وقوع الاستخلاف في الأرض كلّها، أو أكثرها، فينبغي حمله على الاسـتخلاف أيّـام الحجّـة المنـتـظر عجّـل الله فرجـه. الثاني: إنّ قوله: " ولم يحصل ذلك في أيّام عليّ... " إلى آخره.. مناف لِما زعمه في صدر كلامه من دلالة الآية على خلافة الأربعة جميعاً! على أنّ تعليله له بقوله: " لأنّه لم يتفرّغ لجهاد الكـفّار " عليلٌ ; إذ لم تشـترط الآية في حصول الاسـتخلاف أن يكون بجهاد المسـتخلَف نفسه للكـفّار. ولعلّه أشار بقوله: " لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة " إلى الطعن في حرب أمير المؤمنين بأنّه حارب المصلّين، أو إلى تفضيل حرب من سبقه على حربه ; لأنّهم حاربوا الكفّار وهو حارب أهل الصلاة، وكأنّه لم يعلم بما رواه أصحابه من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ". فقام إليه أبو بكر، ثمّ عمر، وقال كلٌّ منهما: أنا هو؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا، ولكنّه خاصف النعل ـ يعني عليّـاً ـ "(1). فإنّه دالٌّ على أنّ حرب عليّ (عليه السلام) كحربه (صلى الله عليه وآله وسلم)، مأمور به من الله سبحانه دون حرب الرجلَين، فلم يحارب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلاّ مهدور الدم، ومَن لا تقبل صلاته، ولم يحارب الرجلان حرباً مشروعاً واقعاً على تنزيل القرآن أو تأويله، فإنّهما عزلا مَن له المنصب والحرب الإلهيّة، وحاربا بلا أمر منه، فكانا كمن عزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحارب باسـتقلاله. (1) مسند أحمد 3 / 82، المستدرك على الصحيحين 3 / 132 ح 4621، مجمع الزوائد 5 / 186، وانظر: الصفحة 84 هـ 1 ـ 5 من هذا الجزء.