حول تمايز العلوم
و ليعلم: أنّهم حيث تحيّروا في موضوععلمهم، استقرّ أيضاً رأيهم على أنّاختلاف العلوم باختلاف الأغراض التي منأجلها دوّن العلم فراراً من لزوم كون كلّمسألة أو باب علماً على حدة «1» مع أناختلاف الأغراض «2» لا يمكن إلّا باختلافالعلوم فإنّ الأغراض مترتّبة عليها و منآثارها المتأخّرة عنها، و لا يمكن أن يكونعلم واحد بجهة واحدة محصّلًا لغرضينمختلفين، فلا بدّ و أن تكون العلوم قبلتحقّق الأغراض متمايزةً بعضها عن بعض فيحاقّ الأعيان حتّى تترتّب الأغراضالمختلفة عليها، فلو كان اختلاف العلوم وتمايزها بحسب الواقع باختلاف الأغراضللزم الدور، و للزم كون تمايز المؤثّراتبتمايز الآثار، و ذلك واضح البطلان.و التحقيق: أنّ اختلاف العلوم باختلاف نفسالمسائل، المتشتّتة بحسب التعيّنات والتشخّصات، و المشتركة بحسب الموضوع والمحمول الطبيعيين،(1) كفاية الأُصول: 22، انظر درر الفوائد،المحقّق الحائري: 34، نهاية الأفكار 1: 11.(2) و ليعلم: أنّ الأغراض إمّا أن تكونأغراضاً أوّليّة، و إمّا أن تكون ثانويّةو ثالثيّة و هكذا:أمّا الأغراض الأوّليّة فهي العلمبالمسائل، فإنّ كلّ مدوّن للعلم أو متعلّمله لا يكون غرضه الأوّلى إلّا العلم بها، ومعلوم أنّ اختلاف العلم باختلافمتعلّقاته، و إلّا فالعلم من حيث هو علم لايختلف في العلوم، فالاختلاف رجع بالآخرةإلى اختلاف نفس المسائل التي هي متعلّقاتالعلوم.و أمّا الأغراض الثانويّة و الثالثيّة وأمثالهما، فلا يكون لها ميزان حتّى يكونالاختلاف بها.[منه (قدّس سرّه)].