الناصية و يرتفع عن النزعة إلى ان يتصل بمواضع التحذيف و يمر فوق الصدغ و يتصل
بالعذار و اما ما يرتفع من الاذن فداخل في المؤخر و الذقن بالتحريك مجمع اللحيتين
اللذين فيهما منابت الاسنان السفلى و الذي استفاده الاصحاب رضوان الله عليهم من هذه
الرواية ان الحد الطولي للوجه من القصاص إلى طرف الذقن و الحد العرضي ما حواه
الابهام و الوسطى و هذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين و الصدغين و العارضين و
مواضع التحذيف في الوجه و خروج العذارين عنه لكن النزعتان و ان كانتا تحت القصاص
فهما خارجتان عن الوجه عند علمائنا و لذلك اعتبروا قصاص الناصية و ما على سمته من
الجانبين في عرض الرأس و اما الصدغان فهما و ان كانا تحت الخط العرضي المار بقصاص
من الناصية nو يحويهما الاصبعان غالبا الا انهما خرجا بالنص و اما العارضان فقد قطع
العلامة في المنتهى بخروجهما و شيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما و ربما يستدل على
الدخول بشمول الاصبعين لهما و اما مواضع التحذيف فقد أدخلهما بعضهم لاشتمال
الاصبعين عليها غالبا و وقوعهما تحت ما يسامت قصاص الناصية و أخرجها آخرون لنبات
الشعر عليهما متصلا بشعر الرأس و به قطع العلامة في التذكرة و اما العذاران فقد
أدخلهما بعض المتأخرين و قطع المحقق و العلامة بخروجهما للاصل و لعدم اشتمال
الاصبعين عليهما غالبا و عدم المواجهة بهما و إذا تقرر هذا ظهر لك ان ما فهمه
الاصحاب رضي الله عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الاجزاء عن حد الوجه مع دخوله
في التحديدات الذي عينه ( ع ) فيها و دخول البعض فيه مع خروجه من التحديد المذكور و
كيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن الامام ( ع ) فلا
بد من إمعان النظر في هذا المقام و قد لاح لي من الرواية معنى آخر يسلم به التحديد
عن القصور و دلالة الرواية عليه في غايه الظهور و هو ان كلا من طول الوجه و عرضه هو
ما اشتمل عليه الابهام و الوسطى بمعنى ان الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن و هو
مقدار ما بين الاصبعين غالبا إذا فرض إثبات وسطه و ادير على نفسه ليحصل شبه دائرة
فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله و ذلك لان الجار و المجرور في قوله ( ع ) من
قصاص شعر الرأس اما متعلق بقوله دارت أو صفته مصدر محذوف و المعنى ان الدوران تبدء
من القصاص منتهيا إلى الذقن و اما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه و هو لفظ ما
ان جوزنا الحال عن الخبر و المعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الاصبعان حال
كونه من القصاص إلى الذقن فإذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية و طرف الابهام
إلى آخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما و دار طرف الوسطى مثلا على الجانب الايسر إلى
أسفل و دار طرف الابهام على الجانب الايمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله (
ع ) مستديرا و تحقق ما نطق به قوله ( ع ) و ما جرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من
الوجه و بهذا يظهر ان كلا من طول الوجه و عرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من تفاوت و
يتضح خروج النزعتين و الصدغين عن الوجه و عدم دخولهما في التحديد فان اغلب الناس
إذا طبق انفراج الاصبعين على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه و ادارهما على ما
قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان و الصدغان خارجة عنها و كذلك يقع العذاران و
مواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء و التتبع و اما العارضان فيقع بعضها داخلها و
البعض خارجا عنها فيغسل ما دخل و يترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية و حينئذ
يستقيه التحديد المذكور فيها و يسلم عن القصور و لا يدخل فيه ما هو خارج و لا يخرج
ما هو داخل فتامل في ذلك فانه بالتأمل حقيق و الله سبحانه أعلم بحقايق الامور و ما
تضمنه الحديث
و كذا ما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب تبطين اللحية اي إيصال الماء إلى باطنها
و هو مستند الاصحاب رضوان الله عليهم في عدم وجوب تخليل الشعر الكثيف و فسر بما لا
تترأاى البشرة خلاله في مجالس التخاطب لكنهم اختلفوا في وجوب تخليل الخفيف و فسر
بما يقابل تفسير الكثيف فالمرتضى رضي الله عنه و ابن الجنيد و العلامة في القواعد و
المختلف و التذكرة على الوجوب و الشيخ و المحقق و العلامة في المنتهى و شيخنا
الشهيد في الذكرى و الدروس على العدم و هو المشهور و استدل في الذكرى بان الوجه اسم
لما يواجه به فلا يتبع غيره و بهاتين الصحيحتين و بما رووه من ان النبي صلى الله
عليه و آله
توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه و لا يبلغ الغرفة الواحدة أصول الشعر و
خصوصا مع ان النبي صلى الله عليه و آله كان كث اللحية كما وصفه به علي ( ع ) و لان
كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر للجميع لقيام المواجهة به هذا
كلامه و فيه نظر لان دليله الاول انما يجري بظاهره في الكثيف و ليس النزاع فيه و
العلاوة التي ظنها مؤيدة لدليله الثالث تاييدها ظاهر بل الظاهر خلافه و قوله في
الرابع ان كل شعرة تستر ما تحتها ان أراد ان اصلها تستر نفس منبتها الحقيقي فليس
الكلام فيه و ان أراد ان الشعرة تستر شعاع البصر عن الوقوع على ما يحاذيها من اجزاء
الوجه فان أراد اجزاء شخصيته بعينها في كل مجالس التخاطب فالخفيف ليس كذلك فان
المستوريه تتبدل بتبدل مجلس التخاطب بل بأدنى حركة بين الرائي و المرئي يظهر ما
ماشية و يستر ما كان ظاهرا و ان أراد اجزاء نوعية متبدلة الافراد بتبدل المجالس
توجه المنع إلى الكبرى لحصول المواجهة بها في بعض الاوقات ثم أعلم انه لا خلاف بين
الفريقين في وجوب غسل ما لا يرى من البشرة خلال الشعر في مجلس التخاطب و في عدم
وجوب غسل ما لا يرى منها و من هنا قال بعض مشايخنا رضي الله عنهم ان النزاع في هذه
المسألة قليل الجدوى و أنت خبير بانه لو جعل النزاع في وجوب غسل ما يستره الشعر
الخفيف في بعض المجالس دون بعض كما يلوح من كلامهم لم يكن بعيد أولا يكون النزاع
قليل الجدوى و منشاؤه حينئذ ان عدم المواجهة به في بعض الاوقات هل يؤثر في سقوط
غسله ام لا و ان قوله ( ع ) كلما احاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه هل يراد
به الاحاطة الدائمية أو في الجملة لكن الظاهر ان المراد الاحاطة الدائمية و ان
المواجهة
به في بعض الاوقات كافيه في إيجاب غسله و حينئذ فيقوى مذهب المرتضى ( رض )
مع انه اقرب إلى سلوك سبيل الاحتياط و الله أعلم الفصل الثالث فيما يمسح من الرأس و
القدم و جواز النكس فيهما عشرة أحاديث ا من الصحاح زرارة قال قلت لابي جعفر ( ع )
الا تخبرني من اين علمت و قلت ان المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين في القدم فضحك ثم
قال يا زرارة قال رسول الله صلى الله عليه و آله و نزل به ( بها ) الكتاب من الله
لان الله عز و جل يقول فاغسلوا وجوهكم فعلمنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال و
أيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال و امسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال
برؤسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالراس كما وصل اليدين
بالوجه فقال و أرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالراس ان المسح على بعضهما (
ب ) زرارة و اخوه بكير عن ابي جعفر ( ع ) قال إذا مسحت بشيء من رأسك أو بشيء من
قدميك ما بين كعبيك إلى اطراف الاصابع فقد اجزأك ( ج ) حماد بن عثمن عيسى عن بعض
اصحابه عن أحدهما عليه السلام في الرجل يتوضأ و عليه العمامة قال يرفع العمامة بقدر
ما يدخل اصبعه فيمسح على مقدم رأسه ( د ) زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام
المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه مقدار ثلاث اصابع و لا تلقى عنها خمارها
ه احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال
(16)
إلى الكعبين إلى ظهر القدم فقلت جعلت فداك لو ان رجلا قال باصبعين من اصابعه فقال
لا الا بكفه و حماد بن عثمن عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بمسح الوضوء
مقبلا و مدبرا ز حماد بن عثمن ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام لا بأس بمسح
القدمين مقبلا و مدبرا ح زرارة قال أبو جعفر عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر فقد
يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه و اثنتان للذراعين و تمسح ببلة يمناك
ناصيتك و ما بقي من بلة يمناك يمينك ظهر قدمك اليمنى و تمسح ببلة يسراك ظهر قدمك
اليسرى ط معمر بن خلاد قال سألت ابا الحسن عليه السلام يجزى الرجل ان يمسح قدميه
بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت بماء جديد فقال براسه نعم ى من الموثقات أبو بصير قال
سألت ابا عبد الله ( ع ) عن مسح الرأس فقلت امسح بما في يدي من الندا رأسي قال لا
بل تضع يدك في الماء ثم تمسح أقول قد يظن ان ما تضمنه الحديث الاول من قول زرارة
للباقر ( ع ) الا تخبرني من اين علمت ينبئ عن سواد به و قلة احترامه للامام ( ع ) و
هو قدح عظيم في شأنه و جوابه ان زرارة رضي الله عنه أوضح حالا و ارفع قدرا من ان
يظن به ذلك و لكنه كان ممتحنا بمخالطة علماء العامة و كانوا ربما بحثوا معه في بعض
المسائل و طالبوه عليها بالدلايل التي ربما عجز عنها فاراد ان يستفيد من الامام ( ع
) ما يسكتهم به و يرد شبهاتهم و يخلص من تعجيزهم فعبر بتلك العبارة من دون تأمل
معتمدا على رسوخ عقيدته واثقا بعلم الامام ( ع ) بما قصده بذلك السوأل و ربما قرئ
قوله من اين علمت و قلت بتاء المتكلم اي أخبرني بمستند علمي بذلك و دليله قولي به
فاني جازم بالمدعى غير عالم بدليله و على هذا فلا اشكال و في ضحكه ( ع ) عند سماع
كلامه هذا نوع تأييد لهذا الوجه و قوله ( ع ) ثم فصل بين الكلامين اي غاير بينهما
بإدخال الثاني الثاني دون الاول و هو يعطي كون الباء في الاية للتبعيض فلا يلتفت
إلى كلام من جعلها فيها المطلق الالصاق و اما قول سيبويه في سبعة عشر موضعا من
كتابه ان الباء لم تجئ للتبعيض في لغة العرب فمع كونه شهادة على نفي يكذبه إصرار
الاصمعي على مجيئها له و هو اشد أنساب كلام العرب و اعرف بمقاصدهم من سيبويه و قد
وافق الاصمعي كثير من النحاة و جعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله
للتبعيض و ناهيك بما تضنفه هذا الحديث حجة لهم و قوله ( ع ) في الحديث الثاني ما
بين كعبيك إلى اطراف الاصابع يدل على عدم وجوب إدخال الكعبين في المسح و هو مختار
المحقق في المعتبر و ذهب العلامة في المنتهى إلى وجوبه و أجاب عنا دل عليه هذا
الحديث بان مثل ذلك قد يستعمل فيما يدخل فيه المبدء كقولك له عندي ما بين واحد إلى
عشرة فان الواحد داخل قطعا و هو كما ترى و لا ريب ان الدخول احوط ما تضمنه الحديث
الثالث من رفع العمامة يراد به تنحيتها عن محل المسح إلى قدام لا رفعها عنه إلى فوق
بقرينة قوله ( ع ) بقدر ما يدخل اصبعه و يجوز قراءته بكسر الخاء و نصب الاصبع
بالمفعولية و بضمها و رفعه بالفاعلية و ما تضمنه الحديث الرابع من اجزاء مسح المرأة
بثلث اصابع يمكن ان يستدل به للشيخ في النهاية و ابن بابويه من وجوب المسح بثلث
اصابع و عدم اجزاء الاقل مع الاختيار و يؤيده رواية معمر عن ابي جعفر ( ع ) قال
يجزي المسح على الرأس موضع ثلث اصابع و كذلك الرجل
و يمكن حملها على الاستحباب عملا
بالمشهور بين الاصحاب المعتضد بالاخبار الصحيحة الصريحة و سلوك سبيل الاحتياط أولى
و ما تضمنه ظاهر الحديث الخامس من وجوب مسح الرجلين بكل الكف لا أعرف به قائلا من
اصحابنا و نقل المحقق في المعتبر و العلامة في التذكرة الاجماع على الاجتزاء بمسمى
المسح و لو باصبع واحدة فحمل ما تضمنه الحديث على الاستحباب لا بأس به
(17)
لجار المسجد الا في المسجد كما قاله العلامة في المنتهى تبعا للشيخ في التهذيب و
قال في قول السائل قال باصبعين من اصابعه بمعنى فعل و اعلم ان العلامة في المختلف ؟
استدل بهذا الحديث من جانب القائلين بعدم الاجتزاء في مسح الراس و الرجلين باصبع
واحدة بعد ما نسب الاجتزاء به فيهما إلى الشهرة و هو يقتضي وقوع الخلاف بين اصحابنا
في الرجلين ايضا و لا ينافيه الاجماع المنقول في الكتابين اذ وجود المخالف لا يقدح
في انعقاد الاجماع عندنا و قد ظن بعض الاصحاب ان استدلاله طاب ثراه بذلك الحديث
انما هو من جانب الشيخ و ابن بابويه على عدم الاجتزاء في مسح الراس بأقل من ثلث
اصابع فاعترض عليه بانه لا دلالة في ذلك الحديث على المدعى بوجه و ما تضمنه الحديث
السادس و السابع من جواز النكس في مسح الرأس و الرجلين هو المشهور بين المتأخرين و
قال الشيخ في النهاية و الخلاف و المرتضى في الانتصار بعدم جواز استقبال الشعر في
مسح الرأس خروجا من الخلاف و نقل عن ظاهر ابن بابويه و المرتضى عدم جاز النكس في
مسح الرجلين ايضا و هما ضعيفان و ما تضمنه الحديث الثامن من المسح ببقية البلل مما
انعقد عليه إجماع عنا اصحابنا بعد ابن الجنيد و هذا هو المستند في هذا الباب و اما
استدلال المحقق في المعتبر بان الامر بالمسح مطلق و المطلق للفور و الاتيان به ممكن
من استيناف ماء فيجب الاقتصار عليه تحصيلا للامتثال فانت خبير بان للبحث فيه مجالا
واسعا اذ على تقدير كون الامر في الاية للفور لا يخل به اخذ الماء قطعا و هو ظاهر و
اما استدلال الاصحاب بالروايات الورادة في الوضوء البياني المتضمنة
للمسح ببقية
البلل كصحيحتي زرارة و أبي عبيدة الحذاء و غيرهما ففيه ان لا بن الجنيد ان يقول ان
تلك الروايات انما تنهض دليلا لو ثبت ان مسح الامام ( ع ) ببقية البلل انما كان
لتعينه و عدم جواز غيره و لم لا يجوز ان يكون فعله ( ع ) له لكونه ؟ جزئيات الكلي
المامور به و بعض الاصحاب لما تفطن بهذا عدل عن الاستدلال بتلك الروايات إلى
الاستدلال بهذا ؟ و قال ان الجملة الخبرية يعني قوله ( ع ) و تمسح ببلة يمناك
ناصيتك هنا بمعنى الامر و هو يقتضي الوجوب و لا يخفى ان لا بن الجنيد ان يقول انما
يتم التقريب لو تعين كون الجملة الخبرية هنا بمعنى الانشاء و لم يجز كون الفعل فيها
معطوفا على ثلث غرفات و مندرجا تحت قوله ( ع ) فقد يجزيك اما
على هذا التقدير فلا
اذ لا كلام في اجزاء المسح ببلل الوضوء انما الكلام في تعينه و عطف الفعل على الاسم
بإضمار ان من الامور الشايعة في الكلام السايغة عند النحاة كما في البيت المشهور
للبس عباءة و تقر عيني احب الي من لبس الشفوف يعطف تقربا بالنصب على لبس و بهذا
يظهر ان ما ظنه بعض الاصحاب من دلالة هذه الرواية على أولوية مسح القدم اليمنى
باليد اليمنى و اليسرى باليسرى ظاهر و الله أعلم بحقائق الامور و ما تضمنه الحديث
التاسع و العاشر من النهي
عن المسح ببقية البلل و الامر بالاستيناف لا يخلو من
اشكال و الشيخ حملهما على التقية ثم قال و يحتمل ان يكون أراد بالخبر الثاني من
قوله بل تضع يدك في الماء الماء الذي بقي في لحيته أو حاجبية هذا كلامه و استبعده و
الذي ره في حواشى الاستبصار لان المسائل قال امسح بما في يدي من النداء فكيف ينهاه
( ع ) عن ذلك و يأمره بالاخذ من لحيته أو حاجبية و لا يخفى ان الاحتمال الاول أيضا
في نهاية البعد لان السائل قال يمسح قدميه بفضل رأسه و هو صريح في عدم الجفاف و في
حمل الخبر الاول على التقية اشكال لتضمنه مسح القدمين و العامة لا يمسحونهما لا
ببقية البلل و لا بماء جديد فان قلت انهم يجوزون إطلاق المسح على الغسل فيمكن تنزيل
الكلام على ما يوافق زعمهم الفاسد قلت ما تضمنه الحديث من
(18)
مسح الخفين لكان أولى و الذي ما زال يختلج بخاطري ان ايماءه ( ع ) براسه نهى لمعمر
بن خلاد عن هذا السوأل لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون في المجلس فانهم كانوا كثيرا
ما يحضرون مجالسهم ( ع ) فظن معمر انه ( ع ) انمانها عن المسح ببقية البلل فقال
ايماء جديد فسمعه الحاضرون فقال ( ع ) براسه نعم و مثل هذا يقع في المحاورات كثيرا
و الله أعلم بحقايق الامور الفصل الرابع في تعين الكعبين ثلاثة أحاديث ا من الصحاح
زرارة و اخوه بكير عن ابي جعفر ( ع ) انهما سالاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه
و آله فدعا بطست أو تور فيه ماء ثم حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه و آله إلى ان
انتهى إلى المسح قالا قلنا له أصلحك الله فاين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون
الساق قلنا هذا ما هو قال هذا عظم الساق ب احمد بن محمد بن ابي نصير عن ابي الحسن
الرضا ( ع ) قال سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الاصابع فمسحها
إلى الكعبين إلى ظهر القدم ج من الحسان ميسرة عن ابي جعفر ( ع ) قال الوضوء واحدة
واحدة و وصف الكعب في ظهر القدم أقول الطست يروي بالبين و الشين معا و التور إناء
يشرب منه و لفظة دون في قول الاخوين دون عظم الساق اما بمعنى تحت أو بمعنى عند أو
بمعنى و قوله في الحديث الثاني إلى ظهر القدم تفسير و بيان لقوله إلى الكعبين و ليس
المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه كما يقال لما ارتفع و غلظ من الارض
ظهر بخلاف ظهر القدم في الحديث الثالث فانه لا مانع فيه من إرادة كل من المعنيين و
ما تضمنه من قوله ( ع ) الوضوء واحدة واحدة مما يستدل به القائلون من اصحابنا بعدم
استحباب الغسلة الثانية كالصدوق و الكليني قدس الله روحهما و سنتكلم فيه عن قريب
انشاء الله تعالى و لا بد في هذا المقام من الكلام في تحقيق الكعب فانه من المعارك
العظيمة بين العلامة اعلى الله مقامه و بين من تأخر منه من علمائنا نور الله
مراقدهم فلا بأس بإطلاق عنان القلم في هذا الجدال فعسى ان تنحسم به مواد القيل و
القال فأقول و بالله العصمة و التوفيق الكعب يطلق على معان أربعة الاول العظم
المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل و المشط الثاني بين الساق و القدم
الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق و القدم له زائدتان في اعلاه
يدخلان في حفرتي قصبة الساق أو زائدتان في أسفله يدخلان في حفرتي العقب و هو نات في
وسط ظهر القدم اعنى وسطه العرضى و لكن نتوه ظاهر لحس البصر لارتكاز اعلاه في حفرتى
الساق و قد يعبر عنه بالمفصل ايضا اما لمجاورته له أو من قبيل تسمية الحال بإسم
المحل
الرابع احد الناتيين عن يمين القدم و شماله اللذين يقال لهما المنجمين و هذا
المعنى الاخير هو الذي حمل أكثر العامة الكعب في الاية عليه و أصحابنا رضى عنهم
مطبقون على خلافه و اما المعاني الثلثة الاول فكلامهم قدس الله أرواحهم لا يخرج
عنها و ان كان بعض عباراتهم اشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الاول ذكره من
اصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي الفه في الكعب و صريح عبارة المفيد
طاب ثراه منطبق عليه فانه قال الكعبان هما قبتا القدمين امام الساقين ما بين المفصل
و المشط و المعنى الثاني ذكره جماعة من أهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل
مفصل العظام و الرواية الاولى ظاهرة فيه و هو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن
الجنيد و المعنى الثالث هو الذي يكون في ارجل البقر و الغنم ايضا و ربما يلعب به
الناس كما قاله صاحب القاموس و هو الذي يحبث عنه علماء التشريح و قال به الاصمعي و
محمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة
عنه في بعض كتبه بحد المفصل و في بعضها بمجمع الساق و القدم بالناتي وسط القدم و في
بعضها بالمفصل وصب عبارات الاصحاب عليه و قال في المنتهى بعد ما فسره بالناتي في
وسط القدم قد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب و
الضابط فيه ما رواه زرارة و بكير في الصحيح ثم أورد الرواية الاولى و قال في
المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق و القدم و في عبارة علمائنا اشتباه على
المحصل و استدل بتلك الرواية و بان استيعاب ظهر القدم كما يعطيه بعض الروايات يوجب
الانتهاء اليه و انما عبر قدس روحه عنه بالمفصل لموافقة الرواية و لئلا يشتبه
بالمعني الاول و أيضا فالمفصل أظهر للحس و المسح اليه مسح إلى المفصل في الحقيقة و
أراد قدس الله روحه باشتباه عبارة علمائنا انها لما كانت مجمله بحيث يحتمل المعنى
الاول و الثالث
بل ظاهرها اقرب إلى الاول وقع الاشتباه فيها على المحصلين فحملوها
على المعنى الاول و التحقيق يقتضي حملها على الثالث و هو الذي انطبق على الرواية
الصحيحة و اعتضد بكلماء علماء التشريح و شاع نسبته إلى كل من قال بالمسح و لا بأس
بنقل عنا عبارات بعض الاصحاب ليظهر في الجملة و يتضح انها ابية على الانطباق على ما
ذكره قدس الله روحه قال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق و هو المفصل
الذي قدام العرقوب و قال السيد المرتضى رضي الله عنه الكعبان هما العظمان الناتيان
في ظهر القدم عند معقد الشراك و قال الشيخ الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط
القدم و قال أبو الصلاح الكعبان معقد الشراك و قال ابن ابي عقيل الكعبان
ظهر القدم
و قال ابن إدريس الكعبان هما العظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك و قال
المحقق في المعتبر الكعبان عندنا هما العظمان الناتيان في وسط القدم و هما معقدا
الشراك ثم استدل على ذلك بالرواية الاول كما فعل العلامة في المنتهى و المختلف هذه
عبارات اصحابنا رضي الله عنهم و لا يخفى عدم ابائها عن الانطباق على ما قاله
العلامة طاب ثراه فانه قدس الله روحه لا ينكر ان الكعب عظم نات في وسط القدم كيف و
قد فسره بذلك في المنتهى و التذكرة و غيرهما و لكنه يقول ليس هو العظم الواقع امام
الساق بين المفصل و المشط بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق و القدم و هو الذي
ذكره المشرحون و غيرهم و أنت خبير بان تنزيل عبارات الاصحاب على هذا المعنى بعيد
نعم عبارة المفيد رحمه الله صريحة في المعنى الاول فذكره لها في المختلف في بعض هذه
العبارات ليس على ما ينبغي و لعله طاب ثراه حمل المشط في كلامه على نفس القدم
و جعل
قوله امام الساقين بالنظر إلى امتداده القامة لكنه محمل بعيد و الله أعلم بحقايق
الامور و اعلم ان كتب العامة مشحونة بذكر ما ذهب اليه علماء الخاصة رضي الله عنهم
من ان الكعب هو ذلك العظم الواقع في ملتقى الساق و القدم المعبر عنه بالمفصل قال
الفخر الرازي في تفسيره عند قوله ( تعالى ) و أرجلكم إلى الكعبين قالت الامامية و
كل من ذهب إلى وجوب المسح ان الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر و الغنم
موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق و القدم و هو قول محمد بن الحسن و كان
الاصمعي يختار هذا القول ثم قال حجة الامامية ان اسم الكعب يطلق على العظم المخصوص
الموجود في ارجل جميع الحيوانات فوجب ان يكون في حق الانسان كذلك و المفصل يمسى
كعبا و منه كعاب الرمح لمفاصله فوجب ان يكون الكعب انتهى كلامه و قال صاحب الكشاف
عند تفسير هذه الاية لو أريد المسح لقيل إلى الكعاب لان الكعب هناك مفصل القدم و هو
واحد في كل رجل فان أريد
فانه يجوز كون التثنية بالنظر إلى كل متوضي و قال النيشابوري في تفسيره ان الامامية
و كل من قال بالمسح ذهبوا إلى ان الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث يكون مفصل
الساق و القدم و المفصل يمسى كعبا و منه كعوب الرمح لمفاصله ثم قال ان العظم
المستدير الموضوع في المفصل الذي تقوله الامامية شيء خفي لا يعرفه الا علماء
التشريح هذا حاصل كلامه و ليس الغرض من نقل كلام هؤلاء الاستدلال على ان مذهب
اصحابنا رضي الله عنهم في الكعب هو ما نسبه العلامة طاب ثراه إليهم فانه قدس الله
روحه مصدق في تلك النسبة محتاج إلى التأييد بموافقة العامة له ؟ ؟ تلك الرواية
الصحيحة الخالية عن المعارض مساعدة له على ذلك و انما الغرض ان نسبة هذا القول إلى
اصحابنا رضي الله عنهم مما اشتهر بين العامة ايضا و الله أعلم بحقايق الامور و اعلم
ان شيخنا الشهيد في الذكرى و شيخنا الشيخ على في شرح القواعد و شيخنا الشهيد الثاني
في شرح الارشاد بسطوا لسان التشنيع على العلامة في هذا القول و نسبوه إلى خرق
الاجماع على انه لم يقل احد من اصحابنا بموجبه و ان عباراتهم ناطقة بخلاف ما ادعاه
و لا بأس بنقل كلام هؤلاء المشايخ الثلاثة قدس الله أرواحهم و ان اتسع به نطاق
الكلام قال شيخنا الشهيد في الذكرى تفرد الفاضل رحمه الله بان الكعب هو المفصل بين
الساق و القدم وصبت عبارات الاصحاب كلها عليه و جعله مدلول كلام الباقر ( ع ) محتجا
برواية زرارة عن الباقر ( ع ) المتضمنة لمسح ظهر القدمين و هو يعطي الاستيعاب و
بانه اقرب إلى حد أهل اللغة و جوابه ان الظهر المطلق هنا يحمل على المقيد لان
استيعاب الظهر لم يقل به احد منا و قد تقدم قول الباقر ( ع ) إذا مسحت بشيء من رأسك
أو بشيء من قدميك ما بين كعبيك إلى اطراف الاصابع فقد اجزأك و رواية زرارة و أخيه
بكير و قال في المعتبر لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسمى من رؤوس
الاصابع إلى الكعبين و لو باصبع واحدة و هو إجماع فقهاء أهل البيت ( ع ) و لان
الرجلين معطوفة على الرأس الذي يمسح بعضه فيعطيان حكمه ثم قال شيخنا الشهيد واهل
اللغة ان أراد بهم لغوية العامة فهم مختلفون و ان أراد بهم لغوية الخاصة فهم متفقون
على ما ذكرنا حسبما مر و لانه احداث قول ثالث مستلزم لرفع ما اجمع عليه الامة لان
الخاصة على ما ذكرنا و العامة على ان الكعبين ما نتا عن يمين الرجل و شمالها انتهى
كلام شيخنا الشهيد طاب ثراه و لعمري انه قد بلغ في التشنيع اقصى غاياته و نعم ما
فعل حيث رجع عن هذا و قال في الرسالة بمقالة العلامة فكانه لاح عليه بعض ما تلونا
عليك و قد وافقه في ذلك صاحب كنز العرفان و قال شسيخنا المحقق الشيخ علي اعلى الله
قدره في شرح القواعد ما ذكره في تفسير الكعبين خلاف ما عليه جميع اصحابنا و هو من
منفرداته مع انه ادعى في عدة من كتبه انه المراد في اعبارات الاصحاب و ان كان فيها
اشتباه على المحصل و استدل عليه بالاخبار و كلام أهل اللغة و هو عجيب فان عبارات
الاصحاب صريحة في خلاف ما يدعيه ناطقة بان الكعبين هما العظمان الناتيان في ظهر
القدم امام الساق حيث يكون معقد الشراك قابلة للتأويل و الاخبار صريحة في ذلك و
كلام أهل اللغة مختلف و ان كان اللغويون من اصحابنا لا يرتابون في ان الكعب هو
الناتي في ظهر القدم و قد أطنب عميد الرؤساء في كتاب الكعب في تحقيق ذلك و أكثر من
الشواهد عليه على ان القول بان الكعب هو المفصل بين الساق و القدم ان أراد ان نفس
المفصل هو الكعب لم يوافق مقالة احد من الخاصة و العامة و لا كلام أهل اللغة و لهم
يساعد عليه الاشتقاق فانهم قالوا ان اشتقاقه