وأقـول:
إذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) سابق هذه الأُمّة، كان خيرهم وأفضلهم ; لأنّ السبق إلى الإسلام أمارة الأعرفية والأفضلية كما يشهد له قوله تعالى: (أُولئك المقـرَّبون) ; لإفادته الحصر وأنّه المقرّب دون غيره من الصحابة، لِـجَعل قُربِ غيره كَـلاَ قُرب بالنسبة إليه، فيكون بينه وبينهم في المعرفة والفضل والتقوى بونٌ(1) شاسـع.
ولا ريب أنّ مَن كان كذلك فهو الإمام، لا سيّما وهو أفضل السابقين الثلاثة، كما يدلّ عليه ما ذكره السيوطي في تفسير الآية..
قال: أخرج ابن مردويه، عن ابن عبّـاس، في قوله تعالى: (والسابقون السابقون)، قال: " نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجّار ـ الذي ذُكر في (يـس)(2) ـ، وعليّ بن أبي طالب، وكلّ رجل منهم سابق أُمّته، وعليٌّ أفضلهم سبقاً "(3).
وفي رواية أُخرى عبّر عنهم بالصدّيقين، وذكر عليّـاً وقال: " وهو أفضلهم "، نقلها السيوطي في تفسير سورة (يـس)، عن أبي داود وأبي نعيم والديلمي وابن عساكر(4)، كما ستسمعها في الآية الثالثة والعشرين إنْ
(1) البَـوْنُ والبُـوْنُ: مسافةُ ما بين الشـيئين ; انظر: لسان العرب 1 / 543 مادّة " بون ".
(2) سورة يس 36: 20 ـ 27.
(3) الدرّ المنثور 8 / 7.
(4) الدرّ المنثور 7 / 53، وانظر: معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ 5 / 2806 ح 6649، فردوس الأخبار 2 / 38 ح 3681، تاريخ دمشق 42 / 43 و 313، فضـائل الصحابـة ـ لأحمد ـ 2 / 778 ح 1072 و ص 814 ح 1117، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 221 ـ 222 ح 293 و 294، شواهد التنزيل 2 / 223 ـ 226 ح 938 ـ 942، الرياض النضرة 3 / 104، ذخائر العقبى: 108، كنز العمّال 11 / 601 ح 32897 و 32898.