وسأله سبحانه أَنْيكلمه. فلما كلّمه الله وسمعوا كلامه،قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فعندذلك أخذتهم الصاعقة بظلمهم وعُتُوّهمواستكبارهم، وإلى هذه الواقعة تشيرالآيات
الثلاثة التالية:
1 ـ (وَ إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْنُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرى اللهَجَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُوَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(2).2 ـ (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْتُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَالسَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىأَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَااللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُالصَّاعِقَةُ
1. سورة الأعراف: الآية 143.
2. سورة البقرة: الآية 55.