كما جعل الله يحيى نبيّاً وآتاه الحكم صبيّاً، وكذلك عيسى ويوسف وسليمان، وقد مدح الله الحسنين وهما طفلان بقوله سبحانه: (إنّ الأبرارَ يَشربُون... *... ويخافون يوماً... * ويُطعمُون الطعام على حُـبّـه... * إنّما نُطعمُكم لوجهِ اللهِ...)(1) الآيات. ولو سُلّم دخل الشوكة والقوّة والمنصب بأولوية الوصف بالتصديق، فأيّ قوّة وشوكة لأبي بكر، وهو من أرذل بيت في قريش، كما قاله أبو سـفيان(2)؟! وأيّ منصب له، وهو كان خيّاطاً ومعلّماً للصبيان(3)؟! فأين هو من أسد الله ورسوله، وابن سيّد البطحاء، الذي إن لم يزد الإسلام بنفسه قوّة فباتّصاله بأبيه وتعلّقه به؟! بل قد عرفت أنّ شهادة الله سبحانه بالتقوى لمن صدَّق بالصدق تدلّ على عصمته، ولا معصوم غير عليّ بالإجماع، فتتعيّن إرادته بالآية. (1) سورة الإنسان 76: 5 و 7 ـ 9. (2) انظر: الاستيعاب 3 / 974، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 2 / 45. (3) انظر: الأعلاق النفيسة: 215، كنز العمّال 4 / 33 ح 9360، الصوارم المهرقة: 324، الصراط المستقيم 3 / 104.