الخارجية. فإذا كان هذا حال الوجود العارضللأشياء، فكيف بالتعرف على وجوده سبحانهالّذي هو وجود محض لا حدّ له، وحقيقةخارجية لا ماهية لها. فليس في وسع الإِنسانالّذي تنحصر أدوات معرفته بالذهن والفكروالقوى الموجودة فيهما، أنْ يتعرف علىالحقيقة العينية الخارجية الّتي يمتنعأنْ تنعكس على الذهن وتُتخذ منها صورةمسانخة لعمل الذهن.
وبعبارة أُخرى: لو وقف الإِنسان على مدىقدرته في التعرف على الحقائق وأدواتمعرفته والقوى الموجودة في ذهنه لأذعنأنَّ حقيقته سبحانه أعلى من أَنْ تقع فيإِطار ذهن الإِنسان وفكره. فالذهن يدركالمفاهيم والمعاني والصور الّتي لا عينيةلها إلاَّ بالوجود، والله سبحانه هو نفسالوجود، فكيف يمكن للذهن أَنْ يدرك حقيقةالشيء الّذي ليس بين المدرك والمدرَك أيسنخية. ولأجل ذلك تنحصر معرفة الإِنسانبالله سبحانه بالعناوين والمعرِّفاتالّتي نسمّيها بالأسماء والصفات وهي لاتوقفه على حقيقته تبارك وتعالى، فإنهانوافذ على الغيب يشرف بها الإِنسان البعيدعن ذلك العالم عليه إشرافاً غير كامل، فلاتعدو المعرفة الحاصلة بها عن التعرفبالاسم. يقول ابن أبي الحديد:
فِيكَ يا أُعْجُوَبةَ الكَوْ
أَنْتَ حَيَّرْتَ ذَوي اللُّـ
كُلَّما قَدَّم فكْري فيـ
ناكِصاً يَخْبِطُ في
عَمْياءَ لايُهْدى سَبيلا
نِ غَداالفِكْرُ كَليلا
بِوَبَلْبَلْتَ العُقُولا
كَ شِبْراًفَرَّ ميلا
عَمْياءَ لايُهْدى سَبيلا
عَمْياءَ لايُهْدى سَبيلا
1. سورة الرحمن: الآية 78.