قال في الصحابة ستة : منهم عمر ، و أبو هريرة .و قال داود : يصح صيامه ، و لكن عليه القضاء .و قال أبو حنيفة و الشافعي و غيرهما : إن شاء صام ، و إن شاء أفطر ، و إن صام أجزئه - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا قوله تعالى : ( و من كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " فأوجب صوم عدة الايام بنفس السفر و المرض .و إن قالوا : معناه فأفطر .قلنا : ليس ذلك في الآية ، فمن زاد ذلك فعليه الدلالة ، و أيضا إذا ثبت ان الاتمام لا يجوز في الصلاة على كل حال ، و وجب منه الاعادة ، و لم يسمع فيه اجتهاد ثبت في الصوم لان أحدا لم يفرق .و أيضا روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : " ليس من البر الصيام في السفر " ، و في خبر آخر قال : " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " .و نستوفي هذه المسألة في كتاب الصيام .مسألة 6 - إذا نوى السفر لا يجوز أن يقصر حتى يغيب عن البنيان و يخفى عنه أذان مصره أو جدران بلده ، و به قال جميع الفقهاء .و قال عطا : إذا نوى السفر جاز له القصر و إن لم يفارق موضعه - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا الصلاة في الذمة بيقين ، و لا يجوز قصرها إلا بيقين ، و ما ادعوه ليس عليه دليل ، و ما اعتبرناه مجمع عليه .و أيضا قوله تعالى : ( و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) و هذا ما ضرب ، فلا يجوز له القصر .مسألة 7 - إذا فارق بنيان البلد جاز له القصر ( التقصير خ د ) و به قال جميع الفقهاء .و قال مجاهد : ان سافر نهارا لم يقصر حتى يمسي ، و إن سافر ليلا لم يقصر حتى يصبح - دليلنا ما قلناه في المسألة الاولى سواء .مسألة 8 - المسافر إذا نوى المقام في بلد عشرة أيام وجب عليه التمام ، و إن نوى أقل من ذلك وجب عليه التقصير ، و به قال علي عليه الصلاة و السلام و ابن عباس ، و إليه ذهب الحسن بن صالح بن حي .و قال سعيد بن جبير : ان نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوما أتم ، و عن ابن عمر ثلاث روايات : إحديها : إن نوى مقام خمسة عشر يوما أتم ، فجعل الحد خمسة عشر يوما ، و به قال الثوري ، و أبو حنيفة و أصحابه .و الثانية : قال : إن نوى مقام ثلاثة عشر يوما أتم ، و لم يقل بهذا أحد .و الثالثة : ان نوى مقام اثنى عشر يوما أتم ، و عليه استقر مذهبه ، و به قال الاوزاعي ، و قال الشافعي : ان نوى مقام أربعة سوى يوم دخوله و خروجه أتم ، و إن كان أقل قصر ، و به قال عثمان ، و سعيد بن المسيب ، و في الفقهاء مالك ، و الليث بن سعد ، و أحمد ، و إسحاق ، و أبو ثور .و قال ربيعة : ان نوى مقام يوم أتم .و قال الحسن البصري : إن دخل بلدا فوضع رحله
(204)
أتم .و قالت عائشة : متى وضع رحله أتم أي موضع كان ، فكأنها تذهب إلى التقصير ما دام لم يحط الرحل ، فمتى حط رحله أي موضع كان أتم ، و إذا كانت القافلة سائرة أو واقفة و الرحل عليها لم يحط كان له التقصير ، و إن حط لم يقصر - دليلنا - إجماع الطائفة ، و قد بينا أن إجماعها حجة ، و أيضا روى أبو بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " إذا عزم الرجل أن يقيم عشرا فليتم الصلاة ، و إن كان في شك لا يدري ما يقيم فيقول اليوم أو غدا فليقصر ما بينه و بين شهر ، فان أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتم الصلاة " .مسألة 9 - إذا قام في بلد و لا يدري كم يقيم ، له أن يقصر ما بينه و بين شهر ، فان زاد عليه وجب عليه التمام .و قال الشافعي : له أن يقصر إذا لم يعزم على مقام شيء بعينه ما بينه و بين ستة ( سبعة خ د ) عشر يوما ، فإن زاد على ذلك كان على قولين : أحدهما انه يقصر أبدا ، و الثاني انه يتم .و قال أبو إسحاق : يقصر ما بينه و بين أربعة أيام ، فإن زاد على ذلك كان على قولين : أحدهما يتم ، و الثاني : يقصر أبدا إلى يعزم أربعة أيام .و قال أبو حنيفة : له أن يقصر أبدا إلى أن يعزم ما يجب معه التمام - دليلنا - إجماع الفرقة ، فانهم لا يختلفون فيه ، و حديث أبي بصير في المسألة الاولى تضمن ذلك صريحا ، فلا وجه لاعادته .مسألة 10 - إذا حاضر الامام ( حاصر خ د ) بلدا و عزم على أن يقيم شهرا وجب عليه و على من علق عزمه بعزمه التمام ، و للشافعي فيه قولان : أحدهما مثل قولنا ، و الآخر أن عليه التقصير أبدا ، و به قال أبو حنيفة ، و اختاره المزني - دليلنا - إجماع الفرقة ، لان الاخبار التي وردت في أن من عزم على المقام عشرة أيام وجب عليه التمام عامة في المحارب و غيره ، فوجب حملها على العموم ، و أيضا قوله تعالى : " و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا " .و هذا ليس بضارب ، فوجب أن لا يجوز له التقصير ، و لا يلزمنا فيمن لم يعزم ، لانا لو خلينا و الظاهر لقلنا بذلك ، لكن خصصناه بدليل .مسألة 11 - البدوي الذي ليس له دار مقام و إنما هو سيار ينتقل من موضع إلى موضع طلبا للمرعى و الخصب ، و يتبع مواضع القطر يجب عليه التمام .و قال الشافعي : إذا سار سفرا يقصر في مثله قصر - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا روى إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن علي عليه الصلاة السلام قال : " سبعة لا يقصرون الصلاة : الامير الذي يدور في امارته ، و الجابي الذي يدور في جبايته ، و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، و البدوي الذي يطلب مواضع القطر و منبت الشجر ، و الراعي ، و المحارب الذي يخرج
(205)
لقطع السبل ، و الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا " .مسألة 12 - يستحب الاتمام في أربعة مواضع : مكة ، و المدينة ، و مسجد الكوفة ، و الحائر على ساكنه السلام ، و لم يخص أحد من الفقهاء موضعا باستحباب الاتمام فيه - دليلنا - إجماع الفرقة المحقة ، و قد أوردنا من الاخبار ما فيه كفاية في كتاب " تهذيب الاحكام " ، و روى حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن : حرم الله ، و حرم رسول الله صلى الله عليه و آله ، و حرم أمير المؤمنين عليه السلام ، و حرم الحسين بن علي عليه السلام " ، و روى زياد القندي قال : قال أبو الحسن عليه السلام : " يا زياد أحب لك ما أحبه لنفسي و أكره لك ما أكرهه لنفسي ، أتم الصلاة بالحرمين ، و بالكوفة ، و عند قبر الحسين عليه الصلاة و السلام " .مسألة 13 - الوالي الذي يدور في ولايته يجب عليه التمام .و قال الشافعي : إذا إجتاز بموضع ولايته وجب عليه التقصير ، و إذا دخل بلد ولايته بنية الاستيطان بها و المقام أتم - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا خبر السكوني الذي قدمناه صريح في ذلك .و الاخبار في هذا المعنى أوردناها في الكتاب الكبير .مسألة 14 - إذا خرج إلى السفر و قد دخل الوقت ، إلا أنه مضى مقدار ما يصلي فيه الفرض أربع ركعات جاز له التقصير ، و يستحب له الاتمام .و قال الشافعي : إن سافر بعد دخول الوقت ، فان كان مضى مقدار ما يمكنه أن يصلي فيه أربعا كان له التقصير .قال : ( كان هنا سقطا ) و هذا قولنا و قول الجماعة إلا المزني فانه قال : عليه الاتمام و لا يجوز له التقصير - دليلنا - قوله تعالى : ( و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناج أن تقصروا من الصلاة ) و لم يخص ، و هذا ضارب ، فيجب أن يجوز له التقصير ، و أيضا فقد ثبت أن الوقت ممتد ، و إذا لم يفت الوقت جاز له التقصير ، و روى إسماعيل بن جابر قال : قلت لابيعبد الله عليه السلام : يدخل علي وقت ابن و أنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي ؟ قال : " صل و أتم الصلاة " قلت : يدخل علي وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج قال : " صل و قصر فان لم تفعل فقد و الله خالفت رسول الله صلى الله عليه و آله " فاما ( و أما خ د ) الاستحباب الذي قلناه فلما رواه بشير النبال قال : خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام حتى أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله عليه السلام : " يا نبال قلت : لبيك قال : انه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيري و غيرك و ذالك أنه دخل وقت الصلاة قبل
(206)
أن نخرج " ، فلما اختلفت الاخبار حملنا الاول على الاجزاء ، و هذا على الاستحباب .مسألة 15 - إذا سافر و قد بقي من الوقت ما يمكنه أن يصلي فيه أربع ركعات ، فالحكم فيه مثل الحكم في المسألة الاولى ، و به قال الجميع .و قال المزني : ليس له التقصير ، و تابعه أبو الطيب بن سلمة - دليلنا - على ذلك : ما قدمناه في المسألة الاولى .مسألة 16 - إذا بقي من الوقت ما يمكن أن يصلي فيه ركعة أو ركعتين فيه خلاف بين أصحابنا ، منهم من يقول : أن الصلاة تكون أداء ، و منهم من يقول : أن بعضها أداء و بعضها قضأ .و الاول أظهر .فعلى هذا إذا سافر في هذا الوقت وجب عليه التقصير ، لانه لحق الوقت و هو مسافر ، و على الوجه الآخر لا يجوز له التقصير لانه مؤد لجميع الصلاة في الوقت .و اختلف أصحاب الشافعي مثل ما قلناه فقال ابن خيران : ان الكل أداء ، فعلى هذا قالوا له التقصير ، و قال أبو إسحاق و غيره : بعضها قضأ و بعضها أداء ، فعلى هذا لا يجوز له التقصير - دليلنا على ما اخترناه قوله تعالى : ( و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) و هذا ضارب في الارض فيجب عليه التقصير ، و أيضا قد بينا فيما مضى أن من لحق ركعة في الوقت لحق الوقت ، و إذا ثبت ذلك جاز له التقصير على ما بيناه .مسألة 17 - القصر لا يحتاج إلى نية القصر ، بل يكفي فيه فرض الوقت ، و به قال أبو حنيفة ، و قال الشافعي : لا يجوز القصر إلا بثلاثة شروط : أن يكون سفرا يقصر فيه الصلاة ، و أن ينوي القصر مع الاحرام ، و أن تكون الصلاة أداء لا قضأ .فان لم ينو القصر مع الاحرام لم يجز له القصر .و قال المزني : إن نوى القصر قبل السلام جاز له القصر - دليلنا - انه قد ثبت بما دللنا عليه ان فرضه التقصير ، و إذا ثبت ذلك لم يحتج إلى نية القصر ، و يكفي أن ينوي فرض الوقت ، فان فرض الوقت لا يكون إلا مقصورا .و أيضا الاصل برائة الذمة ، فمن أوجب عليها هذه النية فعليه الدلالة .مسألة 18 - إذا أحرم المسافر بالظهر بنية مطلقة أو بنية التمام من أن ينوي المقام عشرا لم يلزمه ، و وجب عليه التقصير .و قال جميع أصحاب الشافعي انه يلزمه التمام .دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا بينا ان فرض المسافر التقصير ، فإذا نوى التمام من مقام عشرة أيام فقد نوى ما هو فرضه فلم يجزه .و أيضا فقد اتفقنا على أن له التقصير قبل هذه النية ،
(207)
فمن أدعى وجوب التمام عند حدوثها فعليه الدلالة .مسألة 19 - إذا صلى بينة التمام ، أو بنية مطلقة من أن يعزم المقام عشرة أيام ، ثم أفسد صلاته ، لم يجب عليه إعادتها على التمام .و قال جميع أصحاب الشافعي : يلزمه إعادتها على التمام .و قال المزني : هو بالخيار بين التقصير و التمام - دليلنا - ان هذه المسألة فرع على المسألة التي قبلها ، فإذا ثبت تلك ثبت هذه ، لان أحدا لا يفرق بينهما .مسألة 20 - إذا أحرم المسافر خلف المقيم لا يلزمه التمام ، بل عليه التقصير ، فإذا صلى لنفسه فرضه سلم ، سواء أدركه في أول صلاته ، .أو في آخرها و قال كل من جعل المسافر بالخيار بين التقصير و التمام و من أوجب عليه التقصير : انه يلزمه التمام سواء أدركه في أول الصلاة أو في آخرها ، إلا الشعبي و طاووس فانهما قالا : له القصر و إن كان إمامه متما .و قال مالك : ان أدرك معه ركعة أتم ، و إن كان أقل منها كان له القصر - دليلنا - قوله تعالى : ( إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " و هذا ضارب في الارض .و أيضا فقد بينا ان فرض المسافر القصر ، و لا يلزمه التمام إلا مع نية المقام عشرا ، و هذا لم ينو المقام عشرا ، فلا يلزمه التمام .مسألة 21 - من ترك صلاة في السفر ثم ذكرها في الحضر قضاها صلاة المسافر .و للشافعي فيه قولان : قال في الام : عليه الاتمام ، و به قال الاوزاعي .و قال في الاملاء : له القصر ، و به قال مالك و أبو حنيفة ، أنهما قالا : التقصير حتم و عزيمة مثل قولنا - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا فان القضاء تابع للمقضي و يجب مثله في صورته و كيفيته ، و إذا بينا أن فرض المسافر القصر فالقضاء مثله .و أيضا فان أحدا لم يفرق بين المسألتين .و أيضا روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " فذلك وقتها و قوله : " فليصلها " فالهاء كناية عن للتي تركها ، و اللتي تركها ركعتان .و روى زرارة قال : قلت له عليه السلام : رجل فاتته صلاة في السفر فذكرها في الحضر ؟ قال : " يقضي ما فاته كما فاته ، ان كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها ، و إن كانت صلاة الحضر فليقضها في السفر صلاة الحضر " .مسألة 22 - إذا ترك الصلاة في السفر فذكرها في سفر قضاها صلاة السفر سواء كان ذلك السفر أو غيره .و للشافعي فيه قولان : أحدهما مثل قولنا و الآخر : أنه يقضيها صلاة
(208)
المقيم ، فالمسألة مشهورة بالقولين - دليلنا - ما ذكرناه في المسألة الاولى سواء ، و أيضا فإذا ثبت أنه يلزمه القصر في الحضر فكذلك في السفر ، لان أحدا لم يفرق .مسألة 23 - إذا دخل المسافر في الصلاة بنية القصر ، ثم عن له نية المقام و قد صلى ركعة تمم صلاة المقيم و لا يبطل ما صلى بل يبني عليه ، و به قال الشافعي ، و قال مالك : إن كان صلى ركعة أضاف إليها أخرى و صارت الصلاة نافلة - دليلنا - ما رويناه من أن من نوى المقام عشرا كان عليه التمام ، و لم يفرقوا بين من يكون صلى بعض الصلاة و بين من لم يصل شيئا أصلا ، فوجب حملها على عمومها .مسألة 24 - إذا نوى في خلال الصلاة التمام لزمه التمام على ما قلناه ، فان كان إماما تمم صلاته ، و المأمومون إن كانوا مسافرين كان عليهم التقصير و لا يلزمهم التمام ، و به قال مالك .و قال الشافعي : يلزمهم التمام - دليلنا - ما قدمناه من أنه يجوز للمسافر أن يصلي خلف المقيم و لا يلزمه التمام ، و الشافعي إنما بناه على أصله في أن المسافر إذا صلى خلف المقيم لزمه التمام ، و قد بينا فساده ، فالكلام على المسئلتين واحد .مسألة 25 - إذا أحرم مسافر بمسافرين و مقيمين فأحدث الامام فاستخلف مقيما أتم و لا يلزم من خلفه من المسافرين الاتمام ، و به قال أبو حنيفة .و قال الشافعي : يلزمهم التمام .- دليلنا - ما قلناه في المسألة الاولى ، فان هذه فرع عليها .مسألة 26 - من صلى في السفينة و أمكنه أن يصلي قائما وجب عليه القيام ، واقفة كانت السفينة أو سائرة ، و به قال الشافعي و أبو يوسف و محمد .و قال أبو حنيفة : هو بالخيار بين أن يصلي قائما أو قاعدا - دليلنا - أنه لا خلاف أن فرض الصلاة قائما ، فمن إدعى سقوط القيام في هذه الحال فعليه الدلالة ، و أيضا روى عمران بن الحصين ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " صل قائما فان لم تستطع فجالسا ، فان لم تستطع فعلى جنب " و لم يفرق .مسألة 27 - إن أحرم المسافر خلف مقيم عالما به أو ظانا له أو لا يعلم حاله نوى لنفسه التقصير ، و كذلك ان نوى خلف مسافر عالما بحاله أو ظانا لسفره لزمه التقصير في الاحوال كلها .و قال الشافعي في المسائل كلها : يلزمه التمام ، و إن بان له أنه كان مسافرا و قصر الامام لزم المأموم التمام ، و إن علمه مسافرا أو غلب على ظنه ذلك نوى القصر ، فان سلم في الركعتين تبعه ، و إن صلى أربعا تماما فعليه الاتمام ، و إن أحدث الامام و انصرف ، فان أخبر أنه نوى
(209)
القصر أو التمام عمل على ما أخبر ، و إن لم يخبر أنه عاد فصلى ركعتين أو أربعا علم على ما شاهد ، فان قصر قصر ، و إن أتم فعليه التمام .و اختلف أصحابه فقال أبو إسحاق : عليه الاتمام ، و قال أبو العباس : له القصر أنه قال : ان أحدث المأموم فخرج فتوضأ لزمه التمام لانه خفي عليه حال الامام - دليلنا - ما قدمناه من أن المسافر إذا صلى خلف مقيم لم يلزمه التمام ، و هذه المسائل فرعها الشافعي و أصحابه على أصلهم ، أن المسافر إذا صلى خلف مقيم كان عليه التمام ، و قد أبطلناه .مسألة 28 - إذا سافر إلى بلد له طريقان أحدهما يجب فيه التقصير ، و الآخر لا يجب فيه التقصير ، فقصد الابعد لغرض أو لغير غرض كان عليه التقصير .و قال الشافعي : ان قصد ( سلك خ د ) الابعد لغرض صحيح ديني أو دنيوي كان له التقصير ، و إن كان لغير غرض فيه قولان : أحدهما : ليس له التقصير ، و قال في الام و القديم : له القصر ، و به قال أبو حنيفة ، و هو اختيار المزني مثل ما قلناه - دليلنا - كل ما دل على وجوب القصر في السفر إذا كان مباحا أو طاعة يتناول هذا الموضع لانه على عمومه مثل قوله تعالى : " و إذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناج أن تقصروا من الصلاة " و هذا ضارب و لم يفصل ، و كذلك عموم الاخبار .مسألة 29 - إذا صلى المسافر بنية القصر ، فسهى ، فصلى أربعا ، فان كان الوقت باقيا كان عليه الاعادة ، و إن خرج الوقت لا إعادة عليه ، و قال الشافعي : هو كمن صلى الفجر أربعا ساهيا إن ذكر قبل التسليم سجد للسهو ، و إن لم يذكر إلا بعد السلام ، فان تطاول فعلى قولين ، و إن لم يتطاول سجد للسهو - دليلنا - إجماع الفرقة و روى عيص بن القسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل صلى و هو مسافر فأتم قال : " إن كان في الوقت فليعد ، و إن كان الوقت قد مضى فلا " .و أيضا الذمة مشغولة بيقين ، فلا تبرء إلا بيقين ، و ليس هيهنا يقين إذا سجد سجدتي السهو و لم يعد .مسألة 30 - المسافر تسقط عنه نوافل النهار ، و لا تسقط عنه نوافل الليل .و قال الشافعي : يجوز أن لا يتنفل و لم يميز .و في الناس من قال : ليس له أن يتنفل أصلا - دليلنا - إجماع الفرقة و أيضا روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه كان يوتر على الراحلة في السفر ، و انه كان يتنفل على الراحلة في السفر حيث ما توجهت به راحلته .مسألة 31 - المسافر في معصية لا يجوز له أن يقصر ، مثل أن يخرج لقطع طريق ، أو لسعاية