كتاب الحج مسألة 1 - ليس من شرط وجوب الحج الاسلام ، لان الكافر يجب عليه عندنا جميع العبادات .و قال الشافعي : الاسلام من شرط وجوبه - دليلنا - قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت " و لم يفصل .و قوله تعالى : " و أتموا الحج و العمرة لله " و لم يفصل بين الكافر و المسلم .و أيضا جميع الاخبار الواردة بوجوب الحج .يتناول الجميع .مسألة 2 - من شروط وجوب الحج ، الرجوع إلى كفاية زائدا على الزاد و الراحلة .و لم يعتبر ذلك احد من الفقهاء الا ما حكي عن ابن سريج انه قال : لو كانت له بضاعة يتجر بها ، و يربح قدر كفايته ، اعتبرنا الزاد و الراحلة في الفاضل عنها ، ، و لا يحج ببضاعة ، و خالف جميع اصحاب الشافعي - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا الاصل برائة الذمة ، و عند حصول ما قلناه لا خلاف في وجوبه ، و قبل حصوله ليس على وجوبه دليل .مسألة 3 - من لم يجد الزاد و الراحلة لا يجب عليه الحج ، فان حج لم يجزه و عليه الاعادة إذا أو جدهما و قال باقي الفقهاء أجزأه - دليلنا - إن الله تعالى علق الوجوب على المستطيع ، فمن قال : ان المستطيع إذا حج اجزأ عنه إذا كان مستطيعا فعليه الدلالة ، و أيضا عليه إجماع الفرقة .و أيضا فان استطاع و أعاد الحج برئت ذمته بيقين ، و ان لم يعد فليس على برائتها دليل .مسألة 4 - المستطيع ببدنه ، الذي يلزمه فعل الحج بنفسه ، أن يكون قادرا على الكون و الراحلة ، و لا يلحقه مشقة محتملة في الكون عليها ، فإذا كانت هذه صورته فلا يجب عليه فرض الحج إلا بوجود الزاد و الراحلة ، فان وجد أحدهما لا يجب عليه فرض الحج ، و ان كان مطيقا للمشي قادرا عليه ، و به قال في الصحابة ابن عباس ، و ابن عمر ، و في التابعين الحسن البصري ، و سعيد بن جبير ، و في الفقهاء الثوري ، و أبو حنيفة و أصحابه ، و الشافعي ، و أحمد و إسحاق .و قال مالك : إذا كان قادرا على المشي لم تكن الراحلة شرطا في حقه ، بل من شرطه ان يكون قادرا على الزاد .و القدرة على الزاد تختلف فان كان مالكا له لزمه ، و ان لم يكن مالكا له و كان ذا صناعة كالتجارة و الخياطة و الحجامة و ما يكتسب به الزاد في طريقه لزمه ، و ان لم يكن ذا صناعة لكن من عادتهمسألة الناس فهو واجد .فعنده القدرة على المشي كالراحلة ، و القدرة على كسب الزاد بصنعة
(372)
أو بمسألة الناس كوجود الزاد ، و بمثله قال ابن الزبير ، و الضحاك - دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا فان الاصل برائة الذمة ، و لا خلاف أن من اعتبرناه يجب عليه الحج و ليس على قول من خالف دليل .و أيضا قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " و الاستطاعة تتناول القدرة و جميع ما يحتاج اليه فيجب أن يكون من شرطه .و أيضا روى عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال : ( الاستطاعة الزاد و الراحلة ) لما سئل عنها .روي ذلك عن ابن عمر ، و ابن عباس ، و ابن مسعود و عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ، و جابر بن عبد الله ، و عائشة ، و انس بن مالك ، و رواه ايضا علي عليه الصلاة و السلام عن النبي صلى الله عليه و آله مسألة 5 - إذا وجد الزاد و الراحلة ، و لزمه فرض الحج ، و لا زوجة له ، بدء بالحج دون النكاح ، سواء خشى العنت أو لم يخش .و قال الاوزاعي : إن خشى العنت فالنكاح أولى ، و إن لم يخف العنت بالحج أولى .و قال اصحاب الشافعي : ليس لنا فيها نص ، ان الذي قاله الاوزاعي قريب - دليلنا - قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " و هذا قد استطاع ، فمن أجاز تقديم النكاح عليه فعليه الدلالة ، على ان الحج فرض عند وجود الزاد و الراحلة ، و حصول كمال الاستطاعة بلا خلاف ، و هو على الفور عندنا على ما سنبينه ، و النكاح مسنون عند الاكثر ، فلا يجوز العدول عن الفرض إلى النفل الا بدليل .مسألة 6 - الذي لا يستطيع الحج بنفسه ، و آيس من ذلك إما بان لا يقدر على الكون على الراحلة ، أو يكون به سبب لا يرجى زواله و هو المعضب ، و الضعف الشديد من الكبر ، أو ضعف الخلقة : بان يكون ضعيف الخلقة في بدنه لا يقدر أن يثبت على مركب ، يلزمه فرض الحج في ماله ، بان يكتري من يحج عنه فإن فعل ذلك سقط الفرض .و به قال في الصحابة علي عليه الصلاة و السلام و في الفقهاء الثوري ، و أبو حنيفة و أصحابه ، و ابن المبارك ، و الشافعي ، و أحمد و إسحاق .و قال مالك : فرض الحج لا يتوجه على من لا يقدر عليه بنفسه ، فان كان معضوبا لم يجب الحج عليه ، و لا يجوز ان يكتري من يحج عنه ، فإن أوصى ان يحج عنه حج عنه من الثلث .و حكى عنه انه قال : لو عضب بعد وجوب الحج عليه سقط عنه فرضه - دليلنا - إجماع الفرقة و طريقة الاحتياط ، لانه إذا فعل ما قلناه برئت ذمته بيقين ، و إذا لم يفعل فليس على برائة ذمته دليل .و روي عن علي عليه الصلاة و السلام انه قال لشيخ كبير : لم يحج إن شئت فجهز رجلا يحج عنك .و روى سفيان بن عيينة عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس ان إمرأة من
(373)
خثعم سئلت رسول الله صلى الله عليه و آله فقالت : ان فريضة الله في الحج على عباده أدركت ابي شيخا كبيرا الا يستطيع ان يستمسك على راحلة ، فهل ترى ان احج عنه ؟ فقال صلى الله عليه و آله : نعم .و في رواية عمرو بن دينار عن الزهري مثله ، و زاد فقالت : يا رسول الله فهل ينفعه ذلك ؟ فقال : نعم كما لو كان عليه دين تقضيه نفعه .مسألة 7 - إذا استطاع بمن يطيعه بالحج عنه لا يلزمه فرض الحج إذا لم يكن مستطيعا بنفسه و لا ماله ، و به قال مالك و أبو حنيفة .و قال الشافعي : يلزمه فرض الحج - دليلنا - ان الاصل برائة الذمة ، و ليس في الشرع ما يدل على ذلك .و أيضا قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " و هذا ما استطاع .و روى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال : ( ان الاستطاعة هي الزاد و الراحلة ) .و إذا كان هذا واجد للزاد و الراحلة لا يلزمه .مسألة 8 - إذا كان لولده مال ، روى اصحابنا انه يجب عليه الحج ، و يأخذ منه قدر كفايته و يحج به ، و ليس للابن الامتناع منه ، و خالف جميع الفقهاء في ذلك دليلنا - الاخبار المروية في هذا المعنى من جهة الخاصة قد ذكرناها في الكتاب الكبير ، و ليس فيها ما يخالفها فدل على إجماعهم على ذلك .و أيضا قوله عليه السلام : ( أنت و مالك لابيك ) .فحكم ان ملك الابن مال الاب ، و إذا كان له فقد وجد الاستطاعة فوجب عليه الحج .مسألة 9 - إذا بذل له الاستطاعة ، لزمه فرض الحج ، و للشافعي فيه وجهان : أحدهما مثل ما قلناه ، و الثاني : و هو الذي يختارونه انه لا يلزمه - دليلنا - إجماع الفرقة ، و الاخبار الواردة في هذا المعنى .و أيضا قوله تعالى : " من استطاع اليه سبيلا " و هذا قد استطاع .مسألة 10 - إذا كانت به علة يرجى زوالها مثل الحمى و غيرها ، فأحج رجلا عن نفسه ثم مات ، أجزأه عن حجة الاسلام .و للشافعي فيه قولان : أحدهما : يجزيه ، و الآخر : لا يجزيه ، و هو الذي يختارونه - دليلنا - إجماع الفرقة ، و الاخبار المروية عنهم في هذا المعنى .مسألة 11 - المعضوب الذي ( 1 )لا يرجى زواله ، مثل ان يكون خلق نضوا يجب أن يحج رجلا عن نفسه ، فإذا فعل ثم برء يجب عليه ان يحج بنفسه حجة الاسلام .و به قال الشافعي في الام ، و في اصحابه من قال : المسألة على قولين مثل العليل الذي يرجى زواله دليلنا - قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " و هذا قد استطاع ، فوجب ان يحج بنفسه .و ما فعل أولا كان لزمه في ماله فاجزائه عما يجب عليه في 1 - بالعين و الضاد المعجمة : الزمن المقعد الممنوع من الحركة
(374)
بدنه يحتاج إلى دليل .مسألة 12 - إذا أوصى المريض بحجة تطوع ، أو استأجر من يحج عنه تطوعا فانه جائز .و به قال مالك ، و أبو حنيفة ، و هو احد قولي الشافعي .و القول الآخر : لا يجزي و لا الوصية به - دليلنا - إجماع الفرقة ، و الاخبار التي وردت في فضل الحج ، و من يعطي غيره ما يحج عنه ، و قد ذكرناها في الكتاب الكبير .مسألة 13 - إذا أحرم بالحج عن غيره نيابة ، ثم نقل النية إلى نفسه لا يصح نقلها .فإذا اتم حجه لم تسقط اجرته عمن كان استأجره .و للشافعي فيه قولان ، أحدهما : لا شيء له ، و الاخر : و هو الذي يختارونه مثل قولنا من ان له اجرة - دليلنا - ان الاجرة استحقها بنفس العقد ، و بالدخول في الاحرام انعقد الحج عن المستأجر ، و نيته ما اثرت في النقل ، وجب ان يكون استحقاق الاجرة ثابتا ، لان إسقاطه يحتاج إلى دليل .مسألة 14 - إذا استأجر الصحيح من يحج عنه الحجة الواجبة .لا يجزيه بلا خلاف و ان استأجر من يحج عنه النافلة اجزأه و به قال أبو حنيفة ، و قال الشافعي : لا يجوز ان يستأجر لا نفلا و لا فرضا - دليلنا - إجماع الفرقة و اخبارهم الوردة في ذلك ايضا ، و الاصل جوازه و المنع يحتاج إلى دليل .مسألة 15 - الاعمى يتوجه اليه فرض الحج إذا كان له من يقوده و يهديه ، و وجد الزاد و الراحلة لنفسه و لمن يقوده ، و لا تجب عليه الجمعة .و قال الشافعي : يجب عليه الحج و الجمعة معا .و قال أبو حنيفة : لا يجب عليه الحج و ان وجد جميع ما قلناه - دليلنا قوله تعالى : " و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " و هذا مستطيع ، فمن أخرجه عن العموم فعليه الدلالة .مسألة 16 - من استقر عليه وجوب الحج فلم يفعل و مات ، وجب ان يحج عنه من صلب ماله مثل الدين ، و لم يسقط بوفاته ، هذا إذا اخلف ما لا ، فان لم يخلف ما لا كان وليه بالخيار في القضاء عنه .و به قال الشافعي ، و عطاء و طاووس ، و قال أبو حنيفة و مالك : يسقط بوفاته ، بمعنى انه لا يفعل عنه بعد وفاته ، و حسابه على الله حين يلقاه ، و الحج في ذمته ، و ان كان أوصى حج عنه من ثلثه و يكون تطوعا لا يسقط الفرض به عنه .و هكذا يقول في الزكوات و الكفارات ، و جزاء الصيد كلها تسقط بوفاته ، و لا تفعل عنه بوجه .- دليلنا - جماع الفرقة
(375)
و الاخبار التي ذكرناها في الكتاب الكبير ، و يدل عليه خبر الخثعمية ايضا .مسألة 17 - سكان الجزائر و السواحل الذين لا طريق لهم البحر ، يلزمهم ركوبه إلى الحج إذا غلب في ظنهم السلامة ، فإذا غلب في ظنهم العطب لا يجب عليهم ذلك و اختلف قول الشافعي في ذلك .و اختلف اصحابه على طريقين : فقال الاصطخري و المروزي : المسألة على اختلاف حالين : إذا كان الغالب الهلكة كالبر إذا كان مخوفا لا يلزمه ، و الآخر : إذا كان الغالب السلامة ، يلزمه و ان جوز حدوث حادثة في الطريق .و من اصحابه من قال : إذا غلب في ظنه الهلكة لم يجب قولا واحدا ، و ان غلب على ظنه السلامة فعلى قولين - دليلنا ان الاصل برائة الذمة ، و مع غلبة الظن قد حصلت التخلية ، لان القطع على السلامة ليس في موضع ، و لم يقم دليل على وجوبه مع ظنه الهلكة في ذلك .مسألة 18 - من مات و كان قد وجب عليه الحج ، و عليه دين نظر ، فان كانت التركة تكفي للجميع أخرج عنه الحج و يقضي الدين من صلب المال ، و ان لم يسع المال قسم بينهما بالسوية ، و الحج يجب إخراجه من الميقات دون بلد الميت .و للشافعي فيه ثلاثة أقوال : أحدها مثل ما قلناه .و الثاني انه يقدم دين الآدميين .و الثالث : يقدم دين الله تعالى - دليلنا - انهما جميعا دينان ، و ليس أجدهما أولى من صاحبه ، فوجب ان يقسم بينهما .مسألة 19 - من قدر على الحج عن نفسه ، فلا يجوز ان يحج عن غيره ، و ان كان عاجزا عن الحج عن نفسه لفقد الاستطاعة جاز له ان يحج عن غيره .و به قال الثوري .و قال مالك و أبو حنيفة : يجوز له ان يحج عن غيره على كل حال : قدر عليه أو لم يقدر .و كذلك يجوز له ان يتطوع به و عليه فرض نفسه .و به نقول .و قال الشافعي : كل من لم يحج حجة الاسلام لا يصح ان يحج عن غيره ، فان حج عن غيره أو تطوع بالحج انعقد إحرامه عما يجب عليه ، سواء كانت حجة الاسلام أو واجبا عليه بالنذر .و ان كانت عليه حجة الاسلام فنذر حجة فأحرم بالنذر انعقد عن حجة الاسلام .و به قال ابن عباس ، و الاوزاعي ، و أحمد ، و اسحق - دليلنا - إجماع الفرقة و أيضا الاصل جوازه و المنع يحتاج إلى دليل ، و كذلك إجازته مطلقا يحتاج إلى دليل ، و ليس في الشرع ما يدل عليه ، و اما الدليل على انه إذا نوى التطوع وقع عنه لا عن حجة الاسلام قوله صلى الله عليه و آله : ( الاعمال بالنيات ) ( و لكل إمرء ما نوى ) و هذا نوى التطوع ، وجب ان يقع عما نوى عنه .
(376)
مسألة 20 : من نذر ان يحج ، و لم يحج حجة الاسلام ، و حج بنية النذر ، أجزأء عن حجة الاسلام على ما ورد به بعض الروايات .و في بعض الاخبار ان ذلك لا يجزيه عن حجة الاسلام ، و هو الاقوى عندي .و قال الشافعي : لا يقع الا عن حجة الاسلام - دليلنا على ذلك : انهما فرضان ، أحدهما : حجة الاسلام ، و الاخر : بالنذر ، فإجزاء أحدهما عن الاخر يحتاج إلى دليل ، و ليس في الشرع ما يدل عليه .مسألة 21 : يجوز للعبد ان يحج عن غيره من الاحرار إذا اذن له موليه .و قال الشافعي : لا يجوز له ذلك - دليلنا - انه لا مانع يمنع عنه في الشرع ، فيجب جوازه ، و أيضا الاخبار المروية في جواز حج الرجل عن الرجل تتناول الحر و العبد ، فوجب حملها على العموم .مسألة 22 - الحج وجوبه على الفور دون التراخي ، و به قال مالك ، و أبو يوسف ، و المزني .و ليس لابيحنيفة فيه نص ، و قال اصحابه : يجئ على قوله انه على الفور كقول ابي يوسف .و قال الشافعي : وجوبه على التراخي و معناه انه بالخيار إن شاء قدم و إن شاء اخر و التقديم افضل و به قال الاوزاعي ، و الثوري ، و محمد - دليلنا - إجماع الفرقة لانهم لا يختلفون ، و أيضا طريقة الاحتياط تقتضيه .و أيضا فقد ثبت انه مأمور به ، و الامر عندنا يقتضي الفور على ما بيناه في أصول الفقة ، و روي عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال : ( من أراد الحج فليعجل ) فقد امر بتعجيله .و أيضا روى ابو اسحق عن عاصم بن ضمرة عن على عليه الصلاة و السلام ان النبي صلى الله عليه و آله قال : ( من ملك زاد أو راحلة تبلغه إلى الحج و لم يحج فعليه ان يموت يهوديا أو نصرانيا .فتوعده على التأخير ، فلو لا انه يقتضي الفور لم يتوعده على تأخيره .مسألة 23 - أشهر الحج : شوال ، و ذو العقدة إلى طلوع الفجر من يوم النحر ، فإذا طلع الفجر فقد انقضت أشهر الحج .و به قال الشافعي ، و ابن مسعود ، و ابن الزبير .و قال أبو حنيفة : شوال ، و ذو القعدة ، و عشرة أيام من ذي الحجة .فجعل يوم النحر آخرها ، فإذا غربت الشمس منه فقد خرجت أشهر الحج .و قد روى ذلك اصحابنا .و قال مالك : شوال ، و ذو العقدة ، و ذو الحجة ثلاثة أشهر كاملة .و قد روى ذلك في بعض رواياتنا .و عن ابن عمر و ابن عباس روايتان كقولنا و قول مالك - دليلنا - إجماع الفرقة على ان أشهر الحج يصح ان يقع فيه الاحرام بالحج ، و لا يصح الاحرام بالحج الا في الاشهر التي ذكرناها ، لانه إذا طلع الفجر من يوم النحر فقد فات وقت الاحرام بالحج و لهذا رجحنا هذه الرواية على الروايات
(377)
الباقية .و أيضا فما اعتبرناه مجمع عليه على انه من أشهر الحج ، و ليس على قول من قال بخلافه دليل .مسألة 24 - لا ينعقد الاحرام بالحج و لا العمرة التي يتمتع بها إلى الحج الا في أشهر الحج ، فان أحرم في غيرها انعقد إحرامه بالعمرة .و به قال جابر ابن عبد الله ، و ابن عباس ، و عطاء ، و عكرمة ، و الاوزاعي ، و أحمد ، و إسحاق و مالك و الشافعي .و قال أبو حنيفة : ينعقد في غيرها الا ان الاحرام فيها افضل و هو المسنون ، و إذا أحرم في غيرها اساء و انعقد إحرامه دليلنا - إجماع الفرقة ، و أيضا فلا خلاف ان الاحرام بالحج ينعقد في الاشهر التي قدمنا ذكرها ، و ليس على قول من قال بانعقاده في غيرها دليل .مسألة 25 - جميع السنة وقت العمرة المبتولة ، و لا تكره في شيء منها و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : تكره في خمسة أيام ، و هي أيام افعال الحج ، عرفة و النحر و التشريق .و قال أبو يوسف : تكره في أربعة أيام النحر و التشريق - دليلنا - إجماع الفرقة و أيضا ما دل على وجوب العمرة أو ندبها لم يخصص بوقت دون وقت ، و كراهتها في وقت يحتاج إلى دليل .مسألة 26 - يجوز ان يعتمر في كل شهر ، بل في كل عشرة أيام .و قال أبو حنيفة و الشافعي : له ان يعتمر ما شاء .و قال مالك : لا يجوز الا مرة و به قال سعيد ابن جبير ، و النخعي ، و ابن سيرين دليلنا - إجماع الفرقة ، و كل خبر ورد في الحث على العمرة لم يخصص بعدد دون عدد .و روى عن علي عليه الصلاة و السلام انه قال : في كل شهر عمرة ، أو في كل عشرة أيام عمرة و اعتمر ابن عمر اعواما في كل عام عمرتين ، في أيام ابن الزبير .و روى القاسم بن محمد ان عائشة اعتمرت في شهر واحد عمرتين فقال رجل للقاسم : فما أنكرتم عليها ؟ فقال القاسم : ام المؤ منين كيف ينكر عليها ؟ فاستحى الرجل ، و انس كلما حجم رأسه اعتمر يعني نبت شعره - و لا مخالف لهم في الصحابة .مسألة 27 - لا يجوز إدخال الحج على العمرة ( 1 )و لا إدخال العمرة على الحج إذا كان أحرم بالحج وحدة ، بل كل واحد منهما له حكم نفسه .فان أحرم بالعمرة التي يتمتع بها إلى الحج ، فضاق عليه الوقت ، أو حاضت المرئة جعله حجة مفردة و مضى فيه .و ان أحرم بالحج 1 - تأتي ايضا فيمسألة 248