إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و في الأخبار السالفة أن نبيا من الأنبياءشكا إلى الله عز و جل الجوع، و الفقر، والقمل، عشر سنين، فما أجيب إلى ما أراد. ثمأوحى الله تعالى إليه: كم تشكو هكذا كانبدؤك عندي في أم الكتاب قبل أن أخلقالسموات و الأرض، و هكذا سبق لك منى، وهكذا قضيت عليك قبل أن أخلق الدنيا. أفتريد أن أعيد خلق الدنيا من أجلك. أم تريدأن أبدل ما قدرته عليك فيكون ما تحب فوق ماأحب، و يكون ما تريد فوق ما أريد و عزتي وجلالي لئن تلجلج هذا في صدرك مرة أخرىلأمحونك من ديوان النبوة. و روي أن آدم عليه السلام كان بعض أولادهالصغار يصعدون على بدنه و ينزلون، يجعلأحدهم رجله على أضلاعه كهيئة الدرج، فيصعدإلى رأسه، ثم ينزل على أضلاعه كذلك، و هومطرق إلى الأرض لا ينطق و لا يرفع رأسه.فقال له بعض ولده. يا أبت أما ترى ما يصنعهذا بك لو نهيته عن هذا فقال يا نبي، إنىرأيت ما لم تروا، و علمت ما لم تعلموا، إنىتحركت حركة واحدة فأهبطت من دار الكرامةإلى دار الهوان، و من دار النعيم إلى دارالشقاء، فأخاف أن أتحرك أخرى فيصيبني مالا أعلم و قال[1] أنس بن مالك رضي الله عنهخدمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشرسنين، فما قال لي لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله لم لا فعلته، و لا قالفي شيء كان ليته لم يكن، و لا في شيء لميكن ليته كان. و كان إذا خاصمنى مخاصم منأهله يقول «دعوه لو قضي شيء لكان» و يروىأن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام.يا داود إنك تريد و أريد و إنما يكون ماأريد، فإن سلمت لما أريد كفيتك ما تريد. وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد، ثملا يكون إلا ما أريد و أما الآثار، فقد قالابن عباس رضي الله عنهما. أول من يدعى إلىالجنة يوم القيامة الذين يحمدون اللهتعالى على كل حال. و قال عمر بن عبد العزيز.ما بقي لي سرور إلا في مواقع القدر. و قيلله ما تشتهي فقال ما يقتضي الله تعالى. وقال ميمون بن مهران. من لم يرض بالقضاءفليس لحمقه دواء. و قال الفضيل. إن لم تصبرعلى تقدير الله لم تصبر على تقدير نفسك وقال عبد العزيز بن أبي رواد. ليس الشأن فيأكل خبز الشعير و الخل، و لا في لبس الصوف والشعر، و لكن الشأن في الرضا عن الله عز وجل