القضاء والقدر في الصّحاح والمسانيد
لقد عرفت أنَّ القدر والقضاء أمر ثابت فيالشريعة الإسلامية ولا يمكن إنكاره أبداً.وهما لا يعدوان العلمي والعيني، وأنَّكلاًّ منهما غير سالب للاختيار. غير أنَّالظاهر ممَّا رواه أصحاب الصّحاحوالمسانيد أنَّ القدر عامل غالب علىالإنسان في أفعاله الاختيارية، يتحكمبها، ويسلب عنه الاختيار رغم أرادتهمخالفته. وأنَّ الإنسان مسيّر في حياتهيسير حسب ما قدر له وكتب عليه. فلنعرض بعضما وقفنا عليه كنموذج من هذه الروايات:1 ـ روى البخاري في صحيحه: «احتج آدموموسى، فقال له موسى يا آدم أنت أبوناخيّبتنا، وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم:يا موسى، اصطفاك الله بكلامه، وخطّ لكبيده، أتلومني على أمر قدّر الله عليَّقبل أن يخلقني بأربعين سنة» (1).
فآدم حسب هذا النقل يبرر عمله الّذي وصفهسبحانه بقوله: (وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُفَغَوَى)(2) بالقدر، وكأنّ القدر عامل خارجعن إطار حياة
1. صحيح البخاري، ج 8، باب في القدر، ص 122.
2. سورة طه: الآية 121.