إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و يتمنى أن لو كفي شر الجوع، حتى لا يحتاجإلى الأكل، فلا يبقى في قلبه حظ من الفضولالزائدة على الضرورة، و يكون قدر الضرورةمطلوبا عنده، لأنه ضرورة دينه فلا يكون لههم إلا الله تعالى، فمثل هذا الشخص لو أكلأو شرب، أو قضى حاجته، كان خالص العمل صحيحالنية في جميع حركاته و سكناته، فلو ناممثلا حتى يريح نفسه ليتقوى على العبادةبعده كان نومه عبادة، و كان له درجةالمخلصين فيه، و من ليس كذلك فباب الإخلاصفي الأعمال مسدود عليه إلا على الندور، وكما أن من غلب عليه حب الله و حب الآخرةفاكتسبت حركاته الاعتيادية صفة همه و صارتإخلاصا، فالذي يغلب على نفسه الدنيا والعلو و الرئاسة و بالجملة غير الله فقداكتسبت جميع حركاته تلك الصفة، فلا تسلمله عباداته من صوم و صلاة و غير ذلك إلانادرا فإذا علاج الإخلاص كسر حظوظ النفس،و قطع الطمع عن الدنيا، و التجرد للآخرة،بحيث يغلب ذلك على القلب، فإذا ذاك يتيسرالإخلاص. و كم من أعمال يتعب الإنسان فيهاو يظن أنها خالصة لوجه الله، و يكون فيهامغرورا، لأنه لا يرى وجه الآفة فيها، كماحكي عن بعضهم أنه قال: قضيت صلاة ثلاثينسنة كنت صليتها في المسجد في الصف الأول،لأني تأخرت يوما لعذر فصليت في الصفالثاني، فاعترتنى خجلة من الناس حيث رأونىفي الصف الثاني، فعرفت أن نظر الناس إلي فيالصف الأول كان مسرتي، و سبب استراحةقلبي، من حيث لا أشعر، و هذا دقيق غامضقلما تسلم الأعمال من أمثاله، و قيل منيتنبه له إلا من و فقه الله تعالى، والغافلون عنه يرون حسنانهم كلها في الآخرةسيئات و هم المرادون بقوله تعالى (وَ بَدالَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوايَحْتَسِبُونَ وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُما كَسَبُوا) و بقوله تعالى (قُلْ هَلْنُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَأَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فيالْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَأَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) و أشدالخلق تعرضا لهذه الفتنة العلماء فإنالباعث للأكثرين على نشر العلم لذةالاستيلاء و الفرح بالاستتباع، والاستبشار بالحمد و الثناء، و الشيطانيلبس عليهم ذلك، و يقول. غرضكم نشر دينالله، و النضال عن الشرع الذي. شرعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وترى الواعظ يمن على الله تعالى بنصيحةالخلق،