إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
تنبيهات على هذه المعاني لو فطنت و فهمت،فجميع قصص القرءان تنبيهات لأولى البصائرو الأبصار، حتى ينظروا إليها بعينالاعتبار، فإنما هي عند ذوي الاعتبار منالأسماء فأول القصص قصة آدم عليه السلام وإبليس، أما تراهما كيف اشتركا في اسمالمعصية و المخالفة، ثم تباينا فيالاجتباء و العصمة، أما إبليس فأبلس عنرحمته، و قيل إنه من المبعدين و أما آدمعليه السلام فقيل فيه (وَ عَصى آدَمُرَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُرَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى) و قدعاتب الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم فيالإعراض عن عبد و الإقبال على عبد و هما فيالعبودية سيان، و لكن في الحال مختلفان،فقال (وَ أَمَّا من جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى)و قال في الآخر (أَمَّا من اسْتَغْنىفَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) و كذلك أمرهبالقعود مع طائفة، فقال عز و جل (وَ إِذاجاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنافَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) و أمرهبالإعراض عن غيرهم فقال (وَ إِذا رَأَيْتَالَّذِينَ يَخُوضُونَ في آياتِنافَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) حتى قال (فَلاتَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) و قال تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَيَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) فكذا الانبساط و الإدلال،يحتمل من بعض العباد دون بعض فمن انبساطالأنس قول موسى عليه السلام (إِنْ هِيَإِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها منتَشاءُ وَ تَهْدِي من تَشاءُ) و قوله فيالتعلل و الاعتذار، لما قيل له اذهب إلىفرعون فقال (وَ لَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) وقوله (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَ لا يَنْطَلِقُلِسانِي) و قوله (إِنَّنا نَخافُ أَنْيَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) وهذا من غير موسى عليه السلام من سوء الأدب،لأن الذي أقيم مقام الأنس يلاطف و يحتمل، ولم يحتمل ليونس عليه السلام ما دون هذا لماأقيم مقام القبض و الهيبة، فعوقب بالسجنفي بطن الحوت في ظلمات ثلاث، و نودي عليهإلى يوم القيامة لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُنِعْمَةٌ من رَبِّهِ لَنُبِذَبِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ) قالالحسن: العراء هو القيامة. و نهي نبيناصلّى الله عليه وسلّم أن يقتدى به و قيل لهفَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْكَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَ هُوَمَكْظُومٌ