إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
وما هو كذلك يكون متحققاً إلزاماً، فكيفيوصف بالإِختيار. ومبدأ الإِشكال هنا هو أنَّ مجموع الوجودالإِمكاني معلول لوجود الواجب و إرادته،فإرادته سبحانه هي العِلّة التامة لماسواه و معه كيف يتصف بعض الوجود الإِمكانيكأفعال الإِنسان بالإِختيار؟.فالإِشكالان متحدان جوهراً، مختلفان صورةو صياغة. ولكن الجواب عن كلا الإِشكالين، واحد،ولكي يكون الجواب مناسباً لهذا التقريرنقول: إن فعل الإِنسان إنما يتصف بالوجوب إذانسب إلى جميع أجزاء العِلّة التّامةالمنتهية إلى الواجب و إرادته، و منهااختيار الإِنسان و إرادته فإذا لوحظ الفعلبالنسبة إلى جميع أجزاء العِلّة التامةيوصف بالوجوب، و هذا مما لا كلام فيه.إلاَّ أنَّ الكلام ملاحظة الفعل قبلاجتماع أجزاء العِلّة التّامّة كالإِنسانقبل أن يريد، فلا يوصف الفعل في هذه الحالةإلاَّ بالإِمكان، و بما أن ذات الإِنسان وإرادته من أجزاء العلة أولا، و بما أنَّالإِنسان فاعل مختار بالذات في إيجادالجزء الأخير من العلّة التامة ـ أعنيالإِرادة ـ فلا يكون الفعل بالنسبة إليهفعلا إيجابياً، بل زمام الفعل بيده، فلهأن يوجد الإِرادة و له أن يترك، و قد تعلقتإرادته على اختياره أحد الطرفين باختيارذاتي. و بذلك يظهر أنّ نسبة الفعل تختلف حسباختلاف المنسوب إليه، فلو نسب الفعل إلىمجموع أجزاء العِلّة التّامّة من الواجبسبحانه إلى إرادة العبد فالفعل متصفبالوجوب. و إن نسب إلى نفس الباري سبحانه مع حذفالوسائط و العِلَل فالنسبة تنقلب إلىالإِمكان لعدم وجود العلّة التامة. كيف، وقد تعلقت مشيئته على صدور الفعل عن طريقالعِلَل و الأسباب. و إن لوحظ الفعل بالنسبة إلى نفس الإِنسانبما أنَّه فاعل مختار بالذات في إيجادالإِرادة في ضميره و عدمه، فالفعل فعلإمكاني، إختياري.