إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
الموجودات الممكنة المادية تتوقف فيوجودها على شروط لا تتحقق بدونها،كالإِنسان الذي هو ابن فلان. فإن لوجودالإِبن توقفاً على وجود الوالدين وعلىشرائط أخرى كثيرة زمانية ومكانية، فمنالضروري أنَّ ما يتوقف عليه وجود الشيءيُعَدّ جزءاً من العلة التامة. وعلى هذا،لا يصح عدّه سبحانه علة تامة وحدها لهذهالظاهرة أي كون زيد ابن فلان. نعم هو بالنسبة إلى مجموع العالم علةتامة، إذ لا يتوقف على شيء غيره سبحانهوأمَّا سائر أجزاء العالم كوجود زيد فهوسبحانه جزء العلة التامة ضرورة توقفه علىما هو قبله من العلل وما هو معه من الشرائطوالمُعِدّات.(1) والذي يوضح ذلك أنَّ أَفعالا لا يمكنإسنادها إلى الله سبحانه مباشرة كأكل زيدوشربه ومشيه وقيامه وقعوده، فإنَّ تحققهذه العناوين يتوقف على وجود زيد وأعضائهمن فمه ولسانه ورجليه وعضلاته فإِنَّ لهادخالة في تحقق هذه الأَفعال، فكيف يمكنإنكار دخالتها؟ فهذه الأَفعال لا تستندإلا إلى الموجود المادي مباشرة، وإلىالواجب سبحانه على وجه التسبيب والسببيةالطولية.(2) فمن وقف على مجموعة كبيرة من الآيات فيهذا المجال لم يشك في أنَّ القرآن يعترفبناموس السببية بين الأشياء وآثارهاوإِنهاء كل الكون إلى ذاته تبارك و تعالى.فلا يصح عندئذ حصر الخالقية والعليةالأَعم من الأَصلية والتبعية باللهسبحانه، وتصوير غيره من الأَسباب أُموراًعاطلةً غير مفيدة لشيء. وجعل القدرةالحادثة في العبد شيئاً مقترناً بإيجادهسبحانه فعل العبد. وعلى ذلك فيجب تفسير حصرالخالقية وتوحيدها على وجه يناسب مع جميعالآيات الماضية التي تدل على الحصر وأنَّهلا خالق غيره، وفي الوقت نفسه يعترفبتأثير العلل وإيجادها. وهذه هي النظريةالتي نتلوها عليك بإذنه سبحانه.