إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
إرادته سبحانه لأفعال الإِنسان، أو أنَّأفعاله خارجة عن إطار الإِرادة الإِلهية.فالمعتزلة على الثاني ـ حفظاً لاختيارالإِنسان و تجنباً عن القول بالجبر ـ والأشاعرة على الأول لكن بالالتزام بتعلقإرادته سبحانه على أفعال البشر من غيرواسطة كما هو الحال في غير الأفعال. و أمَّا الإِمامية فقد اختلفت آراؤهم،فيظهر من الشيخ الصدوق سعة إرادته سبحانهلأفعال العباد، لكن بوجه مجمل لا يعلم كنهمراده منه. و ذهب الشيخ المفيد إلى خلافه وقال: «إنَّ اللّه تعالى لا يريد إلاّ ماحسن من الأفعال و لا يشاء إلا الجميل منالأعمال و لا يريد القبائح و لا يشاءالفواحش، تعالى الله عمَّا يقول المبطلونعلواً كبيراً. قال اللّه تعالى: (و ما اللّهيُريدُ ظُلْماً لِلعباد) و قال: (يُريدُاللّه بِكُمُ اليُسْرَ و لا يُريد بِكُمُالعُسْرَ)...» إلى أن قال: «فلو كان سبحانهمريداً لمعاصيهم لنافى ذلك التخفيف واليُسْر لهم، فكتاب اللّه شاهد على ضد ماذهب إليه الضالون المفترون على اللّهالكذب»(1). و قد صارت هذه المسألة مائزة بين الأشاعرةو المعتزلة و اتَّخذ كل من الفريقين نتيجةرأيه شعاراً لمنهجه. و لأجل ذلك لما دخلالقاضي عبدالجبار المعتزلي (ت 1415 هـ) دارالصاحب بن عباد فرأى فيه أبا إسحاقالإسفرائيني الأشعري (ت 413 هـ)، قال القاضي:«سبحان من تنزَّه عن الفحشاء» (يريد بذلكأنَّ القول بسعة إرادته لأفعال الإِنسانيستلزم أنَّه أراد الفحشاء). فأجابه أبوإسحاق بقوله: «سبحان من لا يجري في ملكهإلاَّ ما يشاء» (مريداً بذلك أنَّ القولبوقوع أفعال العباد بلا مشيئة منه سبحانهيستلزم القول بوجود أشياء في سلطانه ومملكته خارجة عن مشيئته)(2). و على كل تقدير، فالحق تعلُّق إرادته بكلما يوجد في الكون من دون فرق بين فعلالإِنسان و غيره، و لا يقع في ملكه إِلاَّما يشاء ولكن لا على