إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
و بذلك يسهل عليك فهم ما جاء في الآيةالتالية من التفريق بين الهداية والضّلالة حيث يقول سبحانه: (قُلْ جَاءَالحَقُّ و ما يُبْدِىءُ الباطِلُ وَ مَايُعِيدُ * قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَاأَضِلُّ عَلى نَفْسي * وَ إِنْاهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحي إِلىَّ رَبِّيإِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ)(1) فترى أنَّهسبحانه يَأْمُر عَبْدَهُ بأن ينسبالضلالة إلى نفسه و الهداية إلى ربِّه، معأنَّه سبحانه ينسبهما في آيات أُخرى إلىنفسه و يقول: (فَيُضِلُّ اللّهُ مَنْيَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ هُوالعَزِيزُ الحَكِيمُ)(2). و ما هذا إلاَّلأن الهداية و الضلالة بما أنهما منالأمور الواقعية في الكون تنتهي وجوداًإلى اللّه سبحانه، فينسبهما من حيث الوجودإلى نفسه سبحانه. و أمَّا من حيث المناشئ والحوافز التي تنزلهما إلى العبد، فبماأنَّ الهداية نعمة من اللّه سبحانه لايستحقها الإِنسان بذاته، بل تعمه كرامةمنه تعالى، فينسبها إلى اللّه تعالى منهذه الجهة و يقول: (و إِنِ اهْتَدَيْتُفَبِما يُوحي إِلىَّ رَبِّي). و بما أنَّ الضلالة نقمة يستحقهاالإِنسان لتقصيره في اتباع الرسل والإِهتداء بالكتب، صارت أولى بأن تنسب إلىالعبد، و يقول: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُفَإِنَّمَا أضِلُّ عَلى نَفْسي). و بهذا البيان يرتفع ما يتراءى منالإِختلاف بين نظائر هذه الآيات. و بكلمةواحدة، إنَّ الآيات من حيث المساق مختلفة،فعندما يلاحظ الظاهرة ـ سواء أكانت حسنةأو سيئة، هداية أو ضلالة ـ بما أنَّها منالأمور الواقعية الإِمكانية، لا تتحققإلاَّ بالإِنتماء إلى الواجب تعالى والصدور منه، ينسبها إلى اللّه تعالى. وعندما يلاحظها من حيث المناشئ و الدواعيالتي تنزلها من عالم الغيب إلى عالمالشهادة، فليس للحسنة و الهداية منشأإلاَّ اللّه تعالى، كما أنَّه ليس للسيئةو الضلالة منشأ، سوى تقصير العبد في حياتهكما عليه الآيات الكثيرة. و لأجل ذلك نرىأنَّ الحديث القدسي المنقول عن