إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
فهذه سنة الله تعالى في عباده بالتفضيل، والتقديم، و التأخير، على ما سبقت بهالمشيئة الأزلية. و هذه القصص وردت في القرءان لتعرف بهاسنة الله في عباده الذين خلوا من قبل، فمافي القرءان شيء إلا و هو هدي و نور، وتعرف من الله تعالى إلى خلقه، فتارة يتعرفإليهم بالتقديس فيقول قُلْ هُوَ اللهأَحَدٌ الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواًأَحَدٌ و تارة يتعرف إليهم بصفات جلاله فيقولالْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُالْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُالْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) و تارةيتعرف إليهم في أفعاله المخوفة و المرجوة،فيتلو عليهم سنته في أعدائه و في أنبيائهفيقول أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَبِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَبِأَصْحابِ الْفِيلِ و لا يعدو القرءان هذه الأقسام الثلاثة، وهي الإرشاد إلى معرفة ذات الله و تقديسه،أو معرفة صفاته و أسمائه، أو معرفة أفعالهو سنته مع عباده. و لما اشتملت سورةالإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة و هوالتقديس، وازنها رسول الله صلّى الله عليهوسلّم بثلث القرءان فقال[1] «من قرأ سورةالإخلاص فقد قرأ ثلث القرءان» لأن منتهىالتقديس أن يكون واحدا في ثلاثة أمور، لايكون حاصلا منه من هو نظيره و شبهه، و دلعليه قوله (لَمْ يَلِدْ و لا يكون حاصلا ممن هو نظيره و شبهه، و دلعليه قوله (وَ لَمْ يُولَدْ و لا يكون في درجته و إن لم يكن أصلا له ولا فرعا من هو مثله، و دل عليه قوله وَ لَمْيَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و يجمع جميع ذلك قوله تعالى قُلْ هُوَالله أَحَدٌ و جملته تفصيل قول لا إله إلا الله فهذهأسرار القرءان، و لا تتناهى أمثال هذهالأسرار في القرءان. و لا رطب و لا يابس إلافي كتاب مبين. و لذلك قال ابن مسعود رضيالله عنه: نوروا القرءان و التمسوا غرائبهففيه علم الأولين و الآخرين، و هو كما قال.و لا يعرفه إلا من طال في آحاد كلماته فكرهوصفا له فهمه، حتى تشهد له كل كلمة منهبأنه كلام جبار قاهر، مليك قادر، و أنهخارج عن حد استطاعة البشر. و أكثر أسرارالقرءان معبأة في طي القصص و الأخبار،فكن