أ لست كنت غفارا! قبل خلق الخطائين خلقتالرحمة، و أمرت بالعطف، أم ترينا أنكممتنع أم تخشى الفوت فتعجل بالعقوبة، قالفما برخ حتى اخضلت بنو إسرائيل بالقطر، وأنبت الله تعالى العشب في نصف يوم حتى بلغالركب: قال فرجع برخ، فاستقبله موسى عليهالسلام فقال: كيف رأيت حين خاصمت ربي كيفأنصفنى. فهم موسى عليه السلام به. فأوحىالله تعالى إليه أن برخا يضحكني كل يومثلاث مرات و عن الحسن قال: احترقت أخصاصبالبصرة، فبقي في وسطها خص لم يحترق، و أبوموسى يومئذ أمير البصرة، فأخبر بذلك، فبعثإلى صاحب الخص. قال فأتى بشيخ فقال يا شيخ،ما بال خصك لم يحترق قال إنى أقسمت علىربي عز و جل أن لا يحرقه. فقال أبو موسى رضيالله عنه: إنى سمعت رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم يقول[1] «يكون في أمتي قومشعثه رءوسهم دنسة ثيابهم لو أقسموا علىالله لأبرهم» قال و وقع حريق بالبصرة فجاءأبو عبيدة الخواص، فجعل يتخطى النار: فقالله أمير البصرة: انظر لا تحترق بالنار فقالإنى أقسمت على ربي عز و جل أن لا يحرقنيبالنار. قال فاعزم على النار أن تطفأ.
قال فعزم عليها فطفئت. و كان أبو حفص يمشىذات يوم، فاستقبله رستافي مدهوش فقال لهأبو حفص: ما أصابك فقال ضل حمارى و لا أملكغيره. قال فوقف أبو حفص و قال:
و عزتك لا أخطو خطوة ما لم ترد عليه حماره.قال فظهر حماره في الوقت، و مر أبو حفصرحمه الله فهذا و أمثاله يجرى لذوي الأنس،و ليس لغيرهم أن يتشبه بهم. قال الجنيدرحمه الله:
أهل الأنس يقولون في كلامهم، و مناجاتهمفي خلواتهم، أشياء هي كفر عند العامة. وقال مرة. لو سمعها العموم لكفروهم، و هميجدون المزيد في أحوالهم بذلك و ذلك يحتملمنهم، و يليق بهم. و إليه أشار القائل:
قوم تخالجهم زهو بسيدهم
تاهوا برؤيته عما سواه له
يا حسن رؤيتهمفي عزما تاهوا
و العبد يزهوعلى مقدار مولاه
يا حسن رؤيتهمفي عزما تاهوا
يا حسن رؤيتهمفي عزما تاهوا
و لا تستبعدن رضاه عن العبد بما يغضب بهعلى غيره مهما اختلف مقامهما. ففيالقرءان
[1] حديث الحسن عن أبي موسى يكون في أمتيقوم شعثة رءوسهم دنسة ثيابهم لو أقسمواعلى الله لأبرهم ابن أبي الدنيا في كتابالأولياء و فيه انقطاع و جهالة