مالك(1).
فإذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) هو المراد بـ (المؤمنين) في الآية، دلّ على أنّه بمنزلة جميع المؤمنين في الإيمان والتأييد للنبيّ ; للتعبير عنه بصيغة الجمع العامّة، فيكون أفضلَهم وإمامَهم، خصوصاً مع كتابة اسمه الشريف وتأييده على العـرش..
فقول الفضل: " لا شكّ أنّ عليّـاً من أفاضل المؤمنين... " إلى آخره، ظلمٌ لأمير المؤمنين بجعله من الأفاضل، والآية والرواية تدلاّن على الأفضلية.
كما إنّ قوله: " ولمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيّداً بالمؤمنين... " إلى آخره، خلافُ مقصود الآية والرواية، من كونه بمنزلة جميع المؤمنين في التأييد ; لأنّه العمدة والمتّبَع ; ولذا قرنه الله سبحانه بنصره، وزيّن به عرشه.
ولا ينافي إرادة أمير المؤمنين من (المؤمنين) في الآية، قوله تعالى بعدها: (وألَّـف بين قلوبهم...)(2) الآية ; وذلك لأنّ الاسـتخدام(3) بابٌ واسع.
(1) ينابيع المودّة 1 / 282 ذ ح 3.
(2) سور الأنفال 8: 63.
(3) الاستخدام: هو أن يُذكَر لفظٌ له معنيان، فيراد به أحدهما، ثمّ يُراد بالضمير الراجع إلى ذلك اللفظ معناه الآخر ; أو يراد بأحد ضميريه أحدُ معنييه، ثمّ بالآخر معناه الآخـر..
فالأوّل كقوله:
إذا نزلَ السماءُ بأرض قوم
رعيناهُ وإنْ كانوا غِضابا
رعيناهُ وإنْ كانوا غِضابا
رعيناهُ وإنْ كانوا غِضابا
والثاني كقوله:
فسَقى الغِضى والسّاكنيه وإنْ هُمُ
شَبَّوْهُ بينَ جَوانحي وَضُلوعي
شَبَّوْهُ بينَ جَوانحي وَضُلوعي
شَبَّوْهُ بينَ جَوانحي وَضُلوعي
أراد بأحد الضميرين الراجعين إلى " الغضى " ـ وهو المجرور في " الساكنيه ": المكان، وبالآخر ـ وهو المنصوب في " شبّوهُ ": النار ; أي: أوقدوا بين جوانحي نار الغضى ; يعني نار الهوى التي تشـبه نار الغضى.
والاستخدام الذي عناه الشيخ (قدس سره)، المستعمل في الآية الكريمة، من القسم الأوّل.
انظر: التعريفات ـ للجرجاني ـ: 21 ـ 22.