إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
واستدلّ اليهود على امتناع النسخ فيالتكوين (1) بأنَّ قلم التقدير والقضاء إذاجرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلقالمشيئة بخلافه. وبعبارة أخرى: ذهبوا إلى أنَّ الله قد فرغمن أمر النظام، وجف القلم بما كان، فلايمكن لله سبحانه محو ما أثبت وتغيير ماكتبه أوّلاً. ويَردّ عليهم سبحانه في بيان إمكان هذاالنسخ في مجال التكوين بالآية التالية:(يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُوَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (2). وعلىذلك فإنّ الله سبحانه باسطُ اليدين فيمجال التكوين والتشريع، يقدّم ما يشاءويؤخر ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاءلا يمنعه من ذلك مانع. وما تتخيله اليهود،وما انتحلوه من أن الله قد فرغ من الأمروانتهى من الإيجاد والتكوين فصار مكتوفاليدين، مسلوب القدرة، فترده هذه الآيةوما سبقها من الآيات والأحاديث. وهذا هوالقرآن الكريم يصرح بكونه تعالى: (كُلَّيَوْم هُوَ فِي شَأْن) (3). ويقول أيضاً: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّالْعَالَمِينَ)(4). والآية مطلقة غير مقيدةبزمان دون زمان. ولأجل ذلك ينسب إلى نفسهكل ما يرجع إلى الخلق والإيجاد ويبين ذلكبصيغ فعلية استقبالية دالة علىالاستمرار، وناصّة على أنَّ الفيض والخلقوالإيجاد والتدبير بعد مستمر. يقول سبحانه: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَيُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُبَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماًفَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْخِلاَلِهِ وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِمِنْ جِبَال فِيهَا مِنْ بَرَد فَيُصِيبُبِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَمَّنْيَشَاءُ) (5).