وأقـول:
لم يذكر البخاري ولا غيره ممّن اطّلعت على ذِكره لهذه الغزوة كالطبري، وابن الأثير، أنّ الفتح على يد عمرو(1)، فلا يبعد أنّه من وضع الفضـل.
وأمّا نفيه لوجود ما حكاه المصنّف (رحمه الله) في صحاحهم، فلا يدلّ على عدم صحّته ; إذ ليس كلّ ما لم يكن فيها غير صحيح عندهم.
وأمّا قوله: " والمفهوم من هذا الخبر، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يريد... " إلى آخره..
فمنشأُه اعوجاج فهمه، أو تغيير الكَلِمِ عن مواضعه ; فإنّ صريح الخبر أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أشفق من قولهم بإلهيّـة عليّ (عليه السلام)، التي لا يقولها إلاّ مبطل، كإلهيّـة المسـيح..
وهو حقٌّ ; فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لو ذكر فضله الواقعي، وأنّ الله أقدره على خوارق العادات، حيث إنّه أظهر مصاديق قوله تعالى في الحديث القدسي: " عبـدي أطعني تكن مَثَلي، تقول للشيء: كنْ، فيكون "(2)، أو بيّن فضائله الفاضلة، التي يفوق بها الأنبياء السابقين، ويمتاز بها عن الأُمّة أجمعين، لخاف (صلى الله عليه وآله وسلم) من طوائف من أُمّته أن يقولوا بربوبيّته، كما وقع لكثير منهم لمّا رأوا منه بعض خوارق العادة.
(1) صحيح البخاري 5 / 329 ح 355، تاريخ الطبري 2 / 146 ـ 147، الكامل في التاريخ 2 / 110.
(2) انظر: الجواهر السَنيّة في الأحاديث القدسية: 361.