المـال؟! أم أعجب من خفاء الصدقة بهذا المال على عامّة الناس حتّى أظهرها هذا الراوي، وهي ممّا ينبغي أن تُغْني أكثر أهل المدينة في ذلك اليوم؟! أم أعجب من سماحة نفسه بهذا المال، وهو قد ضَـنّ(1) على أهله بالقليـل؟! فقد ذكرت أسماء في تتمّة الحديث المذكور، أنّ أبا بكر انطلق بذلك المال لمّا هاجر، ولم يترك لهم شـيئاً(2)! ولو كان من أهل الصدقة بمثل ذلك المقدار، فلِـمَ أشفق من تقديم الصدقة اليسـيرة في النجوى(3)؟! ولِـمَ أخذ من رسول الله حين الهجرة والضيق قيمة البعير الذي ابتاعه منـه(4)، وهم قد زعموا أنّه واسى النبيّ بماله؟! فانظر واعتبـر!! (1) الـضِّـنَّـةُ والـضِّـنُّ والمَضَـنَّـة والمَضِنَّـة: الإمساك والبخل، وضَنَّ بالشيء ضَِنّـاً: بَخِـلَ به ; انظر: لسان العرب 8 / 94 مادّة " ضنن ". (2) المستدرك على الصحيحين 3 / 6 ذ ح 4267. (3) انظر: الصفحة 30 وما بعدها من هذا الجزء. (4) انظر: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 1 / 176، تاريخ الطبري 1 / 568 و 570، البداية والنهاية 3 / 145 و 149.