فى الدم المعفو عنه فى الصلاة ومالا عفو عنه
بن علي الحلبي ، و علي بن جعفر .و قد رووا أنه يصلي فيه ثم يعيد الصلاة فيما بعد ، روى ذلك عمار الساباطي ، و قد بينا الوجه في هذه الاخبار ، و قلنا : إنما يجوز له أن يصلي فيه إذا خاف على نفسه من البرد ، فانه يصلي فيه و يعيد ، و نكون قد جمعنا بين الاخبار .في الدم المعفو عنه في الصلاة و ما لا عفو عنه مسألة 219 - دم ما ليس له نفس سائلة طاهر و لا ينجس بالموت ، و كذلك دم السمك ، و دم البق ، و البراغيث ، و القمل ، و به قال أبو حنيفة .و قال الشافعي : هو نجس - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا فان النجاسة حكم شرعي و لا دلالة في الشرع على نجاسة هذه الدماء ، و روى الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة قال : " لا و إن كثر " .مسألة 220 - جميع النجاسات يجب إزالتها عن الثياب و البدن ، قليلا كان أو كثيرا ، إلا الدم فان له ثلاثة أحوال : دم البق و دم البراغيث و دم السمك و ما لا نفس له سائلة و دم الجراح اللازمة لا بأس بقليله و كثيره ، و دم الحيض و الاستحاضة و النفاس لا تجوز الصلاة في قليله و لا كثيره ، و دم الفصاد و الرعاف و ما يجري مجراه من دماء الحيوان الذي له نفس سائلة ، نظر ، فان بلغ مقدار الدرهم ، و هو المضروب من درهم و ثلث فصاعدا وجب إزالته ، و إن كان أقل من ذلك لم يجب ذلك فيه .و قال الشافعي : النجاسات كلها حكمها حكم واحد ، فانها تجب إزالتها قليلة و كثيرة إلا ما هو معفو عنه من دم البق و البراغيث ، فان تفاحش وجب إزالته .و قال أبو حنيفة : النجاسات كلها يراعى فيها مقدار الدرهم فإذا زاد وجب إزالتها ، و الدرهم هو البغلي الواسع ، و إن لم يزد عليه فهو معفو عنه .و قال مالك و أحمد : و إن كان متفاحشا فغير معفو عنه ، و إن لم يكن متفاحشا فهو معفو عنه ، و قال أحمد : المتفاحش شبر في شبر ، و قال مالك : المتفاحش نصف الثوب .و قال النخعي و الاوزاعي : قدر الدرهم معفو عنه ، و إن كان دونه فمعفو عنه ، فهما جعلا قدر الدرهم في حد الكثرة ، و أبو حنيفة جعله في حد القلة - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا طريقة الاحتياط ، فان من أزال القليل و الكثير كانت صلاته ماضية بلا خلاف ، و إذا لم يزل ففيه خلاف ، و لا يلزمنا مثل ذلك في مقدار الدرهم في الدم لانا أخرجنا ذلك بدليل ، و أيضا فقد علمنا حصول النجاسة و وجوب إزالتها ، و من راعي مقدارا فعليه الدلالة ، و نحن لما راعينا مقدار الدرهم فلاجل إجماع الفرقة ، و أخبار أصحابنا أكثر من أن تحصى ،فى مالاتتم فيه الصلاة
فى من يصلى ثم يرى على ثوبه او بدنه نجاسة
و قد أوردناها في الكتابين المقدم ذكرهما .و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال لاسماء في دم الحيض : " حتية ثم أقرضيه ثم اغسليه بالماء " ، و هذا أمر يقتضي الوجوب و لم يعين مقدارا .فيمن يصلي ثم يرى على ثوبه أو بدنه نجاسة مسألة 221 - إذا صلى ثم رأى على ثوبه أو بدنه نجاسة تحقق أنها كانت عليه حين الصلاة و لم يكن علم بها قبل ذلك ، اختلف أصحابنا في ذلك و اختلفت رواياتهم .فمنهم من قال : يجب عليه الاعادة على كل حال و به قال الشافعي : في الام و أبو قلابة ، و أحمد بن حنبل .و منهم من قال : ان علم في الوقت أعاد ، و إن لم يعلم إلا بعد خروج الوقت لم يعد ، و به قال ربيعة و مالك .و قال أصحاب مالك : كل موضع ، قال مالك : ان علم في الوقت أعاد ، و إن علم بعد الوقت لم يعد .فإنما يريد استحبابا .و منهم من قال : ان كان سبقه العلم بذلك قبل تشاغله بالصلاة أعاد على كل حال ، و إن لم يكن سبقه العلم بذلك أعاد في الوقت ، فان خرج الوقت فلا إعادة عليه ، و هذا الذي اخترناه في كتاب النهاية و به تشهد الروايات .و قال قوم : لا تجب عليه الاعادة على كل حال ، ذهب إليه الاوزاعي ، و روي ذلك عن ابن عمر ، و به قال الشافعي في القديم ، و به قال أبو حنيفة على ما حكاه عنه أبو حامد في تعليقته ، و قد بينا الكلام على اختلاف أخبارنا في الكتابين المقدم ذكرهما ، فلا وجه لاعادته .مسألة 222 - الجسم الصيقل مثل السيف و المرآة و القوارير إذ أصابة نجاسة ، فالظاهر انه لا يطهر إلا بأن يغسل بألماء ، و به قال الشافعي ، و في أصحابنا من قال : يطهر بأن يمسح ذلك منه أو يغسل بالماء ، اختاره المرتضى و لست أعرف به أثرا ، و به قال أبو حنيفة دليلنا - انا قد علمنا حصول النجاسة في هذا الجسم ، و الحكم بزوالها يحتاج إلى شرع ، و ليس في الشرع ما يدل على زوال هذا الحكم بما قالوه ، و طريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه ، لانا إذا غسلناه بالماء علمنا طهارته يقينا ، و إن لم نغسله بالماء فليس على طهارته دليل .في ما لا تتم فيه الصلاة مسألة 223 - كلما لا تتم به الصلاة منفردا لا بأس بالصلاة فيه و إن كان فيه نجاسة ، و ذلك مثل النعل ، و الخف ، و القلنسوة ، و التكة و الجورب .و خالف جميع الفقهاء في ذلك ، و قالوا : في الخف : إذا أصاب أسفله نجاسة فدلكها بالارض قبل أن تجف لا يزول حكمها ، و إن دلكهافى التطهير من بول الصبى قبل ان يأكل الطعام
فى ان عرف الجنب من حرام يحرم الصلاة فيه
لا يجوز له التحري و يصلي عريانا ، و لاصحاب الشافعي في الكمين وجهان : قال أبو العباس : يجوز التحري لانهما كالثوبين ، و قال أبو إسحاق : لا يجوز التحري لانه ثوب واحد ، فان قطع أحد الكمين جاز التحري عند الجميع من أصحابه قولا واحدا ، فأما إذا كان لم يعرف موضع النجاسة فقطعه بنصفين لم تجز الصلاة في واحد منهما و لا التحري عندهم - دليلنا - إجماع الفرقة ، و الاخبار العامة فيمن معه ثوب واحد أصابته نجاسة ، أنه لا يصلي فيه ، و يجب غسله كله ، فمن أجاز التحري فعليه الدلالة ، و أيضا الصلاة واجبة في ذمته بيقين ، و لا تبرء ذمته إلا بأن يسقطها بيقين ، و من تحرى وصلى فليس تبرء ذمته بيقين ، فوجب أن لا يجوز ذلك .مسألة 226 - إذا أصاب ثوب المرئة دم الحيض ، يستحب لها حته ثم قرضه ، ثم غسله بالماء ، فان اقتصرت على الغسل بالماء أجزئها ذلك ، و به قال جميع الفقهاء .و ذهب قوم من أهل الظاهر إلى أن الحت و القرض شرط في صحة الغسل - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا الاصل برائة الذمة و وجوب الغسل مجمع عليه ، فمن أوجب الحت و القرض فعليه الدلالة .و أيضا روت خولة بنت يسار قالت : قلت : يا رسول الله أ رأيت لو بقي أثره ؟ فقال : " الماء يكفيك و لا يضرك أثره " ، فأخبر صلى الله عليه و آله أن الماء يكفي فدل على أن ما زاد عليه ليس بواجب .في إن عرق الجنب حرام يحرم الصلاة فيه مسألة 227 - عرق الجنب إذا كانت الجنابة من حرام يحرم الصلاة فيه ، و إن كانت من حلال فلا بأس بالصلاة فيه ، و أجاز الفقهاء كلهم ذلك و لم يفصلوا - دليلنا - إجماع الفرقة ، و طريقة الاحتياط ، و الاخبار التي ذكرناها في الكتابين المقدم ذكرهما .مسألة 228 - المذي و الوذي طاهران ، لا بأس بالصلاة في ثوب أصاباه ، و كذلك البدن ، و حكم نداوة فرج المرئة مثل ذلك .و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا بنجاسته - دليلنا إجماع الفرقة ، و أيضا الاصل الطهارة ، فمن حكم في ذلك بالنجاسة فعليه الدلالة .و لاصحاب الشافعي في نداوة فرج المرئة وجهان : أحدهما مثل ما قلناه و قالوا : يجري مجرى العرق ، و الآخر يجرى مجرى الوذي و المذي - دليلنا - ما ذكرناه في طهارة المذي .في التطهير من بول الصبي قبل أن يأكل الطعام مسألة 229 - بول الصبي قبل أن يأكل الطعام يكفي أن يصب عليه الماء بمقدار ما يغمره ، و لا يجب غسله ، و من عدا الصبي من الصبية و الكبار الذين أكلوا الطعام يجب غسل أبوالهم ،فى حكم فضلات الحيوانات من المأكول وغيره
وحده أن يصب عليه الماء حتى ينزل ( يزول خ د ) عنه ، و وافقنا الشافعي في بول الصبي ، و روي ذلك عن علي عليه الصلاة و السلام ، و به قال أحمد و إسحاق ، و قال الاوزاعي و النخعي : يرش بول الآدميين كلهم قياسا على بول الصبي الذي لم بطعم ، و قال أبو حنيفة : يجب غسل جميعه ، و الصبي و الصبية سواء دليلنا - إجماع الفرقة ، و روي عن علي عليه الصلاة و السلام ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " يغسل الثوب من بول الجارية ، و ينضح بالماء من بول الغلام ما لم يطعم " .و روى الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي ؟ قال : " يصب عليه الماء ، فان كان قد أكل فاغسله " .و روى السكوني عن جعفر عن أبيه أنه قال : " ان عليا عليه السلام قال : لبن الجارية و بولها يغسل منهما الثوب قبل أن يطعم ، لان لبنها يخرج من مثانة أمها ، و لبن الغلام لا يغسل منه الثوب و لا بوله قبل أن يطعم ، لان لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين " .حكم فضلات الحيوانات و الطيور من المأكول و غير المأكول مسألة 230 - كلما يؤكل لحمه من الطيور و البهائم بوله ، و ذرقه ، و روثه ، طاهر لا ينجس منه الثوب و لا البدن ، إلا ذرق الدجاج خاصة فانه نجس .و ما لا يؤكل لحمه فبوله و روثه و ذرقه نجس لا يجوز الصلاة في قليله و لا كثيره .و ما يكره لحمه كالحمر الاهلية و البغال و الدواب فانه يكره بوله و روثه و إن لم يكن نجسا .و قال الزهري و مالك و أحمد بن حنبل : بول ما يؤكل لحمه طاهر كله ، و بول ما لا يؤكل لحمه نجس ، و قال النخعي : بول ما يؤكل لحمه و ما لا يؤكل لحمه و روثه كله نجس .و قال الشافعي : بول جميع ذلك نجس ، و كذلك روثه أمكن الاحتراز منه أو لم يمكن ، أكل لحمه أو لم يؤكل ، و به قال ابن عمر ، و حماد بن أبي سليمان .و قال أبو حنيفة و أبو يوسف : الآدميين من الحيوان اما الطائر فذرق جميعه طاهر ما يؤكل لحمه و لما لا يؤكل إلا الدجاج فان ذرقه نجس ، و قال محمد : ما يؤكل لحمه روثه طاهر إلا الدجاج فان ذرقه نجس ، و ما لا يؤكل لحمه فذرقه نجس إلا الخشاف ، فليس يختلفون في ذرق الخشاف و الدجاج ، و اما الطائر فروثه كله نجس عندهم جميعا إلا زفر فانه قال : ما يؤكل لحمه فروثه طاهر ، و ما لا يؤكل لحمه روثه نجس ، و أما أبوالها فقال أبو حنيفة و أبو يوسف : بول كله نجس ، و قال محمد : بول ما يؤكل لحمه طاهر ، و ما لا يؤكل لحمه بوله نجس كله ، فأما الازالة ، فقال أبو حنيفة و أبو يوسف : إن كان ما لا يؤكل لحمه فهو كبول الآدميين إن كان قدر الدرهم عفي عنهفى حكم المنى من الانسان وغيره
و إن زاد عليه فغير معفو عنه ، و أما ما يؤكل لحمه فمعفو عنه عند أبي حنيفة و أبي يوسف ما لم يتفاحش ، قال أبو يوسف : سألت أبا حنيفة من حد التفاحش فلم يحده ، قال أبو يوسف : التفاحش : شبر في شبر ، و قال محمد : ربع الثوب - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أخبارهم و هي أكثر من أن تحصى .و روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه و آله قال : " ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله " .و روى أنس ان العرنيين ( 1 )أسلموا و قدموا المدينة فاجتووها ( فاحبتوها خ د ) ( 2 ) فانتفخت بطونهم ، فأمرهم أن يخرجوا إلى لقاح الصدقة فيشربوا من أبوالها و ألبانها ، فلو كانت الابوال نجسة ما أمرهم بشربها ، و أيضا فان النبي طاف على راحلته راكبا فلو كان بولها نجسا لما عرض المسجد للنجاسة مع قوله صلى الله عليه و آله : " جنبوا مساجدكم الاطفال و المجانين " .و لان ذرق الطيور و العصافير في المسجد الحرام ، و مسجد الرسول صلى الله عليه و آله من عهد النبي صلى الله عليه و آله إلى يومنا هذا لم ينكره منكر و لا رده أحد ، فثبت أنها طاهرة .فان قيل : قوله تعالى : ( و إن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين ) فامتن علينا بأن سقانا من بين نجسين فثبت أن الفرث نجس قيل : أراد أنه أخرج اللبن الابيض من بين دم أحمر و فرث أسفر .و روى زرارة أنهما قالا : " لا يغسل الثوب من بول كلشئ يؤكل لحمه " ، و روى عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : " اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه " فدل على أن ما يؤكل لحمه بخلافه .حكم المني من الانسان و غير الانسان مسألة 231 - المني كله نجس ، لا يجزي فيه الفرك ، و يحتاج إلى غسله رطبه و يابسه من الانسان و غير الانسان و الرجل و المرئة لا يختلف الحكم فيه ، و قال الشافعي : مني الآدمي طاهر من الرجل و المرئة ، و روي ذلك عن ابن عباس ، و سعد بن أبي وقاص ، و عائشة ، و به قال في التابعين : سعيد بن المسيب و عطاء .و وافقنا في نجاسته مالك ، و الاوزاعي ، و أبو حنيفة و أصحابه ، إلا أنهم اختلفوا فيما يزول به حكمه .فقال مالك : يغسل رطبا أو يابسا كما قلناه ، و قال أبو حنيفة : يغسل رطبا و يفرك يابسا ، و للشافعي في مني الآدميين ثلاثة أقوال : أحدها انه طاهر إلا ما كان من مني شيء يكون نجسا في حال الحيوة من الكلب و الخنزير و ما توالد1 - العرين بطن من العرب ( 2 ) اجتووها يعنى كرهوا المقام فيها و استثنى المصنف هنا ذرق الدجاج من حكم طهارة ذرق الطيور و لكن سكت عن ذكر دليله و لعل وجه سكوته عنه هو ان غرض المصنف في هذا الكتاب البحث مع العامة فحيث ليس فيهم مخالف فيه لم يبق محل للاحتجاج عليهم