إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و ما عندي أن الغزاة لا يدركون في أنفسهمتفرقة بين غزو الكفار في جهة تكثر فيهاالغنائم، و بين جهة لا غنيمة فيها. و يبعدأن يقال إدراك هذه التفرقة يحبط بالكليةثواب جهادهم. بل العدل أن يقال: إذا كان الباعث الأصلي،و المزعج القوي، هو إعلاء كلمة اللهتعالى، و إنما الرغبة في الغنيمة على سبيلالتبعية، فلا يحبط به الثواب. نعم لا يساوىثوابه ثواب من لا يلتفت قلبه إلى الغنيمةأصلا، فإن هذا الالتفات نقصان لا محالةفإن قلت: فالآيات و الأخبار تدل على أن شوبالرياء محبط للثواب، و في معناه شوب طلبالغنيمة، و التجارة، و سائر الحظوظ، فقدروى[1] طاوس و غيره من التابعين، أن رجلاسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عمن يصطنعالمعروف، أو قال: يتصدق فيحب أن يحمد ويؤجر، فلم يدر ما يقول له، حتى نزلت(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِفَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لايُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) وقد قصد الأجر و الحمد جميعا. و روى[2] معاذعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال«أدنى الرياء شرك» و قال[3] أبو هريرة: قالالنبي صلّى الله عليه وسلّم «يقال لمنأشرك في عمله خذ أجرك ممن عملت له» و روي عنعبادة، أن الله عز و جل يقول أنا أغنىالأغنياء عن الشركة، من عمل لي عملا فأشركمعي غيري و دعت نصيبي لشريكي. و روى[4] أبوموسى أن أعرابيا أتى رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم فقال: يا رسول الله، الرجليقاتل حمية، و الرجل يقاتل شجاعة، و الرجليقاتل ليرى مكانه في سبيل الله. فقال صلّىالله عليه وسلّم «من قاتل لتكون كلمةالله