إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و البلاء أحبّ قوم المرض و اغتنموه،لينالوا ثواب الصبر عليه، فكان منهم من لهعلة يخفيها و لا يذكرها للطبيب، و يقاسىالعلة، و يرضى بحكم الله تعالى، و يعلم أنالحق أغلب على قلبه من أن يشغله المرض عنه،و إنما يمنع المرض جوارحه. و علموا أنصلاتهم قعودا مثلا مع الصبر على قضاء اللهتعالى، أفضل من الصلاة قياما مع العافية والصحة. ففي الخبر[1] «إنّ الله تعالى يقولللملائكته اكتبوا لعبدي صالح. ما كانيعمله فإنّه في وثاقي إن أطلقته أبدلتهلحما خيرا من لحمه و دما خيرا من دمه و إنتوفيته توفيته إلى رحمتي» و قال صلّى اللهعليه وسلّم[2] «أفضل الأعمال ما أكرهتعليه النّفوس» فقيل معناه ما دخل عليه منالأمراض و المصائب. و إليه الإشارة بقولهتعالى وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاًوَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). و كان سهل يقول:ترك التداوي و إن ضعف عن الطاعات و قصر عنالفرائض، أفضل من التداوي لأجل الطاعات. وكانت به علة عظيمة فلم يكن يتداوى منها. وكان يداوي الناس منها. و كان إذا رأى العبديصلى من قعود. و لا يستطيع أعمال البر منالأمراض، فيتداوى للقيام إلى الصلاة والنهوض إلى الطاعات، يعجب من ذلك و يقول:صلاته من قعود مع الرضا بحاله أفضل منالتداوي للقوّة و الصلاة قائما و سئل عنشرب الدواء فقال: كل من دخل في شيء منالدواء فإنما هو سعة من الله تعالى لأهلالضعف. و من لم يدخل في شيء منه فهو أفضل،لأنه إن أخذ شيئا من الدواء و لو كان هوالماء البارد يسئل عنه لم أخذه، و من لميأخذ فلا سؤال عليه. و كان مذهبه و مذهبالبصريين تضعيف النفس بالجوع و كسرالشهوات، لعلمهم بأن ذرة من أعمال لقلوبمثل الصبر، و الرضا، و التوكل، أفضل منأمثال الجبال من أعمال الجوارح. و المرض لا يمنع من أعمال القلوب إلا إذاكان ألمه غالبا مدهشا. و قال سهل رحمه الله:علل الأجسام رحمة، و علل القلوب عقوبة