إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
ولأجل ذلك نجد أنّ أُمة كبِيِرة من جنسالبشر تولوا منصة الحاكمية من جانب اللهسبحانه وإذنه الخاص، يديرون شؤون الحياةالاجتماعية للإِنسان. وفي ذلك يخاطب اللهنبيّه داود ويقول: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَخَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَالنَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لاَ تَتَّبِعِالْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِاللهِ)(1). إنَّ الآية الكريمة وإنْ كانت واردة فيتنصيب داود على القضاء، لكن نفوذ قضائهكان ناشئاً من حاكميته الواسعة الّتي تشملالحكم والإِمرة بحيث كان نفوذ قضائه منلوازمها وفروعها. ولم يكن القضاء في تلكالأعصار منفصلاً عن سائر شؤون الحكومة ولميكن شأن داود منحصراً في بيان الأحكاموالمعارف، بل كان يتمتع بسلطة تامة تشملالتنفيذية والقضائية، بل التشريعية أيضاًبوحي من الله سبحانه. يقول سبحانه: (وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَ آتَاهُ اللهُالْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُمِمَّا يَشَاءُ وَ لَوْلاَ دَفْعُ اللهِالنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْض لَفَسَدَتِالأَرْضُ)(2). قال العلامة الطباطبائي: ويدل على اختصاصخصوص الحكم التشريعي به تعالى قوله: (إِنِالْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّتَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَالدِّينُ الْقَيِّمُ)(3).. فالحكم لله لايشاركه فيه غيره على ظاهر ما يدل عليه غيرواحد من الآيات، غير أنه سبحانه ربما ينسبالحكم وخاصة التشريعي منه في كلامه إلىغيره، كقوله تعالى: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَاعَدْل مِنْكُمْ)(4)، وقوله للنبيّ: (وَ أَنِاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَاللهُ)(5). وقوله تعالى: (فَاحْكُمْبَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)(6)وقوله: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ)(7)إلى غير ذلك