إحیاء علوم الدین جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
يفهم ترقى العبد في درجات القرب، فكلماصار أكمل صفة، و أتم علما و إحاطة بحقائقالأمور، و أثبت قوة في قهر الشيطان و قمعالشهوات، و أظهر نزاهة عن الرذائل، صارأقرب من درجة الكمال، و منتهى الكمالللَّه، و قرب كل واحد من الله تعالى بقدركماله. نعم قد يقدر التلميذ على القرب منالأستاذ، و على مساواته، و على مجاوزته، وذلك في حق الله محال، فإنه لا نهايةلكماله، و سلوك العبد في درجات الكمالمتناه، و لا ينتهى إلا إلى حد محدود، فلامطمع له في المساواة ثم درجات القربتتفاوت تفاوتا لا نهاية له أيضا لأجلانتفاء النهاية عن ذلك الكمال فإذا محبةالله للعبد تقريبه من نفسه بدفع الشواغل والمعاصي عنه، و تطهير باطنه عن كدوراتالدنيا، و رفع الحجاب عن قلبه حتى يشاهدهكأنه يراه بقلبه. و أما محبة العبد للَّهفهو ميله إلى درك هذا الكمال الذي هو مفلسعنه، فاقد له، فلا جرم يشتاق إلى ما فاته،و إذا أدرك منه شيئا يلتذ به، و الشوق والمحبة بهذا المعنى محال على الله تعالىفإن قلت: محبة الله للعبد أمر ملتبس، فبميعرف العبد أنه حبيب الله فأقول: يستدلعليه بعلاماته. و قد قال صلّى الله عليهوسلّم[1] «إذا أحب الله عبدا ابتلاه فإذاأحبه الحب البالغ اقتناه» قيل و ماافتناه قال «لم يترك له أهلا و لا مالا»فعلامة محبة الله للعبد أن يوحشه من غيره،و يحول بينه و بين غيره، قيل لعيسى عليهالسلام. لم لا تشترى حمارا فتركبه فقالأنا أعز على الله تعالى من أن يشغلني عننفسه بحمار. و في الخبر[2] «إذا أحب اللهعبدا ابتلاه فإن صبر اجتباه فإن رضياصطفاه» و قال بعض العلماء. إذا رأيتكتحبه، و رأيته يبتليك، فاعلم أنه يريديصافيك. و قال بعض المريدين لأستاذه. قدطولعت بشيء من المحبة. فقال يا بني، هلابتلاك بمحبوب سواه فآثرت عليه إياه قاللا. قال فلا تطمع في المحبة، فإنه لايعطيها عبدا حتى يبلوه. و قد قال رسول اللهصلّى الله عليه وسلّم[3] «إذا أحب اللهعبدا جعل له واعظا من نفسه و زاجرا منقلبه