في المسألة على إجماع الفرقة على ما مضى .و روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم فقال : " يتم صلاته ، ثم يسجد سجدتين " فقلت : سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعد التسليم ؟ قال : " بعد " ، و روى علي بن النعمان الرازي قال : كنت مع أصحاب لي في سفر و أنا إمامهم فصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين الاولتين ، فقال أصحابي إنما صليت بنا ركعتين فكلمتهم و كلموني ، فقالوا : أما نحن فنعيد فقلت : و لكني لا أعيد و اتى بركعة ، فأتممت بركعة ، ثم سرنا ، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام ، فذكرت له الذي كان من أمرنا فقال : " لي أنت كنت أصوب منهم ، إنما يعيد من لا يدري ما صلى " .مسألة 155 - النفخ في الصلاة إن كان بحرف واحد لا يبطل الصلاة ، و كذلك التأوه و الانين .و إن كان بحرفين يبطلها ، و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : النفخ يبطلها و إن كان بحرف واحد ، و أما التأوه فانه يقول : آه ، أن يأتي بحرفين ، نظرت فان كان خوفا من الله تعالى مثل ان ذكر النار و العقاب لم يبطلها ، و إن كان ذلك لا لم يجده في نفسه بطلت - دليلنا - على أن الحرف الواحد لا يبطل الصلاة : انه لا دليل على ذلك فمن نقض الصلاة به فعليه الدليل .و أما القطع بحرفين فلانه كلام لا يتعلق بالصلاة على جهة العمد ، و قد قدمنا أن ذلك يفسد الصلاة .و أيضا فقد روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له الرجل ينفخ في الصلاة موضع جبهتة ، فقال : " لا " - و ما رواه إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجلان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المكان يكون عليه الغبار فانفخه إذا أردت السجود ، قال : " لا بأس " .فمحمول على أنه إذا كان بحرف واحد .و أما الانين فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : " من أن في صلاته فقد بطلت صلاته " .و روى ذلك طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه الصلاة و السلام أنه قال : " من أن في صلاته فقد تكلم " .مسألة 156 - من ترك القرائة ناسيا حتى ركع مضى في صلاته ، و لم يكن عليه شيء ، و به قال الشافعي في القديم .و قال في الجديد : لا تسقط بالنسيان ، فان ذكر قبل الركوع قرء ، و إن لم يذكر إلا بعد الركوع أعاد الصلاة - دليلنا - إجماع الفرقة ، و روى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرء في صلاتي كلها ، قال : أ ليس قد أتممت الركوع و السجود ؟ قلت : بلى قال : فقد تمت صلاتك إذا كان نسيانا و روى أبو بصير عن
(134)
أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا نسى أن يقرء في الاولى و الثانية أجزئه تسبيح الركوع و السجود ، و إن كانت الغداة و نسي أن يقرء فيها فليمض في صلاته .و رووا عن عمر بن الخطاب انه صلى المغرب فلم يقرء ، فلما فرغ قيل له في ذلك ، فقال : كيف كان الركوع و السجود قالوا حسبنا ، فقال : لا بأس إذن .قال الشافعي : و كان هذا منتشرا بينهم فلم ينكر عليه منكر ، فثبت انه إجماع .مسألة 157 - من سبقه الحدث من بول ، أو ريح ، أو ذلك .لاصحابنا فيه روايتان : أحديهما و هي الاحوط : انه تبطل صلاته ، و به قال الشافعي في الجديد ، قال : و يتوضأ و يستأنف الصلاة ، و به قال المسور بن محزمة و ابن سيرين ، و النخعي ، و الحسن بن صالح بن حي .و الرواية الاخرى انه يعيد الوضوء و يبني ، و به قال مالك ، و أبو حنيفة ، و الشافعي في القديم ، و قال أبو حنيفة : إن كان الحدث الذي سبقه منا بطلت صلاته ، و إن كان دما فان كان بغير فعله مثل أن شجه إنسان أو فصده بطلت صلاته ، و إن كان بغير فعل إنسان كالرعاف لم تبطل صلاته - دليلنا - على الرواية الاولى : ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام انهما قالا : " لا يقطع الصلاة إلا أربع : الخلا ، و البول ، و الريح ، و الصوت " ، و روى الحسن بن الجهم قال : سألته عن رجل صلى الظهر أو العصر ، فأحدث حين جلس في الرابعة فقال : " إن كان قال أشهد أن لا إله إلا الله و اشهد ان محمدا رسول الله فلا يعيد ، و إن كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد " ، و روى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب الفرع قال : " فليس عليه شيء ، و لم ينقض وضوئه ، و إن كان متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، و إن كان في صلاة قطع الصلاة و أعاد الوضوء و الصلاة " .و أما الرواية الاخرى فرواها الفضيل بن يسار قال : قلت : لابي جعفر عليه السلام أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا ، فقال : " انصرف ثم توضاء و ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا ، فان تكلمت ناسيا فلا بأس عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا " ، و روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال : " ينصرف و يتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد ، و إن شاء ففي بيته ، و إن شاء حيث شاء فليتشهد ثم يسلم و إن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " .و قد رووا ما يطابق هذه الرواية عن عائشة ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " إذا قاء أو رعف في صلاته أو أمذى فلينصرف و ليتوضأ و ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم " .و مثل الرواية الاولى و
(135)
رووه عن النبي صلى الله عليه و آله رواه علي بن طلق ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " إذا فسا أحدكم و هو في الصلاة فلينصرف و ليتوضأ و ليعد الصلاة " .و رووا عنه عليه السلام انه قال : " الشيطان يأتي أحدكم و هو في الصلاة فتقول أحدثت فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " .قالوا : و هذا قد وجد ريحا .و الذي أعمل عليه و أفتي به الرواية الاولى فان الصلاة ثابتة في ذمته بيقين و لا تبرء ذمته بيقين إلا إذا أعاد الصلاة من أولها لانه إذا بني فليس على صحة ذلك دليل لان فيه خلافا .مسألة 158 - إذا سبقه الحدث ، فخرج ليعيد الوضوء ، فبال أو أحدث متعمدا لا يبني إذا قلنا بالبناء على الرواية الاخرى ، و به قال أبو حنيفة .و قال الشافعي على قوله القديم الذي قال بالبناء : انه يبني ، قال : لان هذا الحدث طرء على حدث فلم يكن له حكم - دليلنا - طريقة الاحتياط ، و ما قدمناه من الاخبار من أنه إذا أحدث أعاد الصلاة عامة ، و إنما أخرجنا الرواية الاخرى بدليل .مسألة 159 - روي ان شرب الماء في النافلة لا بأس به ، فأما الفريضة فلا يجوز أن يأكل فيها و لا يشرب ، و بهذا التفصيل قال سعيد بن جبير ، و طاووس .و قال الشافعي : لا يجوز ذلك لا في نافلة ، و لا في فريضة - دليلنا - ان الاصل الاباحة فمن منع فعليه الدليل ، و إنما منعنا في الفريضة بدلالة الاجماع .و أيضا روى سعيد الاعرج قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام اني أبيت و أريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء و أشرب و أكره أن أصبح و انا عطشان و أمامي قلة بيني و بينها خطوتان أو ثلاثة ، قال : " تسعى إليها و تشرب منها حاجتك و تعود في الدعاء " .مسألة 160 - إذا أدرك مع الامام ركعتين أو ركعة في الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ، كان ما أدركه معه أول صلاته يقرء فيها بالحمد و سورة ، و يقضى آخر صلاته يقرء الحمد أو يسبح على ما بيناه في التخيير ، و به قال في الصحابة علي عليه الصلاة و السلام ، و عمر ، و أبو قتادة ، و في التابعين ابن المسيب ، و الحسن البصري ، و الزهري ، و في الفقهاء الشافعي ، و الاوزاعي ، و محمد ، و إسحاق ، و ذهب قوم إلى أن ما أدركه آخر صلاة المأموم ، فإذا فرغ إمامه قام فقضى أول صلاة نفسه ، ذهب إليه في الصحابة ابن عمر ، و إليه ذهب مالك ، و الثوري ، و أبو حنيفة ، و أبو يوسف ، و قال أبو حنيفة : تفصيلا لا يعرف للباقين ، و هو أنه قال : هو أول صلاته فعلا ، و آخرها حكما ، فانه يبتدى بأول الصلاة فعلا - دليلنا - إجماع الفرقة ، فانها لا يختلفون في ذلك ، و روى زرارة عن أبي
(136)
جعفر عليه السلام قال : " إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه ، جعل أول ما أدركه أول صلاته ، و إن أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرء في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب و سورة ، فان لم يدرك السورة تامة أجزئته أم الكتاب ، فإذا سلم قام فصلى ركعتين لا يقرء فيهما لان الصلاة إنما يقرء فيها في الاولتين في كل ركعة بأم الكتاب و سورة و في الاخيرتين لا يقرء فيهما ، إنما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قرائة ، و إذا أدرك ركعة قرء فيها خلف الامام ، فإذا سلم الامام قام فقرء أم الكتاب و سورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قرائة " .و روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها و أنتم تسعون ، ايتوها و أنتم تمشون ، و عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا ، و ما فاتكم فأتموه " .و حقيقة الاتمام إكمال ما تلبس به ، و إنما يحمل على الابتداء مجازا .و يدل على ذلك انه إذا أخذ أحد في كتب كتاب يقال له تمم ، و كذلك من تلبس بقرائة سورة و غير ذلك فمن قال عليه ان يقضي ما فاته فقد ترك الخبر .مسألة 161 - إذا صلى لنفسه منفردا أو في جماعة ثم وجد جماعة جاز أن يصليها معهم دفعة ثانية و تكون الاولى فرضا و الثانية تكون نفلا و يجوز أن ينوي بها قضأ ما فاته ، و آية صلاة كانت ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاءا آخرة ، أو صبحا لا يختلف الحكم فيه ، و به قال في الصحابة علي عليه الصلاة و السلام ، و حذيفة ، و أنس ، و في التابعين سعيد بن المسيب ، و سعيد بن جبير ، و الزهري ، و في الفقهاء الشافعي ، و أحمد بن حنبل ، إلا أن الصحابة و أحمد قالوا : إن لم يكن مغربا أعادها على الوجه و إن كانت مغربا يشفعها فيصليها أربعا " .و في أصحاب الشافعي من قال : إن كان صليها فرادى أعادها أية صلاة كانت ، و إن كان صلاها جماعة أعادها إلا العصر و الصبح .و من أصحابه من قال : ان كان صلاها جماعة لا يعيدها أصلا و إعادتها ليدرك فضيلة الجماعة ، و قد أدرك فلا معنى للاعادة .و ذهبت طائفة إلى أنه يصليها بكل حال إلا المغرب ، ذهب إليه في الصحابة ، ابن مسعود ، و في الفقهاء ، مالك و الاوزاعي و الثوري .و قال الحكم : يعيدها كلها إلا الصبح .و قال النخعي : يعيدها كلها إلا العصر و الصبح ، مثل ما قال بعض أصحاب الشافعي .و قال أبو حنيفة : يعيدها كلها إلا العصر و المغرب و الصبح - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا الاخبار التي وردت بفضل الجماعة و الحث عليها عامة في جميع الصلوات .و أيضا روى يزيد بن الاسود قال : صلي بنا رسول الله صلى الله عليه و آله صلاة الصبح في مسجد الخيف ، فلما سلم ، إذا هو برجلين في ناحية
(137)
فى مسائل العاجز فى بعض افعال الصلاة
المسجد لم يصليا ، فأرسل إليهما فجئ بهما و هما ترتعد فرائصهما ، فقال لهما : " ما منعكما أن تصليا معنا " فقالا : كنا صلينا في رحالنا ، فكرهنا أن نعيدها ، فقال : " لا تفعلا ، إذا صلى أحدكم في رحله ، ثم أدرك الناس يصلون فليصل معهم ، تكون صلاته الاولى فرضا ، و صلاته معهم تطوعا " .و فيه دليلان أحدهما : انه أمرهما بإعادة صلاة الصبح فانهما كانا صليا الصبح ، و هذا نص في موضع الخلاف .و الثاني ، انه قال : " إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الناس يصلون فليصل معهم " فعم و لم يخص .و روى عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أ يجوز أن يعيد الصلاة معهم قال : " نعم و هو أفضل " .مسائل العاجز في بعض أفعال الصلاة مسألة 162 - من لم يقدر أن يركع في الصلاة لعلة بظهره ، و قدر على القيام وجب عليه أن يصلي قائما ، و هو مذهب الشافعي .و قال أبو حنيفة : إذا قدر على القيام و عجز عن الركوع كان بالخيار بين أن يصلي جالسا أو قائما - دليلنا - انه لا خلاف إذا صلى من هذه صفته قائما في ان صلاته ماضية ، و ليس على قول من قال إذا صلى جالسا انه تصح صلاته دليل .و روى عمران بن الحصين قال : كان بي بواسير و في بعضها نواصير فسألت النبي صلى الله عليه و آله فقال : صل قائما فان لم تستطع فجالسا ، فان لم تستطع فعلى جنب و في بعضها فعلى جنبك و هذا مستطيع للقيام فلا يجوز له الجلوس .و قوله تعالى : ( و قوموا لله قانتين ) يدل على ذلك فأمره بالقيام ، و أمره يدل على الوجوب ، و روايات أصحابنا أكثر من أن تحصى في هذا المعنى .مسألة 163 - إذا صلى جالسا لعلة لا يقدر معها على القيام ، الافضل أن يصلي متربعا ، و ان افترش جاز .و قال الشافعي : في موضع يجلس متربعا ، و يجلس للتشهد على العادة ، و به قال ابن عمر و ابن عباس و أنس و الثوري و أحمد .و قال في موضع آخر : يجلس مفترشا ، و به قال ابن مسعود - دليلنا - إجماع الفرقة ، فإن أخبارهم في هذا المعنى متكافئة فلا ترجيح لبعضها على بعض ، و قد أوردناها في الكتابين المقدم ذكرهما .مسألة 164 - العاجز من السجود إذا رفع إليه شيء يسجد عليه كان ذلك جائزا و قال الشافعي : لا يجوز - دليلنا - قوله تعالى : ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) .و روى أبو بصير قال : سألته عن المريض هل تمسك له المرئة شيئا يسجد عليه ، فقال : لا إلا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها ، و ليس شيء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إليه .و روى زرارة قال : سألته
(138)
عن المريض ، قال : يسجد على الارض أو على مروحة ، أو على سواك يرفعه فيرفعه هو أفضل من الايماء ، إنما كره من كره السجود على المروحة من أجل الاوثان التي كانت تعبد من دون الله عز و جل و انا لم نعبد الله قط ، فاسجد على المروحة أو على سؤاك أو على عود مسألة 165 - إذا لم يقدر على السجود على جبهته و قدر على السجود على أحد قرنيه أو على ذقنه سجد عليه .و قال الشافعي : لا يسجد عليه بل يقرب وجهه من الارض بقدر ما يمكنه - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا هو مأمور بالسجود ، و لا يتيقن أدائه بمقاربة الارض و أيضا سئل أبو عبد الله عليه السلام عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها ؟ قال : يضع ذقنه على الارض ، إن الله عز و جل يقول : ( يخرون للاذقان سجدا ) .مسألة 166 - إذا صلى جالسا فقدر على القيام في أثناء الصلاة لم تبطل صلاته ، و به قال الشافعي ، و مالك و أبو حنيفة و أبو يوسف ، و قال محمد : تبطل صلاته بناء على أصل أبي حنيفة في العريان ، إذا قدر على الستر في حال الصلاة ، فانه تبطل صلاته عنده - دليلنا - إنا بينا أنه يجوز له الصلاة من جلوس مع العجز ، فإذا زال ذلك وجب عليه القيام ، لانه مأمور في الاصل ، و أما استيناف الصلاة فيحتاج إلى دليل شرعي ، و ليس في الشرع ما يدل عليه .مسألة 167 - من عجز عن القيام و عن الجلوس ، صلى مضطجعا على جانبه الايمن ، و به قال عمر بن الخطاب ، و أبو حنيفة ، و الشافعي .و من أصحاب الشافعي من قال : يستلقي على ظهره و يكون رجلاه تجاه القبلة .و عن ابن عمر ، و الثوري روايتان - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا قوله تعالى : ( الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ) قال المفسرون : أراد به الصلاة في حال المرض ، و خبر عمران بن الحصين المتقدم يدل عليه لانه قال : " إن لم تستطع جالسا فعلى جنبك " و روايات أصحابنا لا يختلف فيه .مسألة 168 - إذا تلبس بالصلاة مضطجعا ثم قدر على الجلوس أو على القيام انتقل إلى ما يقدر عليه و بني صلاته ، و به قال الشافعي ، و قال أبو حنيفة و صاحباه : انه إذا قدر على القيام أو على الجلوس بطلت صلاته ، و وافقنا أبو حنيفة في الجالس إذا قدر على القيام - دليلنا - ما قدمناه في المسألة التي تقدمت من أن استيناف الصلاة يحتاج إلى دليل شرعي و ليس في الشرع ما يدل على ذلك .و الاخبار التي رويت في جواز صلاة من ذكرناه ليس في شيء منها أنه يجب عليه الاستيناف .
(139)
فى صلاة من به رمد
صلاة من به رمد مسألة 169 - من كان به رمد ، فقال أهل المعرفة بالطب : ان صليت قائما زاد في مرضك و ان صليت مستلقيا رجونا أن تبرء ، جاز أن يصلي مستلقيا ، و به قال الثوري و أبو حنيفة ، و الشافعي .و قال مالك و الاوزاعي : لا يجوز ذلك - دليلنا - قوله تعالى : " ما جعل عليكم في الدين من حرج " و أيضا روى سماعة بن مهران قال : سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء ، فينزع الماء منها ، فيستلقي على ظهره الايام الكثيرة ، أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة إلا إيماء ، و هو على حاله فقال : " لا بأس بذلك ، و ليس شيء مما حرم الله تعالى إلا و قد أحله لمن اضطر إليه " .مسألة 170 - إذا قرء المصلي آية رحمة ، يستحب له أن يسئل الله تعالى ، أو آية عذاب أن يستعيذ به ، و به قال الشافعي ، و قال أبو حنيفة : يكره ذلك لانه موضع قرائة - دليلنا - إجماع الفرقة ، و قوله تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) و قوله : ( ادعوني استجب لكم ) و لم يستثن حالا دون حال .و رواياتنا في ذلك أكثر من أن تحصى .و روى حذيفة بن اليمان قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و آله فقرء سورة البقرة ، فما مر بآية رحمة إلا سألها الله ، و لا بآية عذاب إلا استعاذ منها ، ثم قرء سورة آل عمران ، و سورة النساء ، و فعل مثل ذلك فهممت بأمر سوء فقيل له : ما هو ؟ قال : أردت أن أقطع الصلوة ، و هذا نص .مسألة 171 - لا يجوز للرجل أن يصلي و امرئة تصلي إلى جانبه أو قدامه ، فان صلت خلفه جاز و إن كانت قاعدة بين يديه أو بجنبه لا تصلي جازت صلاته أيضا ، و متى صلى وصلت إلى جانبه أو قدامه بطلت صلوتهما معا ، اشتركا في الصلوة أو اختلفا .و قال الشافعي : ذلك مكروه و لا تبطل الصلوة .و اختاره المرتضى من أصحابنا .و قال أبو حنيفة : ينظر ، فان وقفت إلى جانبه أو أمامه و لم تكن المرئة في الصلاة ، أو كانا في الصلاة لكن لم يشتركا فيها لا تبطل صلاة واحد منهما ، و اشتراكهما في الصلاة عنده أن ينوي الامام إمامتها .و إن كانا في الصلوة يشتركان فيها نظرت ، فان وقفت بين رجلين بطلت صلوة من إلى جانبيها و لم تبطل صلوة من إلى جانبيهما لانهما حجزا بينها و بينه .و إن وقفت إلى جانب الامام بطلت صلاة الامام ، فإذا بطلت صلاته بطلت صلوتها و صلوة كل الجماعة ، لان عنده ان صلوة الجماعة تبطل ببطلان صلوة الامام .قال : فان صلت أمام الرجال بطلت صلوة من يحاذيها ، من وراها و لم تبطل صلوة من يحاذي من