إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
عليه و سلم، كان مطيعا بأكله و نكاحه. وأغلب حظوظ النفس الأكل و الوقاع، و قصدالخير بهما غير ممتنع لمن غلب على قلبه همالآخرة. و لذلك ينبغي أن يحسن نيته مهماضاع له مال و يقول: هو في سبيل الله، و إذابلغه اغتياب غيره له فليطيب قلبه بأنهسيحمل سيئاته و ستنقل إلى ديوانه حسناته،و لينو ذلك بسكوته عن الجواب، ففي الخبر[1]«إن العبد ليحاسب فتبطل أعماله لدخولالآفة فيها حتى يستوجب النار ثم ينشر له منالأعمال الصالحة ما يستوجب به الجنةفيتعجب و يقول يا رب هذه أعمال ما عملتهاقط فيقال هذه أعمال الذين اغتابوك و آذوك وظلموك» و في الخبر[2] «إن العبد ليوافىالقيامة بحسنات أمثال الجبال لو خلصت لهلدخل الجنة فيأتي و قد ظلم هذا و شتم هذا وضرب هذا فيقتص لهذا من حسناته و لهذا منحسناته حتى لا يبقى له حسنة فتقولالملائكة قد فنيت حسناته و بقي طالبونفيقول الله تعالى ألقوا عليه من سيئاتهمثم صكوا له صكا إلى النار» و بالجملة فإياكثم إياك أن تستحقر شيئا من حركاتك، فلاتحترز من غرورها و شرورها، و لا تعد جوابهايوم السؤال و الحساب، فإن الله تعالى مطلععليك و شهيد، و ما يلفظ من قول إلا لديهرقيب عتيد و قال بعض السلف: كتبت كتابا وأوردت أن أتربه من حائط جار لي، فتحرجت، ثمقلت تراب و ما تراب فتربته، فهتف بي هاتف:سيعلم من استخف بتراب ما يلقى غدا من سوءالحساب. و صلى رجل مع الثوري، فرآه مقلوبالثوب، فعرفه، فمد يده ليصلحه، ثم قبضهافلم يسوه، فسأله عن ذلك فقال: إنى لبستهلله تعالى، و لا أريد أن أسويه لغير الله. وقد قال الحسن: إن الرجل ليتعلق بالرجل يومالقيامة فيقول بيني و بينك الله. فيقول: والله ما أعرفك، فيقول: بلى أنت أخذت لبنةمن حائطي، و أخذت خيطا من ثوبي