مُسَيّر لا مُخَيّر، مع أنهم يعاملونالإِنسان في حياتهم معاملة الموجودالمختار؟
الحق أنَّ هنا دوافع مختلفة بعضهاإجتماعية و بعضها الآخر سياسية.
أما الأولى: فلأنَّ هؤلاء يريدون تجاهلالقوانين و تجاوز الحدود و الحصول علىالحرية المطلقة في العمل، و الإنحلال عنكل قيد و رفض كل قاعدة إجتماعية و أخلاقية.و من الطبيعي أنَّ هذا لا يجتمع مع تحملالمسؤولية المترتبة على الحرية والإِختيار، فلا بدّ من اللجوء إلى أصلفلسفي يرفع عن كاهل الإنسان تلك المسؤوليةو ليس هو إلاَّ القول بالجبر و كون الإنسانمسيّراً.
و أما الثانية: فأكثر أصحاب هذه الفِكرةهم السلطات الغاشمة الفارضة نفسها وسلطانها على الناس بالقهر، فهم يروجون تلكالفِكرة حتى يبرروا بها أفعالهمالإِجرامية.
و لأجل ذلك يصوّر شاعر مبدع العامل الأولقائلا:
سألتَ المُخَنَّثَ عَنْ فِعْلِهِ
فَقَال ابتلاني بداء عُضَال
ولُمْت الزُّناةَ على فِعْلِهِمْ
وَ قُلْتُ لآكِلِ مَالِ اليَتِيمِ
فَقَال وَلَجْلَج فِي قَوْلِهِ
وَكُلُ يُحيلُ عَلى رَبِّهِ
وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ
عَلاََمَ تَخَنَّثْتَ يَا مَاذِقُ
وأَسْلَمَني القَدَرُ السَّابقُ
فقالوا بِهذا قَضَى الخَالِقُ
أَكلتَ و أنت امْرُؤٌ فَاسِقُ
أَكلتُوَ أَطعَمَنِي الْخَالِقُ
وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ
وَ مَافِيهمُو أحدٌ صَادِقُ