إلهیات علی هدی الکتاب و السّنة و العقل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
وباختصار، يَعُدّ الحُكْمَ صنفين: حكمالله تبارك وتعالى وحكم الجاهلية ويقول:(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَوَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماًلِقَوْم يُوقِنُونَ)(1). «فالحكم حكمان: حكم الله وحكم أهلالجاهلية فمن أخطأ بحكم الله حكم بحكم أهلالجاهلية»(2). وعلى ضوء ذلك فالسلطات التشريعية السائدةفي العالم، إذا كان تشريعها مطابقاًلتشريع الله سبحانه فهو حكم الله، ولوأضيف إلى المجالس فقد سبقه التشريعالإِلهي ولم يكن حاجة لتشريعه. وإن كان علىخلافه فهو حكم الجاهلية حسب النصّ الشريف. نعم ها هنا أسئلة حول اختصاص التشريعبالله سبحانه نترك الإِجابة عنها إلىالأبحاث الفقهية. ولكن نأتي بنكتة وهيأَنَّ حق التشريع على العباد من شؤونالربوبية فمن أعطى زمان التشريع إلى غيرهسبحانه فقد اتخذه ربّاً ولو في بعض الشؤونلا كلّها. ولأجل ذلك نرى أنه سبحانه يرمياليهود والنصارى بأنهم (اتَّخَذُواأَحْبَارَهُمْ وَ رُهْبَانَهُمْأَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ)(3) ولم يكناتِّخاذهم أرباباً لأجل عبادتهم بل لأجلدفع حق التشريع إليهم. روى الثعلبي في تفسيره عن علي بن حاتم قال:«أتيت رسول الله (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي: ياعلي إطرح هذا الوثن من عنقك فطرحته ثمانتهيت إليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذهالآية: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً) حتى فرغ منهافقلت له: إنَّا لسنا نعبدهم فقال: أليسيحرمون ما أحلّ الله فتحرّمونه ويحلّون ماحرّم الله فتستحلّونه قال: فقلت: بلى. قال:فتلك عبادتهم».