يحاذيها و هذه المسألة يسمونهامسألة المحاذات .أللهم إلا أن يكون الصف الاول يشاكلها فانه يبطل صلاة أهل الصف الاول ، و القياس أن لا تبطل صلاة أهل الصف الثاني و الثالث لكن صلوة أهل الصفوف كلها تبطل استحسانا .و تحقيق الخلاف بين أبي حنيفة و الشافعي ، انه إذا خالف سنة الموقف فعند الشافعي لا تبطل الصلاة و عند أبي حنيفة تبطلها ، و عند الشافعي ان المخالفة منهما و عند أبي حنيفة من الرجل دونها فلهذا بطلت صلوته دونها - دليلنا إجماع الفرقة ، و أيضا الذمة مشغولة بالصلاة ، فلا تبرء إلا بيقين ، و إذا صلينا على هذا الوجه فلا تبرء بيقين .و روى أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سأله عن الرجل و المرئة يصليان جميعا في بيت المرئة عن يمين الرجل بحذاه ؟ قال : " لا ، حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه " .و روى عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه السلام : قال انه سئل عن الرجل له أن يصلي و بين يديه إمرئة تصلي ؟ قال : " لا يصلي حتى يجعل بينه و بينها أكثر من عشرة أذرع ، و إن كانت عن يمينه أو عن يساره جعل بينه و بينها مثل ذلك ، فان كانت تصلي خلفه فلا بأس و إن كانت تصيب ثوبه ، و إن كانت المرئة قاعدة أو نائمة أو قائمة في الصلاة فلا بأس حيث كانت " .و روى مثل ذلك جماعة عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام .و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال : " أخروهن من حيث أخرهن الله " .فأمر بتأخيرهن ، فمن خالف ذلك وجب أن تبطل صلاته .مسألة 172 - إذا أحرمت المرئة خلف الرجل صح إحرامها و إن لم ينو الامام إمامتها .و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : لا يصح اقتدائها بالامام إلا أن ينوي الامام إمامتها دليلنا - قوله عليه السلام : " إنما جعل الامام إماما ليؤتم به " و لم يشترط نية الامام فيه .و أيضا الاصل جوازه ، و شرط ذلك يحتاج إلى دليل .مسألة 173 - سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون مستحب إلا أربع مواضع فانها فرض و هي : سورة السجدة و حم السجدة ، و النجم ، و اقرء بإسم ربك ، و ما عداه فمندوب للقاري و المستمع .و قال الشافعي : الكل مسنون و به قال عمر ، و ابن عباس ، و مالك ، و الاوزاعي ، و قال أبو حنيفة : الكل واجب على القاري و المستمع - دليلنا - إجماع الفرقة ، فانهم لا يختلفون في ذلك ، و أيضا فالأَربعة مواضع التي ذكرناها تتضمن فيها الامر بالسجود ، و ذلك يقتضي الوجوب ، و ما عداها ليس في ظاهرها أمر به ، و الاصل برائة الذمة .و روي عن علي عليه الصلاة و السلام انه قال : " عزائم السجود أربع " و قوله : " عزائم " عبارة عن الواجب .و روى أبو بصير قال : قال
(141)
أبو عبد الله عليه السلام : " إذا قرء شيء من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد ، و إن كنت على وضوء ، و إن كنت جنبا ، و إن كانت المرئة لا تصلي ، و سائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت و إن شئت لم تسجد " .مسألة 174 - لا يجوز قرائة العزائم الاربع في الفرائض ، و خالف جميع الفقهاء في ذلك - دليلنا - إجماع الفرقة و أخبارهم ، و أيضا ، الذمة مشغولة بالصلوة بيقين ، و لا تبرء إلا بيقين مثله ، و هو أن يقرء العزائم .و روى زرارة عن أحدهما عليه السلام قال : " لا يقرء في المكتوبة شيء من العزائم ، فان السجود زيادة في المكتوبة " .و روى سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " لا تقرء إقرء بإسم ربك في الفريضة و اقرء في التطوع " مسألة 175 - من لا يحسن القرائة ظاهرا ، جاز له أن يقرء في المصحف ، و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : ذلك يبطل الصلاة - دليلنا - إجماع الفرقة و أخبارهم ، و أيضا قوله تعالى : " فاقرؤا ما تيسر من القرآن ، فاقرؤا ما تيسر منه " و لم يفرق مسألة 176 - سجدات القرآن خمسة عشر موضعا أربعة منها فرص على ما قلناه ، تفصيلها : أولها في آخر الاعراف ، و في الرعد ، و في النحل ، و في بني إسرائيل ، و في مريم و في الحج سجدتان ، و في الفرقان و زادهم نفورا ( 1 ) و في النمل ، و في آلم تنزيل ، و في ص ، و في حم السجدة ، و في النجم ، و في انشقت ، و في اخر اقرء بإسم ربك ، و قد بينا الفرض منها ، و به قال أبو إسحاق و أبو العباس بن سربج .و قال الشافعي في الجديد : سجود القرآن أربعة عشر كلها مسنونة و خالف في " ص " و قال انه سجود شكر لا يجوز فعله في الصلاة .و قال في القديم : أحد عشر سجدة فأسقط سجدات المفصل و هي : سجدة النجم ، و انشقت ، و اقرء بإسم ربك ، و به قال ابن عباس و أبي بن كعب و زيد ابن ثابت و سعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و الحسن البصري و مجاهد و مالك .و قال أبو حنيفة : أربعة عشر سجدة فاسقط الثانية في الحج و أثبت سجدة " ص " .و روي عن علي عليه الصلوة و السلام انه قال : عزائم السجود أربع في المواضع التي ذكرناها و هذا لا ينافي ما قدمنا ذكره عن أصحابنا لان العزائم أراد بها الفرائض - دليلنا - إجماع الفرقة فانهم لا يختلفون في ذلك و أيضا فانه إجماع الامة إلا في موضعين في " ص " و في الثانية من الحج و نحن ندل على ذلك .و يدل على المواضع كلها ، قوله : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا " فأمر بالسجود فينبغي أن يكون محمولا على عمومه و على الوجوب إلا ما أخرجه الدليل .و روى عقبة بن
(142)
عامر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و آله في الحج سجدتان فقال : نعم من لم يسجدهما فلا يقرئهما و هذا نص .و روي عن عمرو بن العاص قال : أقراني رسول الله صلى الله و آله خمس عشر سجدة ثلاث في المفصل و سجدتان في الحج .فأما سجدة " ص " فقد روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و آله سجد في ص و قرء أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده ، يعني هدى الله داود و أمر النبي صلى الله عليه و آله أن يقتدى به و روي عن أبي سعيد الخدري قال : قرء رسول الله صلى الله عليه و آله على المنبر صلى الله عليه و آله فلما بلغ السجدة نزل فسجد و سجد الناس معه فلما كان في الجمعة الثانية قرأها فتشرف الناس للسجود فنزل و سجد و سجد الناس معه و قال : " لم أرد أن أسجدها فانها توبة نبي و إنما سجدت لاني رأيتكم تشرفتم للسجود " و تشرفتم أي تهيأتم ، و قوله : " لم أرد أن أسجد " يدل على أنه ليس بواجب على ما قدمنا القول فيه .مسألة 177 - موضع السجود في حم السجدة عند قوله : ( و اسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) و به قال عمر ( ابن عمرو خ د ) و مالك ، و الليث بن سعد و إليه ذهب أبو عمرو بن العلا من القراء .و قال الشافعي عند قوله : ( و هم لا يسأمون ) و به قال ابن عباس ، و الثوري ، و أهل الكوفة - دليلنا - إجماع الفرقة فانهم لا يختلفون فيه ، و رواياتهم لا تختلف ، و أيضا قوله تعالى : " و اسجدوا لله الذي خلقهن " و هذا أمر ، و الامر يقتضي الفور عندنا ، و ذلك يوجب السجود عقيب الآية .مسألة 178 - قد بينا أن العزائم لا تقرء في الفرائض ، و يجوز قرأتها في النوافل ، و يسجد و ( اما خ د ) ما عد العزائم يجوز أن يقرء في الفرائض أنه لا يسجد فيها ، فان قرئها في النوافل جاز أن يسجد ، و إن لم يسجد جاز .و قال الشافعي : لا يكره السجود في التلاوة في الصلاة في شيء من الصلوات جهر بالقرائة أو لم يجهر .و قال مالك يكره ذلك على كل حال .و قال أبو حنيفة يكره فيما يسر فيه بالقرائة ، و لا يكره فيما يجهر بها و لم بفصل واحد منهم - دليلنا - إجماع الفرقة ، فانهم لا يختلفون في ذلك و قد قدمنا خبر زرارة و سماعة في ذلك .مسألة 179 - سجود العزائم واجب على القاري و المستمع ، و مستحب للسامع ، و ما عداها مستحب للجميع .و قال الشافعي : سجود التلاوة مسنون في حق التالي و المستمع دون السامع ، بناء على أصله أنه مسنون .و قال أبو حنيفة : انه واجب على التالي المستمع و السامع ، فإذا طرق سمعه قرائة قاري موضعها وجب عليه أن يسجدها - دليلنا - إجماع الفرقة فانهم لا يختلفون فيه .و روى عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسمع
(143)
السجدة تقرء ؟ قال : " لا يسجد إلا أن يكون منصتا مستمعا لها أو يصلي بصلاة ، و اما ان يكون يصلي في ناحية و أنت في ناحية فلا تسجد لما سمعت " .مسألة 180 - سجود التلاوة يجوز فعلها في جميع الاوقات و إن كانت مكروهة الصلاة فيها ، و به قال الشافعي ، و هي خمسة أوقات سيجئ بيانها فيما بعد .و قال مالك : منهى في هذه الاوقات ، فلا تصلي فيها صلاة بحال ، و كذلك سجود التلاوة .و قال أبو حنيفة : ما نهي عن الصلوة فيه لاجل الوقت فلا صلوة فيها بحال ، و هو حين طلوع الشمس ، و حين الزوال ، و حين الغروب ، و ما نهي عنها فيه لاجل الفعل ، فلا صلاة فيها بحال إلا عصر يومه ، و هو بعد الصبح ، و بعد العصر و كذلك السجود - دليلنا - إجماع الفرقة و عموم الاخبار ، و الامر بالسجود و لم يفصلوا بين الاوقات ، و لان الاصل السجود في الاوقات كلها لاط لان الامر ، و المنع يحتاج إلى دليل .مسألة 181 - سجدة التلاوة ليست بصلاة ، فان سجدها في الصلوة سجد من تكبير ، و إذا رفع رأسه كبر ، و ليس عليه تشهد و لا تسليم و لا تكبيرة إحرام ، و إن كان في صلاة يجوز له أن يقرء فيها سجد مثل ذلك ، و قام و كبر و بني على القرائة ، و يستقبل القبلة مع الامكان و ان صلى و لم يسجد وجب عليه فضأ الفرض منه ، و يستحب قضأ النوافل .و قال الشافعي : إن كان في الصلاة كبر و سجد و قام فكبر و بني على القرائة ، قاله في الام .و قال ابن أبي هريرة : يسجد من تكبير و يرفع بغير تكبير .و إن كان في الصلوة .قال أبو إسحاق يكبر تكبيرة للاحرام و أخرى للسجود .و قال الترمذي يكبر للسجود لا .و قال أبو حامد بقول أبي إسحاق و قال : إن كبر تكبيرة واحدة لهما لم يجزه و يعيد السجود ، فإذا رفع رأسه رفعه بتكبيرة .و أما التشهد قال في البويطي : لا تشهد فيها و لا تسليم ، و اختلف أصحابه على ثلثة أوجه : منهم من نفى التشهد و التسليم ، و منهم من قال : يفتقر إلى تشهد و سلام ، و قال أبو العباس ، و أبو إسحق ، و غيرهما : يفتقر إلى سلام و لا يفتقر إلى تشهد .قال أبو حامد : و هو أصح الاقوال .و اما استقبال القبلة ، قالوا : فالحكم فيه كالحكم في صلاة النافلة حرفا بحرف ، و متى لم يسجد وفاته لم يستحب له إعادة ( إعادتها خ د ) - دليلنا - الاصل برائة الذمة و من أوجب التشهد و التسليم مع السجود يحتاج إلى دليل ، و ليس في الشرع ما يدل عليه ، و ليس الامر بالسجود أمرا بالتكبير ، فمن جمع بينهما كان قائسا ، و القياس لا يجوز عندنا .و أما القضاء
(144)
فان ذمته قد تعلقت بفرض أو سنة و لا بترء إلا بقضائه فعليه القضاء .و روى محمد بن مسلم عن أحد هما عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقرء السجدة فينسيها حتى يركع و يسجد ؟ قال : " يسجد إذا ذكره إذا كانت من العزائم " .مسألة 182 - سجدة الشكر مستحبة عند تجديد نعم الله تعالى ، أو دفع البلايا و أعقاب الصلوات ، و به قال الشافعي ، و الليث بن سعد ، و أحمد ، و محمد بن الحسن ، أن محمدا كان يقول : لا بأس ، وكلهم قالوا في جميع المواضع و لم يخصوا عقيب الصلوات بالذكر .و قال مالك مكروه و عن أبي حنيفة روايتان إحديهما : مكروه مثل قول مالك ، و الثانية : ليست بشيء يعني ليست مشروعة دليلنا إجماع الفرقة ، و أيضا قوله تعالى : ( اركعوا و اسجدوا ) و هذا عام في جميع المواضع ، و أيضا عموم أخبارنا بسجدة الشكر يدل على ذلك .و روى أبو بكر قال : كان رسول الله صلى الله عليه و آله إذا جاء شيء يسره خر ساجدا و هذا عام .و روى عبد الرحمن بن عوف قال : سجد رسول الله صلى الله عليه و آله فأطال السجود ، فقلنا له : لم سجدت فاطلت السجود ؟ قال : " نعم ، أتاني جبرائيل فقال : من صلى عليك مرة صلى الله عليه عشرا فخررت ساجدا شكرا لله تعالى " .و روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه لما أتي برأس أبي جهل سجد شكرا لله تعالى .و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه رأى نعاسيا فسجد nو النعاسي القصير الردي من الرجال .و روي عن علي عليه الصلاة و السلام انه لما كان يوم النهروان قال : أطلبوا ذا الثدية فطلبوه فلم يجدوه فجعل يعرق جبينيه و هو يقول و الله ما كذبت و لا كذبت أطلبوه ، فطلبوه فوجدوه في جدول تحت القتلى فأتي به ، فسجد لله تعالى شكرا و لا مخالف له ، و روي عن أبي بكر أنه لما بلغه فتح اليمامة و قتل مسيلمة سجد شكرا لله .و روى إسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إذا ذكرت نعمة الله عليك و كنت في موضع لا يراك أحد ، فالصق خدك بالارض ، و إذا كنت في ملاء من الناس ، فضع يدك على أسفل بطنك ، و ليكن تواضعا لله تعالى ، فان ذلك أحب ، وترى ان ذلك غمز وجدته في أسفل بطنك .و روي عن العالم عليه السلام ان أول من عفر خده في الارض موسى بن عمران عليه السلام فأوحى له عز و جل يا موسى ليس على وجه الارض إلى اليوم عبد أذل نفسا منك لي .مسألة 183 - التعفير في سجدة الشكر مستحب ، و خالفنا من وافق في سجدة الشكر - دليلنا - إجماع الفرقة ، و خبر إسحاق بن عمار الذي قدمناه تضمنه .و روى مرازم عن
(145)
فى الصلاة جوف الكعبة وفوقه
أبي عبد الله عليه السلام قال : " ان العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة " تمام الخبر ، و روى إسحاق بن عمار قال : سمعته يقول : " كان موسى بن عمران إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الايمن بالارض ، و خده الايسر بالارض " قال : و قال إسحاق رأيت من يصنع ذلك ، قال ابن سنان : يعني موسى ابن جعفر عليه السلام في الحجر ، في جوف الليل .و أخبارهم في ذلك أكثر من أن تحصى .مسألة 184 - ليس في سجدة الشكر تكبيرة الافتتاح ، و لا تكبيرة السجود ، و لا فيه تشهد ، و لا تسليم .و قال الشافعي و أصحابه : ان حكم سجدة الشكر حكم سجدة التلاوة سواء ، و قد بينا مذهبنا في ذلك ، فالكلام في المسألتين واحد .مسألة 185 - إذا مر بين يديه و هو يصلي إنسان ، رجلا كان أو إمرئة أو حمارا أو بهيمة أو كلبا أو أي شيء كان ، فلا يقطع صلاته و إن لم يكن قد نصب بين يديه شيئا ، سواء كان بالقرب منه أو بالبعد منه ، و إن كان ذلك مكروها .و به قال جميع الفقهاء ، إلا ما حكي عن الحسن البصري انه قال : إذا كان المار بين يديه كلبا أو إمرئة أو حمارا قطع الصلاة ، و به قال جماعة من أصحاب الحديث - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا قواطع الصلاة تحتاج إلى أدلة شرعية ، و ليس في الشرع ما يدل على ان هذه الاشياء تقطع الصلاة .و روى أبو الوداك ، عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " لا يقطع الصلاة شيء ، فادرؤا ما استطعتم ، فإنما هو شيطان .و روى الفضل بن العباس قال : كنا ببادية فأتانا رسول الله صلى الله عليه و آله و معه العباس ، فصلى في الصحراء ، و ليس بين يديه سترة ، و كلب و حمار لنا يعبثان بين يديه ما يأبى ذلك .و روى أبو بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " لا يقطع الصلاة شيء من كلب و لا حمار و لا إمرئة و لكن استتروا بشيء ، فان كان بين يديك قدر ذراع رافعا من الارض فقد استترت " .( الصلاة في جوف الكعبة و فرقه ) مسألة 186 - لا يجوز أن يصلي الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار ، و أما النافلة فلا بأس بها جوف الكعبة ، بل هو مرغب فيه ، و به قال مالك .و قال أبو حنيفة ، و أهل العراق ، و الشافعي : يجوز أن يصلي الفريضة جوف الكعبة .و قال محمد بن جرير الطبري لا يجوز الفريضة و لا النافلة جوف الكعبة - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا قوله تعالى : " و حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " أي نحوه ، و إنما يولي وجهه نحوه إذا كان خارجا منه ، فإذا لم يكن
(146)
خارجا منه لا يمكنه ذلك ، و إذا لم يمكنه لم تجز صلاته ، لانه ما ولي وجهه نحوه .و روى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه و آله دخل البيت و دعا و خرج ، فوقف على باب البيت وصلى ركعتين و قال : " هذه القبلة " و أشار إليها ، فثبت أنها هي القبلة ، فإذا صلى في جوفها فما صلى إلى ما أشار إليه بأنه هو القبلة .و روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال : " لا تصلى المكتوبة في الكعبة " .مسألة 187 - إذا استهدم البيت جاز للمصلي أن يصلي إلى موضع البيت .و إن صلى في جوف العرصة ، فإن وقف على طرفها حتى لا يبقى بين يديه شيء منها فلا يجوز بلا خلاف ، و إن وقف في وسطها و بين يديه شيء من عرصة البيت جازت صلاته فيما نجوزه من النافلة و الفريضة في حال الضرورة ، و به قال أبو العباس بن سريج .و قال أكثر أصحاب الشافعي أبو إسحاق المروزي و الاصطخري و غيرهما : انه لا يجوز .و هكذا الخلاف إذا صلى جوف الكعبة إلى ناحية الباب و كان الباب مفتوحا و لا عتبة له سواء - دليلنا - الاخبار التي وردت في جواز الصلاة جوف الكعبة في النوافل عامة إذا كان هناك بنيان أو لم يكن بنيان ، فوجب حملها على عمومها .مسألة 188 - إذا صلى فوق الكعبة ، صلى مستلقيا على قفاه ، متوجها إلى البيت المعمور ، و يصلي إيماء .و قال الشافعي : إن كان للسطح سترة من نفس البناء جاز أن يصلي إليها ، و إن لم يكن له سترة أو كانت من البناء مثل أن يكون آجرا معبا أو قصبا مغروزا فيه أو حبلا ممدودا عليه ازار لم يجز صلاته .و قال أبو حنيفة يجوز ذلك إذا كان بين يديه قطعة من السطح يستقبله ، فريضة كانت أو نافلة - دليلنا - إجماع الفرقة .و روى علي بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن عبد السلام ، عن الرضا عليه السلام قال في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة فقال : " ان قام لم تكن له قبلة ، و لكن يستلقي على قفاه ، و يفتح عينيه إلى السماء ، و يقصد بقلبه القبلة في السماء ، البيت المعمور و يقرء ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه ، و إذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه ، و السجود على نحو ذلك " .مسألة 189 - إذا قرء في صلاته من المصحف ، فجعل يقرء ورقة فإذا فرغ صفح أخرى و قرء لم تبطل صلاته ، و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : تبطل صلاته ، لانه تشبه بأهل الكتاب ، و هذا ممنوع منه - دليلنا - إجماع الفرقة و أيضا الاصل الاباحة ، و المنع إلى دليل