ظلمتم أنّـكم في العذاب مشتركون * أفأنت تُسمعُ الصمّ أو تهدي العُمي ومن كان في ضلال مبين * فإمّا نذهبنّ بك فإنّا منهم منتقمون * أو نرينّـك الذي وعدناهم فإنّـا عليهم مقـتدرون)(1). فإذا كان لفظ الآيات شاملا للكافرين والمنافقين، وكان صالحاً لتخصيصه بالمنافقين لدليل خاصّ كسائر العمومات، فقد صحّ لتلك الأخبار أن يُراد بالآيات الخصوص، وأن يكون المراد بضمير الغَيبة في قوله تعالى: (فإنّـا منهم منتقمون) هو: المنافقون، لا سيّما مع التصريح ـ في رواية جابر المذكورة ـ بالانتقام من الناكثين والقاسطين، فإنّهم وسائرَ البغاة على عليّ (عليه السلام) أعداءٌ مُبغضون له، وقد استفاضت الأخبار كما مرّ مراراً أنّ بغضه علامة النفاق(2). فإذا كان عليّ (عليه السلام) هو الذي وعد الله سبحانه بالانتقام به بعد النبيّ بمقتضى تلك الأخبار، كان هو الإمام ; لأنّ قيامه مقام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ما هو أنسـب بعمل الخلفاء والأئمّـة ظاهـرٌ في إمامته بعـده. ولو سُلّم أنّ الآيات نازلة بالكافرين، فالبغاة على أمير المؤمنين (عليه السلام)منهم ; لإنكارهم لإمامته، والإمامة من أُصول الدين كما هو الحقّ.. ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " حربك حربي "(3).. وقوله سبحانه: (من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه...)(4) الآية، فإنّها نازلة بعليّ (عليه السلام) ومن حاربه، كما
(1) سورة الزخرف 43: 36 ـ 42. (2) راجع ج 1 / 15 هـ 3 من هذا الكتاب. (3) انظر: كنز العمّال 12 / 97 ح 34164، وقد تقـدّم مؤدّاه في ج 4 / 358 هـ 4 من هذا الكتاب، وسـيأتي ذِكره مفصّـلا. (4) سورة المائدة 5: 54.