كل إنسان الى حلّها سواء أقدر عليه أم لاوهي: من أين جاء؟ و لماذا جاء؟ والى أينيذهب؟.
و لأجل هذه الخصيصة في المسألة لا يمكنتحديد زمن نكّون هذه المسألة في البيئاتالبشرية و مع ذلك فالمسألة كانت مطروحة فيالفلسفة الإغريقية، اشراقيّها ومشّائيها، ثم تسربت الى الأوساطالاسلامية و منها تسربت الى المجتمعاتالغربيّة، كغيرها من المسائل و العلومالاسلامية.
الأمر الثانى: في الجبر بأقسامه
أن أحد شقوق هذه المسألة هو القول بالجبر،و أنَّ الإِنسان مسلوب الاختيار، ولكنتصويره يختلف حسب نفسيات الباحث والمِلاكات التي يجعلها محور البحث.فالإلهي القائل بالجبر، يطرحه على نمطمغاير لما يطرحه المادي و الفلسفيالقائلين به. فالإلهي لا يصوّر للجبرعاملا سوى ما يرتبط بالله سبحانه منتقديره وقضائه أو علمه الأزلى أو مشيئتهالقديمة المتعلقة بأفعال الإِنسان (1). والمادي بما أنه غير معتقد بهذه المبادئيسند الجبر الى العامل المادي و هو«الوراثة» و «التعليم» و «البيئة»، التيتسمى بمثلث الشخصية، و أنَّ نفسيات كلانسان و روحياته تتكون في ظل هذه العواملالثلاثة، وهي عوامل خارجة عن الاختيار.ومن المعلوم أنّ فعل كل انسان رد فعللشخصيته و ملكاته التي اختصرت فيها.و للفلاسفة للقائلين بالجبر منحى آخر فيه.فتارة يستندون الى أنَّ الارادةالإِنسانية هي العلة التامة للفعل، بحيثاذا حصلت في ضمير الإِنسان يندفع الىالفعل بلا مهلة و انتظار، و بما أنَّالارادة ليست أمراً
1- هذه ثلاثة من العوامل التي دفعتالأشاعرة إلى القول بالجبر. وهناك عاملرابع، و هو القول بكون أفعال العبادمخلوقه لله سبحانه مباشرة. و عامل خامس وهوما يبدو من القرآن الكريم من نسبة الهدايةو الضلالة الى الله سبحانه و هذه هي النقاطالرئيسية لأبحاثهم في المسألة.