بفاتحة الكتاب و الجواب انه مخصوص بالذاكر اما الناسي فباق على التخيير كما ستعرفه
إذا تقرر هذا فنقول قد اختلفوا في عدد المجزي من التسبيحات فقيل ثلث و قيل اربع و
قيل تسع و قيل عشر و قيل اثنتا عشرة و اما عددها الافضل فلم يتجاوز احد من علمائنا
فيه عن الثمانية و العشرين و قد تضمن الحديث الاول التسع بتكرار سبحان الله و الحمد
لله و لا اله الا الله ثلث مرات ( إلى ) و هو الذي ذكره الثقة الجليل حريز بن عبد
الله رحمه الله في كتابه الذي الفه في الصلوة و اليه ذهب ابن بابويه و أبو الصلاح
رحمهما الله و ذهب السيد المرتضى في المصباح و الشيخ في المبسوط و الجمل و ابن
البراج و سلار و ابن إدريس إلى زيادة التكبير بعد التسع فيقول سبحان الله و الحمد
لله و لا اله الا الله ثلثا و في آخر الثالثة و الله اكبر فيكمل له عشر تسبيحات و
لم نظفر لهم في ذلك بمستند و اما قوله عليه السلم في هذا الحديث ثم تكبر و تركع
فمعلوم انه لا يصلح مستندا لظهور ان المراد بهذا التبكير تكبير الركوع لا عاشر
التسبيحات و قال الشيخ في النهاية و الاقتصاد انها اثنتا عشرة تسبيحة صورتها
سبحان
الله و الحمد لله و لا اله إلا الله و الله اكبر ثلث مرات و به قال ابن ابي عقيل
غير أنه قال يقولها سبعا أو خمسا و أدناه ثلث و مستند هذا القول كسابقه معلوم فان
ما بأيدينا من كتب الاحاديث خالية عما يصلح مستند الشيء منها ( إلى ) و ما تضمنه
الحديث الثاني من انها ثلث تسبيحات هو مختار ابن الجنيد انه لم يعتبر الترتيب قال
رحمه الله و الذي يقال مكان القراءة تحميد و تسبيح و تكبير يقدم ما يشاء و جملة
قوله عليه السلم لا تقرء فيهما في موضع الحال من الضمير في قمت اى إذا قمت قاري كما
قاله العلامة في المنتهى و جمله فقل بالفاء جواب الشرط و ابدال الفآء بالواو لتصير
جملة لا تقرء جواب الشرط من سهو الناسخين و ما تضمنه الحديث الثالث من انها اربع
تسبيحات هو مختار المفيد في المقنعة و جماعة من المتأخرين و جعل المحقق في المعتبر
العمل بهذا الحديث أولى من العمل بالاحاديث الاخر و الاولوية ظاهرة و ما تضمنه
الحديث الرابع من ضم الاستغفار إلى التسبيح و التحميد لا يحضرني الآن ان احدا من
الاصحاب قال بوجوبه و قد يلوح من قول العلامة في المنتهى الاقرب انه واجب ان بوجوبه
قولا و لو ضم إلى التسبيحات الاربع و كرر المجموع ثلث مرات لكان أولى و قوله عليه
السلم في آخر هذا الحديث فانها تحميد و دعاء و في الحديث الثامن انما هو تسبيح و
تكبير و تهليل و دعاء مما يؤيد تحتم الاتيان به تأييدا ظاهرا اذ ليس في شيء من
العبارات المنقولة في هذا الباب ما يتضمن الدعاء سواه و السيد الجليل جمال الدين بن
طاوس صاحب البشرى قدس الله روحه مال إلى اجزاء كل ما روى في عدد التسبيحات و أورد
على نفسه ان التخيير بين الوجود و العدم معهود و أجاب بالتزامه كالمسافر في مواضع
التخيير و إلى الاجتزاء بكل ما روى ذهب المحقق في المعتبر ايضا و ان جعل العمل
بالحديث الثالث أولى كما مر و ربما يستفاد من بعض الروايات الغير النقية السند
الاجتزاء بمطلق الذكر كما في رواية على بن حنظلة ان شئت فاقرء فاتحة الكتاب و ان
شئت فاذكر الله و اختلفوا في المفاضلة بين القراءة و التسبيح على أقوال فالمستفاد
من كلام الشيخ في النهاية و المبسوط انهما سواء للمنفرد و الامام و ذهب في
الاستبصار إلى ان الافضل للامام القراءة و ان التسوية أنما هي بالنسبة إلى المنفرد
و وافقه العلامة في المنتهى و احتج الشيخ على الاول بالحديث الخامس و على الثاني
برواية علي بن حنظلة السابقة و هي ما رواه عن الصادق عليه السلم قال سألته عن
الركعتين الاخيرتين ما اصنع فيهما فقال ان شئت فاقرء فاتحة
(232)
هما و الله سواء ان شئت سبحت و ان شئت قرأت و ظاهر علي بن بابويه رحمه الله ان
التسبيح افضل للامام و غيره فانه قال و سبح في الاخروين اماما كنت أو امام و أطلق
ابن ابي عقيل و ابن إدريس افضليته و صرح ابن ابي عقيل بشمول ذلك من نسي القراءة في
الاوليين محتجا بالحديث السابع فان قوله عليه السلم أكره ان اجعل آخر صلوتي أولها
بمعنى قوله أكره ان اقرأ في الاخيرتين و الحديث الثامن يساعده ايضا مساعدة قوية و
قال ابن الجنيد يستحب للامام التسبيح إذا تيقن انه ليس معه مسبوق و ان علم دخول
المسبوق أو جوزه قرأ ليكون ابتداء صلوة الداخل بقراءة و المأموم يقرء فيهما و
المنفرد يجزيه
مهما فعل هذا كلامه و لم إطلع على قائل بأفضلية القراءة للمنفرد ان
بعض الاصحاب المعاصرين مال إلى ذلك و استدل عليه بالحديث الخامس و السادس و برواية
جميل عن الصادق عليه السلم المتضمنة ان من صلى وحده يقرء في الاخيرتين فاتحة الكتاب
و بما رواه محمد بن حكيم قال سألت ابا الحسن عليه السلم ايما افضل القراءة في
الركعتين أو التسبيح فقال القراءة افضل و الذي يظهر لي ان الافضل للمنفرد التسبيح
كما يشهد به الحديث الاول و السابع و الثامن فان هذه الثلثة تنادي بكراهة القراءة و
في الحديث الرابع دلالة على افضليته ايضا فان قوله عليه السلم فانها تحميد و دعاء
يعطي ان التسبيح الذي هو تحميد و دعاء هو الاصل و الحرى بان يأتي به المصلي
في
الاخيرتين و ان الفاتحة انما اجزأت عنه لاشتمالها على التحميد و الدعاء و يدل ايضا
على افضلية التسبيح ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلم قال كان أمير
المؤمنين عليه السلم إذا صلى يقرء في الاوليين من صلوته الظهر سرا و يسبح في
الاخيرتين من صلوته الظهر على نحو من صلوته العشاء و كان يقرء في الاوليين من صلوة
العصر سرا و يسبح في الاخيرتين على نحو من صلوته العشاء و كان يقول أول صلوة أحدكم
الركوع و ما رواه محمد بن حمران عن الصادق عليه السلم قال صار التسبيح افضل من
القراءة في الاخيرتين لان النبي صلى الله عليه و آله لما كان في الاخيرتين ذكر ما
رأى من عظمة الله عزو جل فدهش فقال سبحان الله و الحمد لله و لا اله إلا الله و
الله اكبر فلذلك صار التسبيح افضل من القراءة و اما الاحاديث المستدل بها على
افضلية القراءة للمنفرد فظني انها لا تنهض بالدلالة على ذلك اما الحديث الخامس فلان
قوله عليه السلم
و ان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل لا يدل على ترجيح القراءة
بوجه نعم لو قال عليه السلم فيسعك ان لا تفعل من دون قوله فعلت لامكن ان يكون فيه
نوع ايماء إلى ترجيحها عليه كما ربما يلوح بحسب العرف من هذه العبارة و اما الحديث
السادس فانما يتم الاستدلال به لو تعين ان يكون قول السائل اي شيء تقول أنت بمعنى
اى شيء تفتي و تحكم به ليصير قوله عليه السلم اقرء فاتحة الكتاب فعل امر و هو متعين
كما لا يخفى لجواز ان يكون المراد ما الذي تفعله أنت و تتلوه في صلوتك
و يكون قوله
عليه السلم اقرء فاتحة الكتاب فعلا مضارعا و معلوم انهم عليهم السلام كانوا يواظبون
على الصلوة بالجماعة و الشيعة كانوا يواظبون على الاقتداء بهم فلا يتعين ان يكون
السوأل عما يتلوه عليه السلام إذا صلى وحده و إذا قام الاحتمال سقط الاستدلال و اما
روايتا جميل و محمد بن حكيم فغير نقيتى السند فلا تصلحان لمعارضة الاحاديث الصحيحة
مع انه ليس في رواية محمد بن حكيم تصريح بالمنفرد و الشيخ طاب ثراه حملها على صلوة
الامام جمعا بين الاخبار على انهما معارضتان بروايتي ابن قيس و ابن حمران السالفتين
هذا و اعلم انه إذا ضم الاستغفار إلى التسبيح فينبغي
الذي هو افضل من القراءة كما تضمنه الحديث التاسع عشر من الفصل الاتي و الله سبحانه
أعلم بحقايق احكامه الفصل الخامس في القنوت سبعة و عشرون حديثا أ من الصحاح زرارة
عن ابي جعفر عليه السلم قال القنوت في كل صلوة في الركعة الثانية قبل الركوع ب عبد
الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله عليه السلم قال سألته عن القنوت فقال في كل صلوة
فريضة و نافلة ج صفوان قال صليت خلف ابي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقنت في
كل صلوة يجهر فيها و لا يجهر فيها د محمد بن سملم قال سألت ابا جعفر عليه السلم عن
القنوت في الصلوات الخمس جميعا فقال اقنت فيهن جميعا قال فسألت ابا عبد الله عليه
السلام بعد ذلك فقال اما ما جهرت فيه فلا شك ه زرارة قال قلت لابي جعفر عليه السلام
ما فرض الله من الصلوة فقال الوقت و الطهور و الركوع و السجود و القبلة و الدعاء و
التوجه قلت فما سوى ذلك قال سنة في فريضة و معوية بن عمار عن ابي عبد الله عليه
السلم قال ما أعرف قنوتا الا قبل الركوع ز سليمن بن خالد عن ابي عبد الله عليه
السلم قال القنوت يوم الجمعة فضل في الركعة الاولى ح معوية بن عمار قال سمعت ابا
عبد الله عليه السلم يقول في قنوت الجمعة إذا كان اماما قنت في الركعة الاولى و ان
كان يصلي اربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع ط محمد بن مسلم قال سألت ابا عبد
الله عليه السلم عن القنوت ينساه الرجل فقال يقنت بعد ما يركع و ان لم يذكر حتى
ينصرف فلا شيء عليه ى محمد بن مسلم و زرارة بن اعين قالا سألنا ابا جعفر عليه السلم
عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع قال يقنت بعد الركوع فان لم يذكر فلا شيء عليه يا
زرارة قال قلت لابي جعفر عليه السلم رجل نسي القنوت فذكره و هو في بعض الطريق فقال
يستقبل القبلة ثم ليقله ثم قال اني لاكره للرجل ان يرغب عن سنة رسول الله صلى الله
عليه و آله او يدعها يب معوية بن عمار قال سألته عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع
أيقنت قال لا يج/ احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابي الحسن الرضا عليه السلم قال قال
أبو جعفر عليه السلم في القنوت ان شئت فأقنت و ان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن عليه
السلم و إذا كان التقية فلا تقنت و انا ا تقلد هذا يد الحلبي قال سألت ابا عبد الله
عليه السلم عن القنوت فيه قول معلوم فقال اثن على ربك وصل على نبيك و استغفر لذنبك
يه إسمعيل بن الفضل قال سألت ابا عبد الله عليه السلم عن القنوت و ما يقال فيه فقال
ما قضى الله على لسانك
و لا أعلم فيه شيئا موقتا يو زرارة عن ابي جعفر عليه السلم
قال قال القنوت كله جهار يز عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلم قال تدعو
في الوتر على العدو و ان شئت سميتهم و تستغفر و ترفع يديك حيال وجهك و ان شئت تحت
ثوبك يح على بن مهزيار قال سألت ابا جعفر عليه السلم عن الرجل يتكلم في صلوة
الفريضة بكل شيء يناجي به ربه قال نعم يط معوية بن عمار قال قلت لابي عبد الله عليه
السلم رجلين افتتحا الصلوة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من
دعائه و دعاء هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما افضل
قال كل فيه فضل كل حسن قلت اني قد علمت ان كلا حسن و ان كلا فيه فضل فقال الدعاء
افضل اما سمعت قول الله و قال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين هي و الله العبادة هي و الله افضل أ ليست هي العبادة هي
(234)
الله اشدهن هي و الله اشدهن ك سعد بن سعد الاشعري عن ابي الحسن الرضا عليه السلم
قال سألته عن القنوت هل يقنت في الصلوات كلها ام فيما يجهر فيها بالقراءة قال ليس
القنوت الا في الغداة و الجمعة و الوتر و المغرب كا من الحسان سعد بن ابي خلف عن
الصادق عليه السلم قال يجزيك في القنوت أللهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا
في الدنيا و الآخرة انك على كل شيء قدير كب الحلبي عن ابي عبد الله عليه السلم عن
القنوت في الوتر هل فيه شيء موقت يتبع فقال لا اثن على الله عز و جل وصل على النبي
صلى الله عليه و آله و سلم و استغفر لذنبك العظيم ثم قال كل ذنب عظيم كج من
الموثقات سماعة قال سألته عن القنوت في الجمعة فقال اما الامام فعليه القنوت في
الركعة الاولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل ان يركع و في الثانية بعد ما يرفع رأسه
من الركوع قبل السجود و انما صلوة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى من امام وحده
فهي اربع ركعات بمنزلة الظهر فمن شاء قنت في الركعة الثانية قبل ان يركع و ان شاء
لم يقنت و ذلك إذا صلى وحده كد عمار عن ابي عبد الله عليه السلم قال ان نسي الرجل
القنوت في شيء من الصلوة حتى يركع فقد جازت صلوته و ليس عليه شيء و ليس له ان يدعه
متعمدا كه زرارة قال قلت لابي عبد الله عليه السلم الرجل ذكر انه لم يقنت حتى ركع
قال فقال يقنت إذا رفع رأسه كو سماعة قال سألته عن القنوت في اى صلوة هو فقال كل
شيء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت و القنوت قبل الركوع و بعد القراءة كز يونس بن
يعقوب قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن القنوت في اي الصلوات اقنت قال لا تقنت
الا في الفجر أقول القنوت يطلق في اللغة على معان خمسة الدعاء و الطاعة و السكون و
القيام في الصلوة و الامساك عن الكلام و في الشرع على الدعاء في اثناء الصلوة في
محل معين سواء كان معه رفع اليدين ام لا و لذلك عدوا رفعهما من مستحبات القنوت و
ربما يطلق على الدعاء مع رفع اليدين و على رفع اليدين حال الدعاء و ما روى من نهيهم
عليهم السلم عن فعله حال التقية يراد به ذلك و الا فالتقية لا توجب ترك الدعاء سرا
و ما تضمنه الحديث الاول من ان محل القنوت في كل صلوة هو الركعة الثانية قبل الركوع
يعطي بعمومه انه لا فرق في ذلك بين الجمعة و غيرها و هو مذهب الصدوق ره و المشهور
بين الاصحاب رضوان الله عليهم ان في الجمعة قنوتين في الاولى قبل الركوع و في
الثانية بعده و ذهب المفيد و جماعة إلى انه ليس فيها الا قنوت واحد في الاولى قبل
الركوع و سيجيء تحقيق ما هو الحق في ذلك في صلوة الجمعة انشاء الله تعالى و قد دل
الحديث الثاني
على عموم القنوت للفرائض و النوافل و الظاهر ان هذا مما لا خلاف فيه
و ما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلم اماما جهرت فيه فلا تشك محمول عند من
قال بوجوب القنوت في الجهرية على النهي عن الشك في وجوبه اذ لا يمكن حمله على النهى
عن الشك في استحبابه لاقتضائه بمعونة المقام و ذكر اما التفصيلية عدم استحباب
القنوت في الاخفاتية و هو خلاف الاجماع لكنك خبير بان الحمل على النهى عن الشك في
تأكد استحباب لا محذور فيه و قول زرارة في الحديث الخامس ما فرض الله من الصلوة
سؤال عما ثبت من أفعالها بالكتاب و قد سبق مثله مرارا و لفظ فرض مصدر مضاف إلى لفظ
الجلالة و يجوز ان يكون فعلا ماضيا و يلوح من كلام الصدوق ان المراد بالدعاء في هذا
الحديث هو القنوت و ان فرضه في القرآن في
الصلوة بتكبيرة الاحرام فكان بعض التكبير المأمور به في القرآن العزيز أريد به و
الله أعلم تكبيرة الاحرام و قد دل الحديث السادس على ان القنوت في الجمعة ايضا قبل
الركوع و السابع و الثامن على ان قنوتها في الركعة الاولى و ما تضمنه الحديث التاسع
و العاشر من تلافي القنوت بعد الركوع لناسيه قبله مما لا خلاف فيه بين اصحابنا و هل
هو حينئذ اداء أو قضأ حكم الشيخ و اتباعه بالقضاء و تردد في ذلك العلامة في المنتهى
من كون محله قبل الركوع و قد فات فيتعين القضاء و من كون الاحاديث لم تدل على كونه
قضأ مع انه قد روى اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيى عن ابي جعفر عليه السلم انه قال
القنوت قبل الركوع و ان شئت بعده ثم رجح طاب ثراه انه قضأ و لا بأس به و هذه
الرواية مع ضعف سندها محمولة على القضاء أو التقية اما لو تلافاه بعد الفراغ من
الصلوة كما تضمنه الحديث الحادي عشر فلا مرية في كونه قضأ و احتمال الاداء ضعيف جدا
و قوله عليه السلم ثم ليقله يعطي بظاهره انه عليه السلم أراد بالقنوت في قوله نسي
القنوت الدعاء لا رفع اليدين بالدعاء و لا المركب منهما و يجوز ان يكون عليه السلم
سلك طريقة الاستخدام و المراد بالموقت في قوله عليه السلم في الحديث الخامس عشر لا
أعلم فيه شيئا موقتا الموظف المنقول عن النبي صلى الله عليه و آله فلا ينافيه ما في
الحديث الحادي و العشرين و لا ما رواه الصدوق في عيون الاخبار من ان الرضا عليه
السلم كان يقنت في صلوته بقوله رب اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم انك أنت الاعز
الاكرم و ما تضمنه الحديث السادس عشر من ان القنوت جهار كله يدل على عموم رجحان
الجهر به في الجهرية و الاخفاتية و ما في بعض الروايات من التخيير فيه بين الجهر و
الاخفات محمول على عدم تعين أحدهما بحيث لا يجوز خلافه و ذهب المرتضى رضي الله عنه
إلى تبعيته للصلوة في الجهر و الاخفات لاطلاق قوله عليه السلم صلوة النهار عجماء و
صلوة الليل جهرا و أجيب بان الدال بخصوصه مقدم و ظاهر هذا الحديث يعطي ان استحباب
الجهرية يعم الامام و المأموم و المنفرد و لكن رجح بعض علمائنا أسرار المأموم به
لرواية ابي بصير عن الصادق عليه السلام ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول و
لا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول و ما تضمنه الحديث الثامن عشر من جواز
تكلم المصلى بكل شيء يناجي به ربه مما استدل به ابن بابويه على جواز القنوت
بالفارسية و اختاره الشيخ في النهاية و تبعهما جماعة من المتأخرين لصدق اسم الدعاء
عليه و منع منه الثقة الجليل سعد بن عبد الله ره و لعله نظر إلى ان افعال الصلوة
واجبها و مندوبها متلقاة من الشارع و لم يعهد من النبي صلى الله عليه و الائمة
الطاهرين سلام الله عليهم القنوت بغير العربية و الاحوط المنع و قد تضمن الحديث
التاسع عشر كون الدعاء افضل من تلاوة القرآن و لعل المراد به الدعاء بقلب حاضر و
توجه كامل و انقطاع تام إلى الحق جل شأنه كما يرشد اليه قوله عليه السلم هي و الله
اشدهن و الظاهر عود ضمير هى إلى الدعاء بمعنى الدعوة و ضمير اشدهن إلى الامور التي
يتكلم بها في الصلوة و الله أعلم بمقاصد أوليائه و قد اختلف الاصحاب في وجوب القنوت
و استحبابه فالأَكثر على الاستحباب و ذهب ابن بابويه إلى وجوبه و بطلان الصلوة
بتركه عمدا و ابن ابي عقيل إلى وجوبه في الجهرية و المراد بالقنوت هنا نفس الدعاء
في المحل المقرر من الصلوة و اما رفع اليدين فلا كلام في استحبابه و استدل العلامة
في المنتهى و المختلف على عدم ؟ وجوب القنوت بما رواه عبد الملك بن عمرو قال سألت
(236)
قبله و لا بعده و بما تضمنه الحديث الثالث عشر من قوله عليه السلم ان شئت فأقنت و
ان شئت فلا تقنت و زاد شيخنا في الذكرى الاستدلال بالحديث العشرين و السابع و
العشرين المتضمنين نفيه عليه السلم القنوت في الفجر و الجمعة و الوتر و المغرب قال
ره نفى عليه السلام القنوت في غيرها و هذان الشيخان لا ينفيانه ثم استدل لهما بما
تضمنه الحديث الخامس من وجوب الدعاء في اثناء الصلوة و قال لا ريب ان القنوت دعاء و
لا قائل بوجوب دعاء في الصلوة سواه و بما تضمنه الحديث الرابع و العشرون من قوله
عليه السلام و ليس له ان يدعه متعمدا و بما رواه وهب عن الصادق عليه السلام من ترك
القنوت رغبة عنه فلا صلوة له و بقوله جل و علا قوموا لله قانتين و قد ذكر جماعة ان
المراد داعين و أجاب عن الاول بجواز حمل الدعاء على القراءة و باقي الاذكار الواجبة
فاين فيها معنى الدعاء
و عن الثاني بالحمل على المبالغة في تأكد الاستحباب و عن
الثالث بان المنفي كمال الصلوة و الرغبة عنه اخص من الدعوي و عن الاحتجاج بالآية
الكريمة بان معنى قانتين مطيعين و لو سلم انه بمعنى القنوت فلا دلالة فيه على
الوجوب لانه امر مطلق و لو دل لم يدل على التكرار و لان الصلوة مشتملة على القراءة
و الاذكار و فيها معنى الدعاء فيتحقق الامتثال بدون القنوت فهذا ما وصل إلينا من
كلام القوم في الاستدلال على عدم وجوب القنوت و يمكن ان يستدل لهم بالحديث الثالث و
العشرين ايضا و أنت خبير بان لمن حاول الانتصار لذينك الشيخين الجليلين قدس الله
روحهما ان يقول ان شيئا من تلك الاحاديث الاربعة لا ينهض دليلا على عدم وجوب القنوت
اما الاول ففيه انه نقي السند
و قول العلامة طاب ثراه في المختلف انه صحيح محل بحث
فانا لم نظفر بما يدل على توثيق عبد الملك بن عمرو و ما روى من ان الصادق عليه
السلم قال له اني لا دعو لك حتى اسمي دابتك لا تفيد توثيقة فانه هو الراوي لهذه
الرواية فهو مزكى لنفسه و أيضا فلقائل ان يقول انه انما دل على نفي وجوب القنوت
مقيدا بقبلية الركوع و بعد يته و هو لا يقتضي نفي أصل الوجوب الذي هو المتنازع و
اما الحديث الثاني فلا نا لا نسلم ان المراد بالقنوت في قوله عليه السلم ان شئت
فأقنت و ان شئت لا تقنت القنوت بمعنى الدعاء لم لا يجوز ان يكون بمعنى رفع اليدين و
القرينة على ذلك قوله عليه السلم و إذا كان التقية فلا تقنت فان المراد بالقنوت فيه
رفع اليدين فانه هو الذي يظهر للمخالفين و لا يجامع التقية و اما الدعاء فلا يظهر
لهم و سيما مع الاسرار به فالتقية مانعة منه إذا لم ترفع فيه اليدان و قد روى عنهم
عليهم السلم ترك رفع اليدين في القنوت للتقية و نحوها فعن على بن محمد بن سليمان
قال كتبت إلى الفقية اسأله عن القنوت فكتب إذا كان ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين و
قل ثلث مرات بسم الله الرحمن الرحيم و روى ايضا الاجتزاء من رفع اليدين بما يوهم
المخالفين انه للركوع روى عمار الساباطي قال قلت لابي عبد الله عليه السلم اخاف ان
اقنت و خلفي مخالفون فقال رفعك يديك يجزي يعني رفعهما كانك تركع و هذا التفسير اعنى
تفسير رفع اليدين بالرفع الموهم كونه للركوع الظاهر انه صدر من عمار لما لاح له من
قرينة حالية أو مقالية تدل على انه عليه السلم أراد ذلك فقوله اخاف ان اقنت يريد به
الخوف من رفع اليدين لا من أصل الدعاء و قوله عليه السلم رفعك يديك يجزى لعل المراد
به ان رفع اليدين في كل الدعاء لازم بل تتأدى السنة برفعهما في الجزء الاخير منه
عند الركوع و اما الحديث الثالث و الرابع فظاهرهما متروك بالاجماع اذ اصحابنا رضي
الله
فيها و قائل بوجوبه في الجهرية لا و لا قائل بما تضمنه هذان الحديثان و حملهما على
ضرب من التقية ايضا ممكن كما قاله الشيخ طاب ثراه و بالجملة فلا شيء من تلك
الاحاديث الاربعة بسالم من الخدش سندا أو دلالة فلم يبق لهم الا الحديث الثالث و
العشرون و هو لا يصلح لمعارضة الاحاديث الدالة على خلافه كالحديث الخامس و التاسع و
العاشر و الرابع و العشرين اما الخامس فقد مر تقريره و اما التاسع فلان قوله عليه
السلم و ان لم يذكر حتى ينصرف فلا شيء عليه يعني لا اثم عليه يعطي بمفهومه الشرطي
انه لو ذكر و لم يقنت كان عليه اثم و هو نص في الوجوب و قس عليه الحديث العاشر و
الرابع و العشرين مع زيادة التأكيد بقوله عليه السلم و ليس له ان يدعه متعمدا و اما
ما اجاب به شيخنا رحمه الله عن الدلائل الاربعة ففيه ما لا يخفى اما الاول فلان
شيئا من القراءة و أذكار الركوع و السجود لا يسمى في العرف دعاء لينصرف اسم الدعاء
عند الاطلاق اليه و حينئذ يتألف قياس هكذا كلما فرضه الشارع في الصلوة بإسم الدعاء
فهو دعاء حقيقة و لا شيء من القراءة و لا ذكر الركوع و السجود بدعاء حقيقة فينتج
بالضرب الاول من الشكل الثاني لا شيء مما فرضه الشارع في الصلوة بإسم الدعاء قراءة
و لا ذكر ركوع و سجود و أيضا فقد دل الحديث على ان الدعاء الواجب في الصلوة قد ثبت
وجوبه بالقرآن لان المراد بالفرض المقابل للسنة ذلك كما مر مرارا و وجوب القراءة و
ذكر الركوع و السجود بالقرآن مما لم يثبت و اما ما اجاب به عن الثاني و الثالث فلا
يخفى ما فيه من التكلف و اما الجواب عن الاحتجاج بالاية فيمكن ان يقال فيه انه قد
دل الحديث على تضمن القرآن المجيد الامر بالدعاء في الصلوة اعنى القنوت و لا دلالة
في شيء من الآيات على وجوب القنوت سوى هذه الآية فيكون القنوت فيها بمعنى الدعاء و
قوله طاب ثراه ان الامر فيها مطلق فلا يدل على الوجوب لا يخفى ما فيه و اما قوله لو
دل على الوجوب لم يدل على التكرار ففيه ان كل من قال بالوجوب من دون تكرار هنا قال
بالتكرار فالقول بالوجوب من دون تكرار خرق للاجماع المركب و اما قوله ان إمتثال
الامر بالدعاء يحصل بالقراءة و الاذكار فقد عرفت ما فيه و بما تلوناه عليك يظهر ان
القول بما قال به ذانك الشيخان الجليلان بعيد عن جادة الصواب و ان الاحتياط في
الدين يقتضي عدم الاخلال بالقنوت في شيء من الصلوات المفروضات و الله سبحانه أعلم
بحقايق احكامه المقصد الخامس في الركوع و السجود و فيه فصول الفصل الاول في الركوع
أربعة عشر حديثا أ من الصحاح رفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلم عن رجل نسي ان
يركع قال يستقبل ب حماد بن عيسى في وصف ركوع الصادق عليه السلم ثم رفع يديه حيال
وجهه فقال الله اكبر و هو قائم ثم ركع و ملا كفيه من ركبتيه منفرجات ورد ركبتيه إلى
خلفه ثم سوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره و مد عنقه
و غمض عينيه ثم سبح ثلاثا بترتيل فقال سبحان ربي العظيم و بحمده الحديث ج زرارة عن
ابي جعفر عليه السلم انه قال فإذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر
و تمكن راحتيك
من ركبتيك و تضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى و بلع
بأطراف اصابعك عين الركبة و فرج اصابعك إذا وضعتها على ركبتيك فان وصلت اطراف
اصابعك في ركوعك إلى ركبتيك اجزأك ذلك و أحب ان تمكن كفيك من ركبتيك فتجعل اصابعك
في عين الركبة و تفرج بينهما واقم صلبك و مد عنقك و ليكن نظرك إلى ما بين قدميك
الحديث و قد مر مع سابقه في القصد الاول د زرارة عن ابي جعفر عليه السلم إذا أردت
ان تركع فقل و أنت منتصب الله اكبر ثم اركع و قل رب لك ركعت و لك