فرج بعد الشدة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
ففعل ذلك فلما كان من الغد رؤى الجاحظ متصدرا في مجلس ابن أبى دؤاد و عليه خلعة من ثيابه ، و طويلة من قلانسه و هو مقبل عليه بوجهه يقول هات يا أبا عثمان .أخبرني أبو الفرج الاصفهانى بإسناده عن إسحاق الموصلى قال : لم أر قط مثل جعفر بن يحيى كانت له فتوة ، و ظرف و أدب ، و حسن غناء ، و ضرب بالطبل ، و كان يأخذ بأجزل حظ من كل فن فحضرت باب الرشيد يوما فقيل لي : إنه نائم فانصرفت .فلقيني جعفر بن يحيى قال لي ما الخبر ؟ فقلت أمير المؤمنين نائم .فقال لي قف مكانك و مضى إلى دار أمير المؤمنين فاعلم أنه نائم .فرجع فقال سر بنا إلى المنزل حتى نخلو بقية يومنا و أغنيك و نأخذ في شأننا من وقتنا هذا .فقلت نعم فصرنا إلى منزله فطرحنا ثيابنا .و دعا بالطعام فطعمنا ، و أمر بإخراج الجواري و قال ابرزن فليس عندنا من نحتشمه .فلما وضع الشراب دعا بقميص حرير فلبسه ، و دعا بخلوق فتخلق ، و دعا لي بمثل ذلك و جعل يغنينى و أغنيه ، و كان قد تقدم إلى الحاجب ان لا يأذن لاحد من الناس كلهم و ان جاء رسول أمير المؤمنين اعلمه أنه مشغول و احتاط في ذلك و تقدم إلى جميع الحجاب و الخدم ثم قال ان جاء عبد الملك فأذنوا له .يعنى رجلا كان يأنس به و يمازحه و يحضر خلواته ، ثم أخذنا في شأننا فو الله انى لعلى حالة سارة اذ رفع الستر و إذا عبد الملك بن صالح الهاشمي ، و غلط الحاجب و لم يفرق بينه و بين الذي يأنس به جعفر و كان عبد الملك الهاشمي من جلالة القدر و التقشف و الامتناع عن منادمة أمير المؤمنين على أمر جليل ، و كان أمير المؤمنين قد اجتهد أن يشرب قدحا فلم يفعل ترفعا لنفسه ، فلما رأيناه مقبلا أقبل كل واحد منا ينظر إلى صاحبه و كاد جعفر ينشق غيظا و فهم الرجل حالنا ، و أقبل نحونا حتى إذا صار إلى الرواق الذي نحن فيه نزع جبته فرمى بها مع طيلسانه جانبا ثم قال : أطعمونا شيئا .فدعى له جعفر بالطعام و هو منتقح غيظا ثم دعا برطل فشربه ثم أقبل إلى المجلس الذي نحن فيه ثم أخذ بعضادتي الباب و قال : اشركونا فيما أنتم فيه .فقال له جعفر ادخل فدخل بقميص حرير و خلوق فلبس و تخلق ثم دعا برطل و رطل حتى شرب عدة أقداح