إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
ضربا، فصرت بعد ذلك أعرف بلص الحمام،فسكنت نفسي فهكذا كانوا يروضون أنفسهم حتىيخلصهم الله من النظر إلى الخلق. ثم منالنظر إلى النفس، فإن الملتفت إلى نفسهمحجوب عن الله تعالى، و شغله بنفسه حجابله، فليس بين القلب و بين الله حجاب بعد وتخلل حائل، و إنما بعد القلوب شغلها بغيرهأو بنفسها، و أعظم الحجب شغل النفس. و لذلكحكي أن شاهدا عظيم القدر من أعيان أهلبسطام كان لا يفارق مجلس أبي يزيد، فقال لهيوما: أنا منذ ثلاثين سنة أصوم الدهر لاأفطر، و أقوم الليل لا أنام، و لا أجد فيقلبي من هذا العلم الذي تذكر شيئا، و أناأصدق به و أحبه. فقال أبو يزيد: و لو صمت ثلاثمائة سنة، وقمت ليلها ما وجدت من هذا ذرة. قال و لم قال لأنك محجوب بنفسك. قال فلهذا دواء قالنعم. قال قل لي حتى أعمله. قال لا تقبله. قال فاذكره لي حتى أعمله. قال اذهب الساعةإلى المزين فاحلق رأسك و لحيتك، و انزع هذااللباس و اتزر بعباءة، و علق في عنقك مخلاةمملوءة جوزا، و أجمع الصبيان حولك، و قل كلمن صفعنى صفعة أعطيته جوزة، و ادخل السوق،و طف الأسواق كلها عند الشهود و عند منيعرفك و أنت على ذلك فقال الرجل: سبحانالله، تقول لي مثل هذا فقال أبو زيد قولكسبحان الله شرك، قال و كيف قال لأنك عظمتنفسك فسبحتها و ما سبحت ربك فقال هذا لاأفعله، و لكن دلني على غيره. فقال ابتدئبهذا قبل كل شيء. فقال لا أطيقه. قال قد قلت لك إنك لا تقبل. فهذا الذي ذكرهأبو يزيد هو دواء من اعتل بنظره إلى نفسه ومرض بنظر الناس إليه. و لا ينجى من هذاالمرض دواء سوى هذا و أمثاله. فمن لا يطيقالدواء فلا ينبغي أن ينكر إمكان الشفاء فيحق من دواى نفسه بعد المرض، أو لم يمرضبمثل هذا المرض أصلا فأقل درجات الصحةالإيمان بإمكانها، فويل لمن حرم هذا القدرالقليل أيضا و هذه أمور جلية في الشرعواضحة، و هي مع ذلك مستبعدة عند من يعدنفسه من علماء الشرع. فقد قال صلّى اللهعليه وسلّم[1] «لا يستكمل العبد الإيمانحتى تكون ملة الشيء أحب إليه من كثرته وحتى يكون أن لا يعرف أحب من أن يعرف» و قدقال