إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
جانبهم، لم يوجَّه إلى الكليم من جانبهسبحانه أي لوم وعتاب أو مؤاخذة وعذاب، بلاكتفى تعالى بقوله: (لَنْ تَرَانِي وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَىالْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُفَسَوْفَ تَرَانِي). فلا يكون السؤالدليلاً على إِمكان الرؤية. وبعبارة أُخرى: إنَّ موسى كان من أعلمالناس بالله وصفاته وما يجوز عليه وما لايجوز، ولكن ما كان طلب الرؤية إلا لتبكيتهؤلاء الذين دعاهم «سُفَهاء» وتبرأ منفعلهم. فبما أنهم لجّوا وتمادوا وقالوابأنهم لا يؤمنون له حتى يسمعوا النص من عندالله باستحالة ذلك، وهو قوله: (لَنْتَراني) فطلب موسى الرؤية ليتيقنوا ويزولما دخلهم من الشبهة، فلأجل ذلك قال: (رَبّأرِني أَنْظُرْ إِليك) ولم يقل رَبّ أرهمينظروا إِليك. والعجب أَنَّ الآية على خلاف مطلوبالأشاعرة أدلّ، فإِنه سبحانه رد طلبالكليم بقوله: «لن تَراني» و «لن»للتأبيد، كقوله: (لَنْ يَخْلُقُواذُبَاباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ)(1). وها هنا نكتة ينبغي التنبيه عليها وهي أنّالميقات الوارد في قوله تعالى: (وَ لَمَّاجَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَ كَلَّمَهُرَبُّهُ)(2)، نفس الميقات الوارد في قولهسبحانه: (وَ اخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُسَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا)(3). ولميكن لموسى مع قومه إلا ميقات واحد وقد وقعتالحادثتان فيه في ظرف واحد، غير أن سؤالقومه رؤية الله كان قبل سؤال موسى الرؤيةلنفسه. الوجه الثَّاني إنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل،وهو أمر ممكن في نفسه، والمعلّق علىالممكن، ممكنٌ.