فرج بعد الشدة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
فلما كان بعد أيام من خروجى راسلت السيدة و شكوت حالي إليها و سألتها أن تدفع إلى ذلك الخيش لانه لا قدر له عندهم و أنا أنتفع بثمنه .قال : فاستحمقتنى و قالت : وأى قدر لهذا الخيش ردوه عليه .فسلم إلى بأسره ففتحته و أخذت منه المائة ألف دينار و ما ضاع منها دينار واحد ، و أخذت من الخيش ما احتجت اليه و بعت باقيه بجملة وافرة و قلت في نفسى إنه قد بقيت لي بقية إقبال جيدة .حدثني على بن هشام ، قال : سمعت حامد بن العباس يقول : ربما انتفع الانسان في نكبته بالرجل الصغير أكثر من منفعته بالكبير ، فمن ذلك : ان إسماعيل بن بلبل لما حبسني جعلني في يد بواب كان يخدمه قديما ( قال ) : و كان رجلا حرا فأحسنت اليه و بررته فكنت اعتمد على عناية أبى العباس ابن الفرات و كان ذلك البواب لقدم خدمته لاسماعيل يدخل إلى مجالسه الخاصة و يقف بين يديه لا ينكر ذلك عليه لسالف الصحبة ، فصار إلى في بعض الليالي و قال : قد حرد الوزير على ابن الفرات بسببك و قال له : ما يكسر المال على حامد غيرك ، و لا بد من الجد في مطالبته بباقي مصادرته ، و سيدعو بك الوزير في غد إلى حضرته و يتهددك ، فشغل ذلك قلبى .فقلت له : فهل عندك من رأى ؟ فقال : تكتب رقعة إلى رجل من معامليك تعرف شحه و ضيق نفسه فتلتمس منه لعيالك ألف درهم يقرضك إياها و تسأله أن يجيبك على رقعتك ، فان الشحة توجبه أن يردك بعذر و تحتفظ على الرقعة فإذا طالبك الوزير تخرجها على مواطأة و تقول : قد أفضت حالي إلى هذا فلعل ذلك ينفعك .ففعلت ما قال و جاءني الجواب بالرد كما خمنا و شددت الرقعة معي فلما كان من الغد أخرجني الوزير و طالبنى فأخرجت الرقعة إليه و أقرأته إياها و رققته و كلمته فلان و استحى ، و كان ذلك سبب خفة أمري و زوال محنتى .فلما تقلدت في أيام عبيد الله بن سليمان سألت عن البواب و جذبته إلى خدمتى فكنت أجرى عليه خمسين دينارا في كل سنة و هو باق إلى الآن أخبرني