وأمّا الثاني ; فلأنّ الوعد للأئمّة بالقوّة(1) لا يتوقّف على ثبوتها لكلّ فرد منهم، بل يكفي ثبوتها لبعضهم، كأمير المؤمنين والإمام المنتظر ; لأنّ قوّة البعض قوّة للجميع، على أنّ القوّة حاصلة لكلّ منهم في الرجعة كما جاءت به أخبارنا(2). واعلم، أنّ الآية التي نحن فيها وما قبلها وما بعدها من الآيات مرتبطة ظاهراً بعموم المسلمين الحاضرين حال الخطاب، ولكنّه تعالى خصّ الوعد ببعضهم، وهم الّذين وصفهم الله سبحانه بالّذين آمنوا وعملوا الصالحات، فينبغي أن يكون غير هذا البعض غير موصوفين بهذا الوصف ; إمّا لعدم عملهم بالصالحات، أو لكونهم غير مؤمنين، أي غير كاملي الإيمان، أو غير ثابتي الإيمان، لا أنّهم غير مسلمين ولا مؤمنين أصلا ; لفرض تعلّـق الآيات بالمسلمين. فالبعض الموعود بالاستخلاف ممتاز، إمّا بعمل الصالحات، أو كمال الإيمان، أو ثباته، وما هو إلاّ أمير المؤمنين وأبناؤه الأطهار المعصومون ;
(1) يقسم الوجود المطلق إلى: ما وجوده بالفعل، وإلى ما يقابله، وهو ما وجوده بالقـوّة.. والأوّل: وجود الشيء في الأعيان بحيث يترتّب عليه آثاره المطلوبة منه. والثاني: إمكان وجود الشيء في الأعيان قبل تحقّـقه، وهو ليس جوهراً قائماً بذاته، بل هو عرض قائم بموضوع ـ مادّة ـ يحمل قوّة وجوده، وغير ممتنع عن الاتّحاد بالفعلية التي تحمل إمكانها، كالاستعداد الموجود في البذرة لأن تكون شجرة أو ثمرة، والنطفة التي هي قوّة بالنسبة للإنسان الذي هو فِعل، فكلّ قوّة تتقوّم بفعلية، ومادّتها واحدة وإن اختلفت الصور. انظر: شرح تجريد الاعتقاد: 48، نهاية الحكمة: 196 ـ 200. (2) انظر: المسائل السروية: 32، رسائل الشريف المرتضى 1 / 125 ـ 126 المسألة الثامنة.