رسائل جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
عهده، و ما وفى به» و يذمّه العقلاءعلى ذلك فإنّ بناءهم على رفع اليد منجانب المتعاقدين عن العوضين و قطع الطمععنهما. و كذا بناء سائر العقود المعاوضيةعلى ذلك و على كون عقدة المعاوضة بيديالطرفين، و كأنّ العقد المعاوضي حبل مشدودمعقود فيه يكون طرفاه بيدي المتعاقدين، وتكون الإقالة بمنزلة حلّ تلك العقدة، وأمّا مع بقاء العقد و عدم حلّه منالجانبين، فليس لأحد الطرفين مخالفة عهدهعند العقلاء، و ليس ذلك إلّا من جهة بناءالعقلاء حتّى قبل الإسلام على ذلك.و قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1»منزّل على أمثال تلك العقود المعاوضيةالتي مبناها على الاستيثاق و الاستحكام،لا على مطلق العقود حتّى يكون خروج أكثرالعقود من قبيل التخصيص فيه و من جهة قيامالإجماع فإنّ إجماع العلماء في سائرالعقود ليس إلّا من جهة أنّ بناء العقلاءفيها على الجواز. فعليك بالعقود الغيرالمعاوضية و التفحّص عنها و عن بناءالعقلاء بالنسبة إليها حتّى تعرف صدق ماادعيناه.مثلًا: اعتبار العقلاء في عقد الوديعةكأنّه على أخذ الغير مخزناً لماله ومحفظة له، و هذا الأمر لمّا كان تصرّفاً فيحدود سلطان الغير، فلا يعتبر موجوداًمحقّقاً إلّا بعد قبول الغير، لكن سلطانصاحب المال على ماله و الطرف على نفسهبعدُ باقٍ لعدم تحقّق معاوضة في البين،فلصاحب المال التصرّف في ماله و أخذه منالمستودَع، و للمستودَع ردّ مال الغير به،و إن أخذ المودع أو ردّ المستودع المال لايقال عند العقلاء: «إنّهما نقضا عهدهما، وخالفا عقدهما» و لا يذمّهما العقلاء.