وثانياً: إنّه يرفع فضل أبي بكر في بذل ماله، وفضل عثمان في تجهيز جيش العسرة، وهو خلاف رأي أصحابه. وثالثاً: إنّه يستلزم عذر الغني في ترك الحجّ والزكاة وجميع المطلوبات المالية ; لأنّ فعلها يضيق قلب الفقير ويوحش الغني. ورابعاً: إنّه لا ضيق على قلب الفقير ; لعلمه بأنّه معذور عند الله وعند الناس، مع دخول فائدة عليه بالصدقة. وخامساً: إنّ قوله: " لم يكن في تركه كبير مضرّة " إقرار بثبوت أصلها، وهو مناف لباقي كلامه، على أنّ إثبات أصلها إثبات للطعن! ثمّ قال الرازي: " وأيضاً: فهذه المناجاة ليست من الواجبات، ولا من الطاعات المندوبة، بل قد بيّـنّا أنّهم إنّما كلّفوا بهذه الصدقة ليتركوا هذه المناجاة، ولمّا كان الأَوْلى بهذه المناجاة أن تكون متروكة لم يكن تركها سـبباً للطعن "(1). وعليـه: فالطعن على أمير المؤمنين (عليه السلام) بفعل المناجاة ; لأنّه خلاف الأَوْلى. وهذا لعمر الله هو النصب، والجور، والاسـتهزاء بآيات الله، والتلاعب بكتابه وأحكامه!! وأيّ مسلم ينكر رجحان المناجاة بعد الصدقة؟! ولم يدّع أحد أنّ الداعي لوجوب الصدقة ترك المناجاة بالكلّـيّـة!! على أنّك عرفت دلالة الآية على وجوب المناجاة فضلا عن اسـتحبابها. (1) تفسير الفخر الرازي 29 / 273.