كتاب صلاة الخوف مسألة 1 - صلاة الخوف جائزة منسوخة ، و به قال جميع الفقهاء إلا أبا يوسف و المزني ، فانهما قالا : أنها منسوخة ، ثم رجع أبو يوسف إلى قول الفقهاء - دليلنا - إجماع الفرقة ، بل إجماع الامة ، فان خلاف المزني وحده لا يعتد به ، و مع ذلك فقد انقرض .و أيضا قوله تعالى : ( و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) الآية و من أدعى النسخ فعليه الدلالة ، و روى صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع النبي صلى الله عليه و آله صلاة الخوف بذات الرقاع ، و روى الحسن عن أبي بكر ( أبي بكرة خ ل ) ان النبي صلى الله عليه و آله صلى صلاة الخوف ببطن النخل .و روى جابر أن النبي صلى الله عليه و آله صلى صلاة الخوف بعسفان ، و روي عن علي عليه الصلاة و السلام أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير .، و روي عن أبي موسى أنه صلى بأصحابه صلاة الخوف .و روي عن أبي هريرة انه صلى صلاة الخوف .و روي عن الحسين عليه السلام أنه صلى عند مصابه صلاة الخوف بأصحابه .و كان سعيد بن العاص واليا على الجيش بطبرستان فأمر حذيفة فصلى بالناس صلاة الخوف .فمن أدعى نسخ القرآن ، و الاجماع ، و السنة فعليه الدلالة .مسألة 2 - من أصحابنا من يقول : أن صلاة الخوف مقصورة ركعتين ركعتين إلا المغرب ، سواء كان الخوف في سفر أو في حضر ، و به قال ابن عباس ، و قال الامام : يصلي بكل طائفة ركعة ، و به قال طاووس ، و الحسن البصري ، إلا أنهم قالوا : فرض المأموم ركعة ، و من أصحابنا من يقول : لا يقصر أعدادها إلا في السفر ، و إنما يقصر هيأتها ، فان كان مسافرا صلى ركعتين ، و إن كان حاضرا صلى أربعا ، و به قال جميع الفقهاء ، و في الصحابة ابن عمر ، و جابر .و المذهب الاول أظهر ، و الدليل عليه قوله تعالى : " و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك " ، الآية ، و فيها دليلان .أحدهما قال : فلتقم طائفة منهم معك فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ، يعني : تجاه العدو فقد أخبر أنهم يفعلون قياما و سجودا ، فقد ثبت أنهم أنما يصلون ركعة واحدة ، و الثاني : قال : و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك يعني يصلون صلاتهم معك ، و الذي بقي عليه ركعة واحدة ثبت أن الذي يصلون معه الركعة الباقية .و أيضا إجماع الفرقة على ذلك ، و أخبارهم تشهد بذلك ، لانها تتضمن صفة صلاة الخوف ركعتين
(232)
و لم يفصلوا بين حال السفر و الحضر ، فيجب حملها على جميع الاحوال ، و قد ذكرناها في الكتابين المقدم ذكرهما ، و روى حريز عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الخوف و صلاة السفر يقصران ؟ قال : نعم ، و صلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر الذي ليس فيه خوف ، و إذا نصرنا القول الآخر ، فدليله ان الصلاة أربع ركعات في الذمة ، و أسقطنا حال السفر ركعتين بدليل ، و لم يقم دليل على إسقاط شيء منها في السفر .و يقوي الطريقة الاولة ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه صلى صلاة الخوف في المواضع التي صلاها ركعتين ، و لم يرو أنه صلى أربعا في موضع من المواضع .مسألة 3 - كيفية صلاة الخوف أن يفرق الناس فرقتين ، يحرم الامام بطائفة ، و الطائفة الاخرى تقف تجاه العدو ، فيصلي بالذين معه ركعة ، ثم يثبت قائما و يتمون الركعة الثانية لانفسهم ، و ينصرفون إلى تجاه العدو ، و تجئ الطائفة الاخرى فيصلي الامام بهم الركعة الثانية له ، و هي أوله لهم ، ثم يثبت جالسا فتقوم هذه الطائفة فتصلي الركعة الباقيه عليها ، ثم تجلس معه ، ثم يسلم بهم الامام .و به قال الشافعي ، و أحمد بن حنبل .و كان مالك يقول به ثم رجع ، فخالف في فصل ، فقال : إذا صلت الطائفة الاخرى معه ركعة سلم الامام بهم ، و قاموا بغير سلام ، فصلوا لانفسهم الركعة الباقية ، و قال ابن أبي ليلي مثل قولنا ، و خالفنا في فصل فقال : إذا أحرم بالصلاة أحرم بالطائفتين معا ثم صلى بإحديهما على ما قلناه ، و قال أبو حنيفة : يفرقهم فرقتين على ما قلناه ، فيحرم بطائفة فيصلي بهم ركعة ثم يثبت قائما ، و تنصرف هذه الطائفة و هي في الصلاة ، فتقف تجاه العدو ، ثم تأتي الطائفة الاخرى فيصلي بهم الامام الركعة التي بقيت من صلاة ، و يسلم الامام و لا يسلمون بل تنصرف هذه الطائفة ، و هي في الصلاة إلى تجاه العدو ، و تأتي الطائفة الاخرى إلى الموضع فتصلي الركعة الباقية عليها ، ثم تنصرف إلى تجاه العدو ، و تأتي الطائفة الاخرى فتصلي الركعة الباقية ، و قد تمت صلاتهم .و كان أصحاب الشافعي يحكون مذهب أبي حنيفة كمذهب ابن أبي ليلي و أصحاب أبي حنيفة يحكون عن أصحاب الشافعي كمذهب ابن أبي ليلي - دليلنا - إجماع الفرقة ، فانهم لا يختلفون في أن صلاة الخوف على الترتيب الذي قدمناه ، و روى مالك عن يزيد ( زيد خ ل ) بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه و آله يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه و طائفة تجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ثبت قائما و أتموا لانفسهم ثم انصرفوا فصفوا تجاه العدو ، و جائت الطائفة
(233)
الاخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ، ثم ثبت جالسا و أتموا لانفسهم ثم سلم بهم .و روى عبد الله بن عمر ، عن القسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ابن جبير ، عن سهل بن أبي خثيمة عن النبي صلى الله عليه و آله مثله ، و روى شعبة ، عن عبد الرحمن بن القسم ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات بن جبير ، عن سهل بن أبي خثيمة ، عن النبي صلى الله عليه و آله مثله ، و روى الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الخوف ؟ قال : يقوم الامام و تجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه ، و طائفة بازاء العدو ، فيصلي بهم الامام ركعة ، ثم يقوم و يقومون معه فيمثل قائما ، و يصلون هم الركعة الثانية ، ثم يسلم بعضهم على بعض ، ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ، و يجئ الآخرون فيقومون خلف الامام ، فيصلي بهم الركعة الثانية ، ثم يجلس الامام فيقومون هم فيصلون ركعة أخرى ، ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه .قال : و في المغرب مثل ذلك ، يقوم الامام و تجئ الطائفة فيقومون خلفه فيصلي بهم ركعة ثم يقوم و يقومون فيمثل الامام قائما و يصلون الركعتين و يتشهدون و يسلم بعضهم على بعض ، ثم ينصرفون و يقفون في موقف أصحابهم و يجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها ثم يجلس و يتشهد و يقوم و يقومون معه يصلي ركعة أخرى ثم يجلس و يقومون هم فيتمون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم ، و روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك سواء .مسألة 4 - صلاة المغرب ، الافضل أن يصلي بالفرقة الاولى ركعة ، و بالفرقة الاخرى ركعتين ، فان صلى بالاولى ثنتين و بالاخرى ركعة كان أيضا جائزا ، فالأَول رواية الحلبي ، و الثاني رواية زرارة ، و به قال الشافعي سواء .إلا أن أصحابه اختاروا و قالوا أصح القولين أن يصلي بالاولى ركعتين ، و بالثانية واحدة - دليلنا - الروايات التي ذكرناه في الكتاب الكبير من رواية الحلبي و غيره مع رواية زرارة ، و إذا كانا جميعا مرويين ، و لا ترجيح ، كنا مخيرين في العمل بأيهما شئنا على حد واحد .مسألة 5 - صلاة الخوف جائزة في الحضر كما هي جائزة في السفر ، و به قال الشافعي و أبو حنيفة .و قال مالك : لا يجوز في الحضر - دليلنا - قوله تعالى : ( و إذا كنت فيهم ) الآية ، و لم يخص حال السفر دون حال الحضر ، و قال ( و إن خفتم فرجالا أو ركبانا ) و لم يخص ، و الاخبار المروية أيضا عامة ، و تخصيصها بحال السفر دون الحضر يحتاج إلى دليل ، فان قالوا الآية تدل على أن الصلاة ركعتان ، و كذلك الاخبار ، و ذلك لا يكون إلا في السفر .قلنا : قد بينا أن صلاة
(234)
فى صلاة شدة الخوف
الخوف يقصر في السفر و الحضر على كل حال ، و قد قدمنا في رواية حريز عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ذلك .مسألة 6 - إذا فرقهم في الحضر أربع فرق ، وصلى بكل فريق منهم ركعة بطلت صلاة الجميع الامام و المأموم .و قال أبو حنيفة : تصح صلاة الامام ، و تبطل صلاة الطوائف .و للشافعي فيه قولان : أحدهما : تصح صلاة الامام و المأموم ، و الثاني : بطلت صلاته و صحت صلاة الطائفة الاولى و الثانية ، و بطلت صلاة الثالثة و الرابعة لانهما دخلا في صلاة بعد فسادها ، و فسادها يكون عند الفراغ من الركعتين - دليلنا - ما قدمناه من أن صلاة الخوف مقصورة ركعتان ، فإذا صلى أربعا لا يجزيه ، و إذا قلنا بالشاذ من قول أصحابنا ، ينبغي أن نقول أيضا : ببطلان صلاتهم لانه لم يثبت لنا في الشرع هذا الترتيب ، و إذا كان ذلك مشروع وجب أن يكون باطلا .مسألة 7 - أخذ السلاح واجب على الطائفة المصلية ، و به قال داود ، و هو أحد قولي الشافعي ، و القول الثاني أن أخذه مستحب ، و به قال أبو حنيفة - دليلنا - قوله تعالى : ( فلتقم طائفة منهم معك و ليأخذوا أسلحتهم ) فأمرهم بأخذ السلاح ، و الامر يقتضي الوجوب .مسألة 8 - إذا أصاب السيف الصقيل نجاسة ، فمسح بخرقة ، فمن أصحابنا من قال : انه يطهر ، و به قال أبو حنيفة .و منهم من قال : لا يطهر إلا بالماء ، و به قال الشافعي ، و هو الاحوط ، و قد مضت هذه المسألة - دليلنا - انه قد ثبت نجاسته ، و لا يتحقق طهارته إلا بأن يغسل بالماء ، و مسحه ليس عليه دليل .صلاة شدة الخوف مسألة 9 - صلاة شدة الخوف ، و هي حالة المسائفة و التحام القتال يصلي بحسب الامكان إيماء و غير ذلك من الانحاء قائما أو قاعدا أو ماشيا ، مستقبل القبلة أو مستقبل القبلة و لا تجب عليه الاعادة ، و به قال الشافعي إلا أنه قال : ان ضارب فيها أو طاعن بطلت صلاته ، و يمضي فيها و يعيدها ، هذا منصوص قوله .و قال أبو العباس : يمضي فيها و لا يعيد كما قلناه .و قال أبو حنيفة : يصلي كما قلنا إيماء و سائر أحواله ، إلا أنه لم يجز الصلاة ما شيئا .ايضا و قال : إذا لم يتمكن إلا بالضرب و الطعن فلا تصح صلاته ، و ينبغي أن يؤخرها حتى يزول القتال ثم يقضيها - دليلنا إجماع الفرقة ، و أيضا قوله تعالى : " حافظوا على الصلوات إلى قوله فان خفتم فرجالا أو ركبانا " فأمر أن يصلي على حسب ما يتمكن على أي صفة كان ، راكبا أو راجلا ، و روى زرارة
(235)
و فضيل و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال في صلاة الخوف عند المطاردة و المناوشة و تلاحم القتال ، فانه يصلي كل إنسان منهم بالايماء حيث كان وجهه إذا كانت المسائفة و المعانقة و تلاحم القتال ، فان أمير المؤمنين عليه السلام في ليلة الهرير لم يكن صلى بهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل صلاة إلا بالتكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء ، و كانت تلك صلاتهم ، و لم يأمرهم بإعادة الصلاة ، و روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صلاة الزحف على الظهر إيماء برأسك و تكبير ، و المسائفة تكبير مع الايماء ، و المطاردة إيماء ، يصلي كل رجل على حاله ( حياله خ ل ) و أما الكلام على أبي حنيفة في وجوب التأخير ، فهو أنه قد ثبت وجوب الصلاة في أوقاتها بالاجماع ، فمن أوجب تأخيرها فعليه الدلالة .و روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه و آله قال : " ليس التفريط في النوم ، و إنما التفريط أن يؤخر صلاته حتى يدخل وقت أخرى " .مسألة 10 - إذا رأى سوادا فظن أنه عدو ، فصلى صلاة شدة الخوف إيماء ، ثم تبين أنه لم يكن عدوا و إنما كان وحشا ، أو إبلا ، أو بقرا ، أو قوما مارة ، لم يجب عليه الاعادة .و للشافعي فيه قولان : أحدهما : مثل ما قلناه لا إعادة عليه ، و الثاني : عليه الاعادة ، و به قال أبو حنيفة - دليلنا - قوله تعالى : " فان خفتم فرجالا أو ركبانا " و هذا خائف فيجب أن تجوز صلاته ، لانه امتثل المأمور به ، و أيضا عموم الاخبار الواردة بالامر بالصلاة في حال شدة الخوف ، و الامر يقتضي الاجزاء ، و إيجاب الاعادة يحتاج إلى دليل ، و روى أبو بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " إن كنت في ارض مخافة فخشيت لصا أو سبعا فصل الفريضة و أنت على دابتك " ، و روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخاف من سبع أو لص كيف يصنع ؟ قال : " يكبر و يؤمي برأسه " ، و روى زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام : " الذي يخاف اللصوص و السبع يصلي صلاة المواقفة قلت : أ رأيت ان لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ؟ و لا يقدر على النزول ، قال : يتيمم من لبد سرجه أو دابته و من دابته فان فيها غبار أو يصلي و معرفة يجعل السجود أخفض من الركوع و لا يدور إلى القبلة ، و لكن أينما دارت دابته أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه " .مسألة 11 - إذا رأى العدو وصلى صلاة شدة الخوف ، ثم تبين له أن بينهم خندقا أو نهرا كبيرا لا يصلون إليهم ، لا يجب عليه الاعادة .و للشافعي فيه قولان : أحدهما : مثل ما قلناه ، و الآخر :
(236)
فى لباس الحرير والابريسم
أنه تجب عليه الاعادة ، و من أصحابه من قال : تجب الاعادة قولا واحدا - دليلنا - كلما قلناه في المسألة الاولى .مسألة 12 - تجوز صلاة الجمعة على هيئة صلاة الخوف ، في مصر كان أو في الصحراء إذا تم العدد و الشرط .و قال أبو حنيفة : لا يجوز أن تقام إلا في مصر ، أو المصلى الذي يصلى فيه العيد .و قال الشافعي : لا يقام الجمعة إلا في جوف المصر ، و أما في الصحراء فلا تقام على حال .قال أبو حامد كنا نحكي هذا عن أبي إسحاق ، و صاحبنا قد نص عليه - دليلنا - ما قدمناه من أن العدد متى اجتمع وجب صلاة الجمعة ، و ذلك عام في الصحاري و البنيان .مسألة 13 - إذا صلى صلاة الخوف في الخوف ، فان صلاة الامام صحيحة بلا خلاف ، و صلاة المؤتمين عندنا أيضا صحيحة ، سواء كان على الوجه الذي صلاه النبي صلى الله عليه و آله بعسفان ، أو ببطن النحل ، أو ذات الرقاع ، و قال الشافعي : إن صلى بهم صلاة النبي صلى الله عليه و آله ببطن النحل فصلاة الجميع صحيحة ، و إن صلى بهم صلاته بذات الرقاع فصلاة المأمومين على قولين : أحدهما تبطل ، و الآخر لا تبطل ، و المختار أنها تبطل .و إن صلى صلاة النبي صلى الله عليه و آله بعسفان ، فصلاة الامام و صلاة الذين لم يحرسوه صحيحة ، و أما صلاة من حرسه على قولين ، و المختار عندهم انها لا تبطل - دليلنا - أنه ليس على بطلان شيء من هذه الصلوات دليل ، فيجب أن تكون كلها صحيحة ، و من ادعى انه حيث فارق الامام بطلت صلاته ، فعليه الدليل .في لباس الحرير و الابريسم مسألة 14 - لبس الحرير المحض محرم على الرجال ، و كذلك التدثر به ، و فرشه ، و القعود عليه ، و به قال الشافعي .و قال أبو حنيفة : فرشه و الجلوس عليه محرم - دليلنا - عموم الاخبار الواردة في تحريم الحرير المحض للرجال ، و أيضا روى علي بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام قال : خرج النبي صلى الله عليه و آله يوما و بيمينه قطعة من ذهب و بشماله قطعة من حرير فقال : " إن هذين حرام على ذكور أمتي وحل لاناثها " .و روى مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه رأى حلة عند المسجد تباع ، فقال يا رسول الله ألا نشتريها لك تلبسها يوم الجمعة إذا قدم عليك الوفد ؟ فقال صلى الله عليه و آله : " هذا لباس من لا خلاق له في الآخرة " .مسألة 15 - الثياب المنسوجة من الابريسم إذا خالطها شيء من كتان أو قطن أو خز سداه أو لحمته أو شيء منسوج فيه زال عنه التحريم ، سواء كان مثله أو غالبا عليه أو أقل منه .و قال
(237)
الشافعي : إن كان الغالب الابريسم فهو حرام ، و إن كان الغالب غيره لم يحرم ، و إن كانا نصفين فيه وجهان : أحدهما حرام ، و الآخر مباح ، و قال أبو حنيفة : إذا خالطه غيره لم يحرم مثل ما قلناه - دليلنا - إجماع الفرقة فانهم لا يختلفون في ذلك ، و روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال : " إنما حرم الديباج إذا كان مصمتا سداه و لحمته ، فأما احداهما فلا " ، و روى يوسف بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : " لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره و علمه حريرا ، و إنما كره الحرير المبهم للرجال " .