فغاية الأمر أن يستويَ عليّ والعبّـاس بميراث الإمامة، بلحاظ إطلاق الآية، إلاّ أنّه لا بُـدّ من تقديم عليّ (عليه السلام) ; لأفضليّته، وتسليم العبّـاس لإمامته، ولذا طلب مبايعته عند وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(1). وممّا بيّـنّا يُعلم ما في قول الرازي والمنصور الدوانيقي في جواب محمّـد بن عبـد الله(2).. قال الرازي بتفسيره: " المسألة الثانية: تمسّك محمّـد بن عبـد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب في كتابه إلى أبي جعفر المنصور بهذه الآية، في أنّ الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو عليّ بن أبي طالب. فقال: قوله تعالى: (وأُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض)(3) يدلّ على ثبوت الأَولوية(4). وليس في الآية شيء معيّن في ثبوت هذه الأَولوية، فوجب حمله على الكلّ، إلاّ ما خصّه الدليل، وحينئذ يندرج فيه الإمامة. ولا يجوز أن يقال: إنّ أبا بكر كان من أُولي الأرحام ; لِما نُقل أنّه عليه الصلاة والسلام أعطاه سورة براءة ليبلّغها إلى القوم، ثمّ بعث عليّـاً خلفه، وأمر بأن يكون المبلِّغ هو عليّ، وقال: " لا يؤدّيها إلاّ رجل منّي ". (1) الإمامة والسياسة 1 / 21، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 1 / 160 و ج 9 / 196، الأحكام السلطانية ـ للماوردي ـ: 7، المواقف: 401، شرح تجريد الاعتقاد ـ للقوشجي ـ: 476. (2) هو: محمّـد بن عبـد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ذو النفس الزكية، المستشهَد سنة 145 هـ. انظر ترجمته في مقاتل الطالبيّين: 206 رقم 27. (3) سورة الأحزاب 33: 6. (4) في المصدر: " الولاية ".