رسائل الشیخ بهاء الدین محمد الحسین بن الصمد الحارثی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رسائل الشیخ بهاء الدین محمد الحسین بن الصمد الحارثی - نسخه متنی

بهاء الدین محمد بن الحسین بن عبد الصمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(392)

أنه و ما روى انه صلى الله عليه و آله قال فاتحة الكتاب سبع
آيات اوليهن بسم الله الرحمن الرحيم و لاختلاف ظاهر هذين الحديثين اختلف في انها
آيه برأسها ام مع ما بعدها و اما الجمع بينهما بان الثاني من قبيل قولنا أول البروج
الدرجة الاولى من الحمل و اول آيات الفاتحة حرف الباء فهو كما ترى و بعضهم روى حديث
ام سلمة رضي الله عنها بوجه لا يخالف هذا الحديث هكذا قال قرء برسول الله صلى الله
عليه و آله الفاتحة فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية الحمد لله رب العالمين آية
الرحمن الرحيم آية مالك يوم الدين آية إياك نعبد و اياك نستعين آيه اهدنا الصراط
المستقيم ايه صراط الذين أنعمت عليهم المغضوب عليهم و لا الضالين آية و لنا ايضا ما
رواه اصحابنا في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام جعفر بن
محمد الصادق عليه السلام عن السبع المثاني و القرآن العظيم هى الفاتحة قال نعم قلت
بسم الله الرحمن الرحيم من السبع قال نعم هى افضلهن و ما رووه ايضا في الصحيح من ان
يحيى بن عمران الهمداني كتب إلى ابى جعفر محمد بن على الباقر عليه السلام يسئله عن
مصلى قرء البسملة في الفاتحة فلما صار إلى السورة ترك البسملة فكتب عليه السلام بخطه يعيدها و اما الاستدلال على هذا
المذهب بالرواية عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال حين ترك الناس البسملة في
أوائل السور من تركها فقد ترك مأة و أربع عشر آية من كتاب الله ففيه ما فيه لانها
انما يدل على بطلان القول الثاني و الثالث و الرابع لا على الاول لانطباقها على
الخامس على ان في متنها خللا يبعد صدور مثله عن مثله لخلوه برأته عن التسمية
فالصواب ثلاث عشر آيه و إصلاحه بانه يرى تصديرها بها أو نزول الفاتحة مرتين أو انه
الحق المعدوم بالمتروك تغليبا و توبيخا أو ان غرضه تركها مطلقا حتى من النمل و جعل
المتروك منها آيه اما تجوزا أو لاستلزام ترك البعض ترك الكل تعسف اذ لو كان رأيه
ذلك لنقل كما نقل سائر ارائه
في أمثال ذلك و التغليب يسقط الاستدلال لاحتماله في أكثر من
واحد و جعل ما لا شنعة فيه جزء من التشنيع شنيع و الكلام انما هو في أوائل السؤر
فاقحام غيرها مع انها لم يترك فيه لغو لا يليق بمثله و اما الاستدلال بالاجماع على
ان ما بين الدفتين كلام الله جل و علا و اتفاق الامة على إثباتها في المصاحف مع
مبالغتهم في تجريد القرآن فنعم الاستدلال على ما هو المدعى من جزئيتها للسور
المصدرة بها ثم في هذا المقام بحث يحسن التنبيه عليه و هو انه لا خلاف بين فقهائنا
رضوان الله عليهم في ان كلما تواتر من القراءات يجوز القراء به في الصلوة و لم
يفرقوا بين تخالفها في الصفات أو في إثبات بعض الحروف و الكلمات كملك و مالك و قوله
تعالى " تجري من تحتها الانهار "

بإثبات لفظة من و تركها فالمكلف مخير في الصلوة بين الترك و
الاثبات اذ كل منهما متواتر و هذا يقتضي الحكم بصحة صلوة من ترك البسملة ايضا لانه
قد قرء بالمتواتر من قرائة ابى عمرو و حمزة و ابن عامر و و رش عن نافع و قد حكموا
ببطلان صلوته فقد تناقض الحكمان فاما ان يصار إلى القدح في تواتر الترك و هو كما
ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضيه و يجعل حكمهم هذا منبها على تطرق الاستثناء إليها
فكأنهم قالوا كلما تواتر يجوز القرائة به في الصلوة الا ترك البسملة قبل السورة و
لعل هذا هون و للكلام في هذا المقام مجال واسع و الله أعلم فصل الباء اما للاستعانة
أو المصاحبة و ربما

(393)

رجحت الاولى بكونها أوفق بقوله تعالى " و اياك نستعين " و
بان جعل الاسم الكريم ذريعة يتوصل بها إلى الفعل يشعر بزيادة مدخليته فيه حتى كأنه
لا يتأتى و لا يوجد بدونه و المصاحبة عرية عن ذلك الاشعار و التبرك الذي ربما
يتراآى معها مشترك اذ ليس معنى لشيء منهما و لا لازما و انما نشاء من خصوص المادة
فان ذكر اسمه سبحانه مثمر للبركة على اى نحو جرى و السورة بجملتها مقولة على السنة
العباد إرشادا لهم إلى طريق التبرك بأسمائه و الحمد على نعمائه و الاخلاص في
الاقبال عليه و سؤال الهداية من لديه و اما متعلق الباء فلك إضماره خاصا أو عاما
فعلا و اسما مؤخرا و مقدما و لعل أولى هذه الثمانية أولها اعنى الخاص الفعلى المؤخر
فالتقدير بإسم الله اقرأ لا ابدأ لان الفعل الذي تلى البسملة و بدء القاري بها فيه
قرائة و لوروده خاصا عند الذكر في قوله تعالى " اقرأ بإسم ربك " فكذلك عند الحذف اذ
القرآن يفسر بعضه بعضا و فى الحديث ان النبي صلى الله عليه و آله امر من اوى إلى
فراشه ان يقول باسمك وبى وضعت جنبي و بك ارفعه و فى حديث ابى ذر و حذيفة رضى الله
عنهما انه صلى الله عليه و آله كان إذا اوى إلى فراشه يقول باسمك أللهم احيى و اموت و لان ما يدل على ملابسة الاسم الاقدس المطلق
القرائة أولى مما هو صريح في التقييد بابتدائها كيف و الاحق بان يقصد بالبسملة
الاستعانة عليه هو القرائة بجملتها ليقع بأجمعها على الوجه اللايق من حضور القلب و
عدم اشتغاله في اثنائها بغير الاقبال على الحق جل شانه و ما قيل من اقتضاء إضمار
ابدأ العمل بحديث الابتداء لفظا و معنى و افضاء تقدير اقرء إلى رفض العمل به لفظا
فمما لا يستحق في مثل هذه المقامات الاصغاء اليه فضلا عن التعويل عليه و اما إيثاره
على قرائتى فلزيادة التقدير حينئذ ضرورة إضمار الخبر اذ تعلق الظرف بها يمنع جعله
خبرا لها على ان تقدير الفاعل بارزا ليس كتقديره مستترا و اما تأخير العامل فلما
فيه من تقديم ما هو الحقيق بالتعظيم و لاقتضائه قصر الاستعانة و التبرك على اسمه جل
و علا قصرا حقيقيا أو اضافيا قلبيا ردا على المشركين في قولهم بإسم اللات و العزى و
ليوافق تقدم الاسم الكريم على
ما تلاه تقدم مسماه على ما سواه و كان من حق الباء ان تفتتح وفاقا لسائر أخواتها من
التاء و الكاف و الواو و الفاء و غيرها من حروف المعاني التي كثر الابتداء بها و قد
منع افرادها و رفضهم الابتداء بالساكن من سكونها الذي هو الاصل في المبنيات عوضوها
عنه بالفتحة التي هى اخته في الخفة و انما كسروها لانفرادها من بينهن بلزوم الحرفية
و الجر فحركوها بالكسرة المناسبة للسكون الذي هو جبلة الحروف مناسبة القلة للعدم و
لتكون حركتها موافقة لاثرها كما كسروا لام الامر و لام الجر داخلة على المظهر
ليمتاز عن لام الابتداء فيما لم يظهر فيه اثر العامل كالمبنى و التقديرى و الموقوف
عليه و لم يخشو التباس اللامين الاولين لتمايز مدخوليهما بالفعلية و الاسمية و لا
لا خيرين حال الدخول على مضمر للتمايز بالاتصال و الانفصال و اما كسرالجارة لياء
المتكلم فللتناسب كما ان فتح لام المستغاث للتميز عن المستغاث له مع ان وقوعه موقع
كاف ادعوك قد صيره في حكم المضمر فصل الاسم عند البصيرتين من الاسماء المحذوفة
الاعجاز المسكنة ( .

.

) بل تخفيفا لكثرة الاستعمال المبدوة حال الاستعمال
بهمزة الوصل جريا على ما هو دأبهم من الابتداء بالمتحرك فقرنوها بما يثبت في
الابتداء و يسقط في

(394)

الوصل قضأ لحق العادة و اشتقاقه من السمو لانه رفعه للمسمى
واصله سمو كنصف و عضو و عند الكوفيين من السمة واصله وسم فعوضوا عن الواو همزة وصل
فلم يكثر اعلاله بحذف لامه و إسكان فائه و يشهد للاول اطراد تصريفه جمعا و تصغيرا و
نحوهما على اسماء و سمى و سميت دون أو سام و وسم و وسمت و القلب مع بعده لا يطرد و
اما ورود سمى كهدى في قوله و الله اسماك شمارا كافلا ينهض شاهدا لمجئ سم بالضم في
قوله بسم الذي في كل سورة سمة فلعل هو الوارد هناك ايضا فاعرابه حينئذ ظاهر لا مقدر
و يرد على الثاني ان المعهود في كلامهم تعويض الهمزة عن العجز كابن و نظائره لا عن
الصدر بل المعهود التعويض عنه بالهاء كالزنة و العدة و نحوهما و قد اشتهر الخلاف في
ان الاسم هل هو المسمى أو عينه و نسب الاول إلى المعتزلة و الثاني إلى الاشاعرة و
تحير التحاريز في محل البحث بحيث يصير قابلا للنزاع حتى قال بعضهم ان البحث فيه عبث
و هو كذلك بحسب الظاهر فانه ان أريد اللفظ فلا مرية في انه المسمى اذ لا يشك عاقل
في ان لفظ فرس مثلا الحيوان الصاهل و لفظ نار الجسم المحرق و لا حاجة فيه إلى
الاستدلال بتألف الاسم من أصوات قارة و اختلافه باختلاف الامم و تعدده تارة و اتحاده
اخرى بخلاف المسمى و ان أريد ذات الشيء كما في قولنا الفرس مركوب كان عبارة عن
المسمى و ان أريد به الصفة كما هو رأى الاشعرى انقسم انقسامها عنده إلى ما هو عين
المسمى كالموجود و إلى ما هو غيره كالخالق و إلى ما ليس هو و لا غيره كالعالم و قد
يقال انه كما قد يعلم ان مراد اللافظ من الاسم اللفظ تارة و المسمى اخرى نحو زيد
كلمة و عمرو متكلم فقد لا يعلم ارادته لاحدهما بخصوصه نحو احمد مبارك و خالد ينصرف
و خسر و أعجمي عند عدم قرينة حالية أو مقالية معينة للمراد فحينئذ فهل يحمل الاسم
على اللفظ أو على المسمى فهذا هو محل النزاع بين الفريقين هذا و اما قوله تعالى "
سبح اسم ربك "

و وقوع النكاح و الطلاق بالحمل على الاسماء فلا يدلان على العينية لوجوب تنزيه
اسمائه جل و علا عن الرفث و سوء الادب و احتمال الاقتحام كما في قول البيد إلى
الحول ثم اسم السلام عليكما و قيام القرينة الصارفة و إدخال الباء على الاسم دون
لفظ الجلالة للاشعار بانه كما يستعان بذاته سبحانه كما قال جل شأنه " و اياك نستعين
" كذلك يستعان بذكر اسمه المقدس و لما في قولنا بسم الله الرحمن الرحيم من ابهام
قصر الاستعانة و التبرك على هذه الاسماء و لان الشايع لاستعانة على سبيل التبرك ان
يكون بأسمائه تعالى لا بذاته سبحانه و لانه أوفق بالرد على المشركين في قولهم بإسم
اللات و العزى و اما التعليل بالفرق بين اليمين و التيمن فهو كما ترى و لم يكتبوا
الالف على ما هو الرسم لكثرة كتابة بسم الله فناسبها التخفيف بخلاف قوله تعالى "
فسبح بإسم ربك " فصل فقد اختلف كلام أهل الكمال و تشعبت المذاهب و الاقوال في لفظ
الجلالة المقدسة كما اضطرب الانظار و الآراء و تاهت افكار العقلاء في مدلولها
المحتجب بأنوار العظمة و الجلال عن خفافش الوهم و الخيال فكأنه قد انعكس بعض اشعة
المعنى على اللفظ فبهرت أبصار المتطلعين إلى طريقه و تلجلجت ألسنتهم عند بيانه و
تحقيقه فقيل هو لفظ عبري و قيل سرياني واصله لاها فعرب بحذف الالف الاخيرة و إدخال
الالف و اللام عليه و قيل هو عربي واصله اله حذفت الهمزة و عوضت


(395)

عنها الالف و اللام و من ثم لم يسقطا حال النداء و لا وصلت
تحاشيا عن العوض أو جزئه و خص القطع به لتمحضها حينئذ في العوضية تحرزا عن اجتماع
اداتى التعريف و قيل بل حذفها مقيس على تخفيفها فالتعويض من خواص الاسم المقدس و هو
في الاصل اسم جنس يقع على كل معبود ثم غلب على المعبود بالحق و اما لفظ الجلالة
المقدسة فلم يطلق الا على المعبود بالحق تعالى و تقدس ثم اختلف في اشتقاق الاله
فقيل من اله كعبد وزنا و معنى الهة كعبادة و الوهة و الوهينه بالضم و هو بمعنى
المالوه كالكتاب بمعنى المكتوب و قيل من اله بالكسر بمعنى تحير للحير العقول فيه و
قيل بمعنى سكن لان الارواح تسكن اليه و القلوب تطمئن بذكره و قيل بمعنى فزع من امر
ترك عليه و منه الهه غيره إذا ازال فزعه و اجاره لان العابد يفزع
اليه و هو يحيره في الواقع أو في زعمه الباطل و قيل بمعنى اولع اذ العباد مولعون
بذكره و التضرع اليه و قيل من و له بالكسر إذا تحير و تحبط عقله و كان اصله ولاه
فقلبت الواو همزة لنقل كسرتها و قيل أصل لفظ الجلالة لاه مصدر لاها و لها إذا احتجت
و ارتفع لانه سبحانه محتجب عن إدراك الابصار و البصاير و مرتفع عن كل شيء و عما لا
يليق بعز شأنه و سمو سلطانه و قيل هو علم للذات المقدسة و استدل عليه بوجوه منها
انه يوصف ولاه يوصف به و من ثم جعلوه في قوله تعالى " إلى صراط العزيز الحميد "
الله عطف بيان لا نعتا و يرد عليه انه لا يستلزم العلمية و لا ينفى كونه اسم جنس و
أيضا فالصفات الغالبة تعامل معاملة الاعلام في كثير من الاحكام و منها ان العرب لم
يترك شيئا من الاشياء التي يحتاج في المحاورات إلى التعبير عنها الا وضعت له اسما
فكيف يترك موجد الاشياء و
خالقها من دون اسم و يرد عليه ما ورد أولا على الاول و منها انه
سبحانه يوصف بصفات خاصة به جل شأنه فلا بد له من اسم مختص به تجري عليه تلك الصفات
اذ الموصوف اخص أو مساو و يرد عليه ما ورد ثانيا على الاول و منها انه لو كان وصفا
كما يقال من انه موضوع لمفهوم واجب الوجود المنحصر في فرد لم يكن قوله لا اله إلا
الله مفيدا للتوحيد مثل لا اله إلا الرحمن اذ قد يكون حينئذ مفيدا لانحصار الاله في
هذا المفهوم الكلى و يمكن ان يكون قائله معتقدا ان لذلك المفهوم افرادا كثيرة و
ربما يعارض بانه لو كان علما لفرد معين من مفهوم واجب الوجود لم يكن قل هو الله احد
مفيدا للتوحيد بجواز ان يكون ذلك المفهوم فردان أو أكثر في نفس الامر و يكون لفظ
الجلالة
علما لاحدهما مع انهم جعلوا السورة من الدلايل السمعية للتوحيد
و يمكن ان أول هذه السورة انما هو دليل سمعي على الاحدية التي هى عدم قبول القسمة
بانجائها و اما الواحدية بمعنى نفى الشريك فانما يستفاد من اخرها اعنى قوله جل و
علا " و لم يكن له كفوا احد " و بالنظر إلى ذلك سميت سورة التوحيد فصل و ذهب جماعة
إلى ان لفظ الجلالة في الاصل وصف لكن لما لم يطلق على غيره جل شأنه أصلا لا في
الجاهلية و لا في الاسلام و صار له تعالى كالعلم اجرى مجراه و ليس في الحقيقة علما
و استدلوا على بطلان القول بالعلمية بوجوه منها ان معنى الاشتقاق هو كون احد
اللفظين مشاركا للآخر في المعنى و التركيب هذا حاصل بينه و بين الاصول المذكوره
قبيل هذا و منها انه لو كان علما افاد

(396)

ظاهر قوله تعالى " و هو الله في السموات " معنى صحيحا
لاشعاره حينئذ بالمكانية تعالى الله عنها علوا كبيرا بخلاف ما لو كان وصفا بمعنى
المعبود بالحق و فيه ان الاسم قد يلاحظ معه معنى يصلح به لتعلق الظرف كما لا يلاحظ
في حاتم معنى الكرم و فى الاسد معنى الاقدام فليلاحظ هنا المعبود بالحق لاشتهاره
سبحانه بذلك في ضمن هذا الاسم المقدس و منها ان ذاته تعالى من حيث هى من دون اعتبار
امر حقيقى أو غيره معقولة للبشر فلا يمكن ان يدل عليها بلفظ و أورد عليها ان اقصى
ما يلزم منه عدم تمكن البشر من وضع العلم له جل شانه لا ما هو المدعى من انه ليس له
سبحانه علم و قد صح ان اسمائه توقيفية فيجوز ان يصنع هو لذاته المقدسة علما على ان
القول بعدم تمكن البشر من وضع العلم محل كلام اذ يكفى في وضع الاسم تعقل المسمى بوجه
يمتاز به عما عداه و لقائل ان يقول غرض المستدل ان وضع العلم بخصوصية الذات المقدسة
لا يليق بالحكمة لجريانه مجرى العبث لان الغرض من الوضع هو التفهيم و التفاهم لكن
الدلالة على الذات المقدسة بالعلم بحيث يفهم منه معنى العلمي ممكنة و إحضار المسمى
بشخصه في ذهن السامع عند إطلاق العلم مما لا سبيل اليه فيما نحن فيه فانا معاشر
البشر لا يخطر ببالنا عند سماع العلم نفس الموضوع له اعنى الذات المقدسة أصلا
لتقدسها عن التلوث بالحضور على وجه التشخص في اذهاننا بل لا يتعقله جل شأنه الا
بصفات و سلوب و اضافات يمكنها فهم معانيها و الظاهر ان هذا ليس مختصا بنا بل
الملائكة ايضا مشاركون لنا في القصور عن إدراك المعنى العلمي فقد ورد في الحديث ان
الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار و ان الملا الاعلى يطلبونه كما تطلبونه
أنتم و اما حكاية
تمكن البشر من وضع العلم للذات المقدسة فلا يخفى ما فيه فانها انما يدرك بمفهومات
كلية منحصرة في فرد فيكون اللفظ موضوعا في الحقيقة لمفهوم كلى لا بجزئي حقيقى فلا
يكون علما و ان جعل المفهوم الكلى آلة للوضع و جعل الموضوع له الخصوصية التي تصدق
عليها هذا المفهوم كما قيل في هذا و اسماء الاشارة و ما هو من ذلك القبيل فتأمل و
تبصر تتمة تفخيم لام الجلالة المقدسة طريقة شايعة لا يجوز خلافها و ذلك إذا نضم ما
قبلها أو انفتح لا إذا انكسر و ربما قيل بالتفخيم في الاحوال الثلاثة و نقل ذلك عن
بعض القراء و ربما أوهمه كلام الكشاف و حذف الالف منها لحن نبطل به الصلوة و انما
ورد في الشعر للضرورة و لا ينعقد به اليمين عندنا اذ ليس من الاسماء المختصة و لا
الغالبة و فصل بعض الشافعية فقال اما اليمين الصريح و هو عندهم ما ينعقد بمجرد
التلفظ بالاسم و لا يحتاج معه إلى ان ينوى الحالف الذات المقدسة كالحلف بالاسماء
المختصة
به تعالى كالخالق و الرحمن فلا ينعقد به و اما اليمين الكنايتى و هو عندهم ما يحتاج
به إلى النية المذكور كالحلف بالاسماء المشتركة كالحي و السميع و البصير فينعقد
معها و اما اصحابنا رضى الله عنهم فلا يجوزون الحلف بالاسماء المشتركة الغير
الغالبة و يعتبرون القصد المذكور في المختصة و الغالبة معا و تفصيل ذلك في الكتب
الفقة و الله أعلم و بعد الرحمة رقة في القلب و تأثر يقتضي التفضل و الاحسان و يوصف
بها سبحانه باعتبار غايتها التي هى فعل لا باعتبار مبدائها الذي هو انفعال التنزهه
جل شأنه عنه و أكثر اسمائه تعالى تؤخذ بهذا الاعتبار كالرحمن الرحيم و هما صفتان
مشبهتان من رحم بعد جعله لازما بمنزلة

(397)

الغرايز بنقله إلى رحم بالضم و الاظهر منع صرف رحمان لا
لحاقه بالغالب في بابه لا لتحقق الشرط من انتفاء فعلانة باختصاصه بالله سبحانه لانه
عارض مع انتفاء الشرط عند من اعتبر وجود فعلى و هو ابلغ من الرحيم لان زيادة
المباني تنبئ في الاغلب عن زيادة المعاني كما في قطع و قطع و هي هنا اما باعتبار
الكم و عليه حملوا ما ورد في الدعاء المأثور يا رحمن الدنيا و رحيم الآخرة لشمول
رحمة الدنيا للمؤمن و الكافر و اختصاص رحمة الآخرة بالمؤمن و اما باعتبار الكيفية و
عليه حملوا ما ورد في الدعاء ايضا يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيم الدنيا لحسابه
نعيم الآخرة بأجمعها بخلاف نعيم الدنيا و أنت خبير بان زيادة المعنى في المشتق يكون
بزيادة مدلوله التضمني اعنى المعنى المصدري و لا ريب ان رحمة الآخرة كما هى زائدة
على رحمة الدنيا كيفا فهي زائدة عليها كما ايضا لتواترها و عدم انقطاع افرادها بل
لا نسبة للمتناهى و هذا تقتضي عدم استقامة الاعتبار الاول في الدعاء الاول لكنهم اعتبروا فيه زيادة افراد متعلق المعنى
المصدري اعنى المرحومين و لعلهم عدوا جميع أنواع الرحمة الواصلة إلى الشخص الواحد
رحمة واحدة ثم لما كان الرحمن بمعنى البالغ في الرحمة غايتها اختص بالله سبحانه و
لم يطلق على غيره لانه هو المتفضل حقيقة و من عداه طالب بلطفه و إحسانه اما ثناء
دنيويا أو ثوابا اخرويا أو ازالة رقة الجنسية أو ازاحة خساسه البخل وحب المال ثم هو
كالواسطة فان ذات النعمة و سوقها إلى المنعم و اقذاره و تمكينه من إيصالها إلى ذلك
كلها منه جل شأنه و عظم امتنانه و إلى الاختصاص المذكور و شمول المؤمن و الكافر
يؤمى ما روى عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انه قال الرحمن اسم خاص
لصفة عامة و الرحيم اسم عام لصفة خاصة و تقديمه على الرحيم مع اقتضاء الترقى العكس
لتقدم رحمة الدنيا و للمحافظة على رؤوس الاى و لانه لاختصاصه بالله سبحانه صار
كالواسطة بين العلم و الوصف فناسب توسطه بينهما و لان الملحوظ أولا في باب التعظيم و
الثناء هو عظايم النعماء و جلائل الآلاء و ما عداه يجرى مجرى التتمة و الرديف و فى
ذكر هذه الاسماء في البسملة التي هى مفتتح الكتاب الكريم تحريك لسلسلة الرحمة و
تأسيس لمبانى الجود و الكرم و تشييد لمعالم العفو و الرأفة و إيماء إلى مضمون سبقت
رحمتي غضبى و تنبيه على ان الحقيق بان يستعان بذكره في مجامع الامور هو المعبود
الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها و المؤلى للنعم بجملتها عاجلها
و اجلها جليلها و حقيرها هذا و ربما يوجد في كلام بعضهم ان في وصفه جل شأنه بالرحمة
الاخروية رد على المعتزلة القائلين بوجوب إيصال الثواب إلى العباد في مقابل سوابق
اعمال الخير الصادرة عنهم فان الوجوب عليه جل شأنه لا يجامع التفضل و الاحسان الذين
هما معنى الرحمة بالنسبة اليه سبحانه و أنت خبير بأنهم لا يقولون بان جميع ما يصدر
عنه تعالى من النعم الاخروية واجب عليه ليلزمهم ان لا يكون جل شأنه متفضلا بشيء
منها و انما مذهبهم وجوب بعض تلك النعم اعنى التي استحقها المكلفون في مقابلة اعمال
الصادرة عنهم و الآلام الواصلة إليهم و اما باقى أنواع النعم و أصناف الاحسان التي
لا يحصر قدرها و لا يقدر حصرها فهم لا ينكرون انها تفضل منه جل شأنه و إحسان و ترحم
و امتنان و عساك تسمع في هذا كلاما

(398)

مبسوطا انشاء الله تعالى الحمد هو الثناء على مزية اختيارية من
أنعام أو غيره و لامه جنسية أو استغراقية أو عهدية اى حقيقة محمد أو جميع افراده أو
الفرد الاكمل منه ثابت لله ثبوتا قصريا كما يفيده لام الاختصاص و لو بمعونة المقام
و قد اشتهر امتيازه عن الشكر بمعاكسته في الورود و عموم المتعلق كما اشتهر امتيازه
عن المدح بقيد الاختيار و دعوى امتيازه باشعاره بالاتها إلى المثنى عليه دون المدح
مما لم يثبت و ما جاء في الحديث من نفى الشكر عمن لم يحمد و ما ذكروه من ان حمدنا
له جل شأنه يشمل الموارد الثلاثة لا يقدحان في الاول كما ان من اشتهر من حمده
سبحانه على الصفات الذاتية و ما ورد من إثبات المحمودية لغير الفاعل فضلا عن
المختار في قوله تعالى " مقاما محمودا "

و قولهم عند الصباح يحمد القوم السري إلى ذلك لا يقدحان في
الثاني اذ الغرض المبالغة بناء على كون الحمد أكل شعب الشكر و اشيعها و معنى الشمول
كون كل من الموارد الثلاثة حامدا له سبحانه بنفسه كما قال تعالى " و ان من شيء الا
يسبح بحمده " و الحمد على الصفات باعتبار الآثار المترتبة عليها أو على نفس الذات
المقدسة بناء على ما هو التحقيق من العينية أو لتنزيلها منزله افعال الاختيارية
لاستقلال الذات بها و كونها كافية فيها و مجيء المحمود بمعنى المرضي عزيز في اللغة
أو هو من قبيل صفة الشيء بوصف صاحبه هذا و قد عرفت فيما سبق ان هذه السورة الكريمة
مقولة عن السنة العباد و لا ريب ان حمدهم جار على طبق ما يعتقدونه ثناء و يعدونه
مدحا و تمجيدا بحسب ما ادت اليه ما لو فاتهم و استقرت عليه متعارفاتهم و هذا يؤذن
بتوسيع دائرة الثناء و عدم تضيقها بالقصر على ما هو كذلك بحسب نفس الامر فان ما
يثنى به عليه سبحانه ربما كان بمراحل عن سرادقات كماله و بمعزل عن ان يليق بكبرياء
جلاله لكنه جل شأنه رخص لنا في ذلك و قبل منابذة البضاعة المزجاة لكمال كرمه و
إحسانه بل اثابنا عليها بوفور لطفه و امتنانه كما انه سبحانه لم يوجب علينا ان نصفه
الا بمثل الصفات التي الفناها وشاهدناها و كانت بحسب حالنا مزية و بالنسبة إلينا
كمالا كالكلام و الحيوة و الارادة و السمع و البصر و غيرها مما أحاطت به مداركنا و
انتهت اليه طليعة اوهامنا دون ما لم تصل اليه أيدي عقولنا و لا تتخطى إلى عز ساحة
اقدام افهامنا و ناهيك في هذا الباب بكلام الامام ابى جعفر محمد بن على الباقر عليه
السلام فقد روى عنه انه قال لاصحابه كلما ميزتموه بأوهامكم في ادق معانيه مخلوق
مصنوع مثلكم مردود إليكم و لعل النمل الصغار تتوهم ان لله زبانتين فان ذلك كمالها و يعتقد ان
عدمهما نقصان لمن لا يتصف بهما و هكذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به و إلى
الله المقرع و من تأمل هذا الكلام الشريف بعين البصيرة فاحت عليه من ازهاره نفحة
قدسية تعطر مشام الارواح و لاحت لديه من أنواره شعشعة إنسية تحيي رميم الاشباح هذا
و انما لم يعامل الحمد هنا معاملة سائر أخويه من المصادر المنصوبة على المفعولية
المطلقة بعامل مقدر لا يكاد يذكر نحو شكرا و عجبا و جعل متحلية بحلية الرفع
بالابتداء إيثارا للدوام و الثبات على التجدد و الحدوث و اشعارا بانه حاصل له تعالى
شأنه من دون ملاحظة إثبات مثبت و قول قائل احمد الله حمدا و نحوه و محافظة على بقاء
صلاحيته للاستغراق فانها مما يفوت على ذلك التقدير كما لا يخفى رب العالمين اى
مالكهم الحقيقي


/ 60