ولو نقلوا أحاديث فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) على وجهها، لظهر لك كيف دلالتها على إمامته! حتّى إنّهم لم ينقلوا من نصّ الغدير إلاّ اليسير، وأخفوا أكثر ما فيه الصراحة الذي يقطع كلُّ غافل بوجوده ; إذ لا يمكن أن يجمع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو مئة ألف من المسلمين ويقوم فيهم بحرِّ الحجاز وقت الظهيرة على منبر يُقام له من الأحداج(1)، ويخطبهم لداعي حضور أجله وهو لا يقول إلاّ: " من كنت مولاه فعليٌّ مولاه "(2)، أو بزيادة قليلة عليه، ومع ذلك لا يريد إلاّ بيان أنّ عليّـاً ناصرٌ لمن كنت ناصره أو نحوه، ما أظـنّ أنّ عاقلا يرتضيه!! (1) الأحداج: جمع الحدج: أي الحِمْل، والحدج: من مراكب النساء يشبه المحفّة، ويقال: أحداج وحدوج، والحدوج: الإبل برحالها. انظر: لسان العرب 3 / 77 مادّة " حدج ". (2) انظر: ج 1 / 19 ـ 22 من هذا الكتاب.