إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و الأرض، بل لذة العلم بقدر شرف العلم، وشرف العلم بقدر شرف المعلوم، حتى أن الذييعلم بواطن أحوال الناس و يخبر بذلك يجد لهلذة، و إن جهله تقاضاه طبعه أن يفحص عنهفإن علم بواطن أحوال رئيس البلد و أسرارتدبيره في رياسته كان ذلك ألذ عنده و أطيبمن علمه بباطن حال فلاح أو حائك، فإن اطلععلى أسرار الوزير و تدبيره و ما هو عازمعليه في أمور الوزارة فهو أشهى عنده و ألذمن علمه بأسرار الرئيس، فإن كان خبيرابباطن أحوال الملك و السلطان الذي هوالمستولى على الوزير كان ذلك أطيب عنده وألذ من علمه بباطن أسرار الوزير و كانتمدحه بذلك و حرصه عليه و على البحث عنهأشد، و حبه له أكثر، لأن لذته فيه أعظم: فبهذا استبان أن ألذ المعارف أشرفها، وشرفها بحسب شرف المعلوم فإن كان فيالمعلومات ما هو الأجل و الأكمل، والأشرف، و الأعظم فالعلم به ألذ العلوم لامحالة و أشرفها و أطيبها و ليت شعري هل فيالوجود شيء، أجل، و أعلى، و أشرف و أكمل،و أعظم، من خالق الأشياء كلها و مكملها، ومزينها، و مبدئها، و معيدها، و مدبرها، ومرتبها و هل يتصور أن تكون حضرة في الملك،و الكمال، و الجمال، و البهاء، و الجلال،أعظم من الحضرة الربانية التي لا يحيطبمبادي جلالها و عجائب أحوالها وصفالواصفين فإن كنت لا تشك في ذلك فلا ينبغي أن تشك فيأن الاطلاع على أسرار الربوبية، و العلمبترتب الأمور الإلهية المحيطة بكلالموجودات، هو أعلى أنواع المعارف والاطلاعات، و ألذها، و أطيبها، و أشهاها،و أحرى ما تستشعر به النفوس عند الاتصاف بهكمالها و جمالها و أجدر ما يعظم به الفرح،و الارتياح، و الاستبشار و بهذا تبين أنالعلم لذيذ، و أن ألذ العلوم العلم باللّهتعالى و بصفاته و أفعاله، و تدبيره فيمملكته من منتهى عرشه إلى تخوم الأرضين.فينبغي أن يعلم أن لذة المعرفة أقوى منسائر اللذات، أعنى لذة الشهوة و الغضب، ولذة سائر الحواس الخمس، فإن اللذات مختلفةبالنوع أولا، كمخالفة لذة الوقاع للذةالسماع، و لذة المعرفة للذة الرئاسة، و هيمختلفة بالضعف و القوة، كمخالفة لذةالشّبق المغتلم من الجماع للذة الفاترللشهوة، و كمخالفة لذة النظر إلى الوجهالجميل الفائق الجمال للذة النظر إلى مادونه في الجمال. و إنما تعرف أقوى اللذات