فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیله‌‏ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیله‌‏ - نسخه متنی

یوسف صانعی؛ تقریر کننده: ضیاء المرتضوی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



تكلمة


ثم إنّه يقع الكلام في أنّ الحيض والنفاس هل هما مانعان من صحة الطلاق أو الخلو
منهما شرط فيها ؟ وجهان ، وتظهر الثمرة في المجهولة حالها كما ذكرها في الجواهر وهي
إشارة إلى قاعدة كليّة مذكورة في بعض الكلمات وهي أنّ الشك إذا كان في الشرط
فالاحراز لازم ، وإن كان في المانع فغير لازم ، قضاءً لأصالة العدم ، ويستفاد من
كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) تسليمه للقاعدة لكن في الوجوديين وأمّا في الوجودي
والعدميّ أي فيما كان الشرط على الشرطيّة أمراً وجودياً كالقدرة على التسليم ،
والمانع على المانعية ، أي العجز مثلا ، أمراً عدميّاً فالمانع عدم القدرة فالثمرة
غير مترتبة على فرض إمكان المانعية كذلك حيث إنّ العدم ليس بشيء ويستحيل تأثيره
وتأثّره فكيف يكون مانعاً وذلك لأنّ ثمرة أصالة العدم فيهما واحد وهو البطلان
فأصالة عدم القدرة كما تكون مقتضية للبطلان من جهة انتفاء الشرط فكذلك من جهة
المانع ، لأنّ عدم القدرة هو المانع ومعه فالممنوع منه باطل وغير موجود وهذا بخلاف
الوجوديين كالعدالة والفسق مثلا على كون الفسق هو ارتكاب المعاصي لاعدم الملكة
الرادعة ، فعلى شرطيته مثلا في ولاية المؤمنين مع الشك في عدالة شخص لاتثبت ولايته
لأنّ الشرط لازم الاحراز وأمّا على مانعية الفسق فمقتضى أصالة عدمه عدم تحقق المانع
فالولاية ثابتة للمشكوك فسقه وعدالته .

وتظهر من كلام سيدنا الاستاذ(قدس سره( في البيع ، انكاره الثمرة المذكورة وإن
وافق الشيخ الأعظم في عدم معقولية مانعية العدم ، بناءً على مبناه الحق الحقيق
بالتصديق من بطلان استصحاب العدم الأزلي الذي حققه في محلّه بما لامزيد عليه فعدم
الثمرة حق على المبنى ولاكلام فيه ففي المجهولة حالها لابدّ من الاحراز شرطاً كان
أم مانعاً ، وأمّا مذهب الشيخ في عدم معقولية مانعية العدم فغير تام لما مرّ منا
مراراً تبعاً لسيّدنا الاستاذ الامام(قدس سره) أنّ باب الاعتباريات يختلف عن باب
التكوين وأنّ قوامها بالاعتبار والجعل فقط . وبذلك يظهر مخالفة مذهب الاستاذ هنا
لمختاره البديع من عدم الخلط بين التكوين والتشريع ، ومنه يظهر انّه لافرق بين
القول بكون الحيض والنفاس مانعين عن الطلاق أو كون الطهر منهما شرطاً في صحته ، نعم
على قول الشيخ)قدس سره)فالثمرة مختلفة .

ثم لايخفى : أنّ الأمر بايجاد شيء مقيّداً بامر آخر كالأمر بالصلاة في المكان
المباح أو مع طهارة اللباس مثلا ظاهر في الشرطية كما أنّ النهي عن المركب كذلك
كالنهي عن الصلاة في وبر ما لايؤكل لحمه أو مع الحدث مثلا ظاهر في المانعية قضاءً
لظهور العناوين في الموضوعية والدخالة ، فحمل دخالة ذلك الشيء في الأمر على مانعية
مقابله وفي النهي على شرطية مقابله مخالف للظاهر ، ومن ذلك يظهر وجه استظهار
الجواهر من الأدلّة الشرطية ; قال :

«قد يشهد للثاني منهما أنّ ظاهر النصوص الكثيرة استفادة الشرط المزبور من قوله
تعالى (فطلقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة)[126] لأنّ المراد الأمر
بطلاقهنّ في طهر يكون من عدّتهنّ والحائض حال حيضها ليس كذلك ، وكذا ذات الطهر
المواقعة فيه . ولعلّه لذا ذكره المصنف وغيره من الشرائط»[127] . وذلك
لما ذكرناه من الظهور في الأمر بالشيء أو المركب في شيء آخر فإنّ الأمر بالطلاق
لعدّتهنّ يكون المراد منه الطهر والحائض ليست كذلك .

( مسألة 11 ـ إنّما يشترط خلو المطلقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير
المدخول بها ودون الحامل بناءً على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوى فيصح طلاقها
في حال الحيض) .

إجماعاً ويدل عليه الأخبار . منها : ما عن إسماعيل بن جابر الجعفي ، عن أبي
جعفر(عليه السلام) قال : «خمس يطلّقن على كل حال : الحامل المتبيّن حملها ، والتي
لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست عن المحيض»[128]
.

ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لابأس بطلاق خمس على
كل حال : الغائب عنها زوجها والتي لم تحض ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والحبلى ،
والتي قد يئست من المحيض»[129] .

ومنها : صحيحة محمد بن مسلم وزرارة وغيرهما عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليه
السلام)قال : «خمـس يطلقهنّ أزواجهـنّ متى شاؤوا : الحامـل المستبين حملها ،
والجاريـة التـي لم تحض ، والمـرأة التي قد قعدت من المحيض ، والغائب عنها زوجها ،
والتي لم يدخل بها»[130] .

ومنها : صحيحة حمّاد بن عثمان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «خمس يطلّقن
على كل حال : الحامل ، والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها ، والغائب عنها
زوجها ، والتي لم تبلغ المحيض»[131] .

والعموم في هذه الأحاديث شامل لحال الحيض والطهر كما انّه شامل لطهر المواقعة
وغير المواقعة وأ نّها حاكمة على إطلاق ما دلّ على النهي عن طلاق الحائض على شموله
للحائل غير المدخول بها والحامل وعلى كون النسبة عموماً من وجه فإنّ لسانها لسان
النظر إلى ذلك الإطلاق والحكومة ، وإن أبيت عنها فالترجيح لها لخروجهما عنه
بالاجماع بل لدلالة الآية أيضاً لأنّ المراد من قوله تعالى (فطلقوهنّ لعدّتهنّ
وأحصوا العدّة) الأمر بطلاقهنّ في طهر يكون من عدّتهنّ ، وغير المدخول بها لاعدّة
لها ، كما أنّ الحامل عدّتها وضع الحمل على كل حال ، وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ الآية
كالأخبار دالة على استثنائهما أيضاً .

( وكذا يشترط ذلك فيما إذا كان الزوج حاضراً بمعنى كونهما في بلد واحد حين
الطلاق ، ولو كان غائباً يصح طلاقها وان وقع في حال الحيض لكن إذا لم يعلم حالها من
حيث الطهر والحيض وتعذّر أو تعسّر عليه استعلامها ، فلو علم أنها في حال الحيض ولو
من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر أو تمكن من استعلامها وطلّقها فتبيّن وقوعه
في حال الحيض بطل) .

يصح طلاق الغائب في الجملة إجماعاً ولا إشكال فيه ، وعليه الروايات الكثيرة ،
وإنما الكلام والاشكال في إطلاقه ، فإنّ في المسألة أقوال خمسة :

الأول : عدم اشتراط التربص وأنّ المناط تحقق وصف الغائب مع الجهل بحال الزوجة
والتقييد بالجهل وإن لم يكن بمصرّح به في كلماتهم المرئية والمحكية[132]
لكنّه هو المستفاد والمعلوم عرفاً من مناسبة الحكم والموضوع وذلك لعدم الخصوصية
للغائب بما هو هو الموجب لجواز الطلاق حتى مع العلم بالحال وأنّ الزوجة حائض بل
الخصوصية إنّما تكون من جهة سببية الغيبة للجهل غالباً لاسيّما في مثل زمان
القائلين بهذا القول ممّا كانت الأجهزة الاعلامية والاتصالات اليومية قليلة جدّاً .
وهو المحكي عن علي بن بابويه وابن أبي عقيل وسلاّر والمفيد وأبي الصلاح بل قد ادّعى
ثانيهم التواتر عليه .

الثاني : ما هو المحكي عن الصدوق في الفقيه[133]
والشيخ في موضع من النهاية وصريح ابن حمزة على المحكي وهو تربص شهر فصاعداً .

الثالث : اعتبار تربص ثلاثة أشهر مع العلم ببراءة رحمها من الحمل فيما إذا خرج
بعد المواقعة وهو المحكي عن ابن الجنيد والعلاّمة في المختلف .

الرابع : التفصيل بين السفر في طهر غير المواقعة فيجوز له الطلاق من دون اشتراط
، بخلاف كونه في طهر المواقعة فعليه التربص ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر وهو للشيخ في
موضع من النهاية وصريح ابن البرّاج على المحكيّ عنه .

الخامس : التفصيل كذلك مع اعتبار العلم بخروجها من ذلك الطهر إلى طهر آخر وهو
المشهور بين المتأخرين . وجعله الشرايع المحصّل في المسألة وذهب إليه قبلهم الشيخ
في الاستبصار .

هذا ومنشأ الخلاف اختلاف الأخبار وهي على طوائف :

الاُولى : تدل على جواز طلاق الغائب مطلقاً ، وهي أخبار استثناء الخمس المنقولة
في المسألة السابقة وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) ، قال : «سألته
عن الرجل يطلّق امرأته وهو غائب ، قال : يجوز طلاقه على كل حال ، وتعتدّ امرأته من
يوم طلّقها»[134] .

ورواية أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : «الرجل يطلّق امرأته وهو
غائب فيعلم أنه يوم طلّقها كانت طامثاً . قال : يجوز»[135] .

فمقتضى الإطلاق في تلك الأخبار وترك الاستفصال في هاتين الروايتين هو عدم اعتبار
التربّص أصلا .

ولقائل أن يقول : التمسك بالإطلاق غير تمام ، أمّا في أخبار الخمس فلأ نّه في
مقام العدّ لا المعدود وأنّ الغائب على الإطلاق مورد للاستثناء أو مع القيد ،
والمفيد في المقام هو الإطلاق في المعدود لا في العدّ كما لايخفى . وأمّا في
الروايتين فلأنّ السائل فى صحيحة ابن مسلم ليس في مقام السؤال عن صحة طلاق الغائب
بما هو غائب حتى يكون في ترك الاستفصال دلالة على العموم بل السؤال عن اشتراط طلاقه
كغيره بالخلوّ عن الحيض وعدمه فالسؤال هو عن أصل الاستثناء فتكون مثل أخبار الخمس ،
وفي رواية أبي بصير السؤال عن طلاق الغائب المنكشف كونه في حال الحيض بعد وقوعه كما
يظهر من عطفه العلم بالطلاق بالفاء المفيدة للتعقيب ، فليس السؤال إلاّ عن صورة
خاصّة ، فالاستدلال للعموم بترك الاستفصال في هذه الرواية أضعف من غيرها .

هذا مضافاً إلى ما يمكن أن يقال في جلّ أخبار الخمس بل في غير صحيح ابن مسلم
وزرارة وغيرهما عن أبي عبدالله وأبي جعفر (عليهما السلام) من أ نّها ناظرة إلى حال
المرأة وأنّهنّ يطلّقن على كل حال فالإطلاق على التسليم بالنسبة إلى حالات المرأة
الغائب عنها زوجها لا بالنسبة إلى الزوج الغائب ومدّة التربص ، نعم التمسك بالإطلاق
في تلك الصحاح له وجه وهو شمول «متى شاءت» لكلّ الأزمنة من الغيبة في المدّة
اليسيرة والكثيرة فالصحاح بإطلاقها تدلّ على صحة طلاق الغائب ولو قبل مضيّ الشهر
لكن الحمل كذلك بعيد جداً فإنّ الظاهر كون المراد من كلمة «متى» الزمانية العموم من
حيث خلوّ الزوجة عن الحيض وعدمه فإنّه المحطّ للاستثناء ويشهد له سياق بقية الأخبار
من التعبير بـ«كلّ حال» فتدبّر .

الثانية : ما تدلّ على اشتراط مضيّ شهر واحد كموثّقة إسحاق بن عمّار ، عن أبي
عبدالله(عليه السلام) قال : «الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهراً»[136]
. وما عن ابن سماعة قال : سألت محمد بن أبي حمزة : متى يطلّق الغائب ؟ فقال :
حدّثني إسحاق بن عمّار أو روى إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله(عليه السلام( أو أبي
الحسن)عليه السلام) قال : «إذا مضى له شهر»[137] .

الثالثة : ما تدلّ على اشتراط التربّص بثلاثة أشهر وما فوقها كصحيحة جميل بن
درّاج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس
له أن يطلّق حتى تمضي ثلاثة أشهر»[138] .

وموثقة إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي إبراهيم(عليه السلام) : «الغائب الذي
يطلّق أهله كم غيبته ؟ قال : خمسة أشهر ، ستة أشهر قال : حدّ دون ذا . قال : ثلاثة
أشهر»[139] .

الرابعة : ما تدلّ على أنّ طلاق الغائب بالأهلّة والشهور كموثقة ابن بكير قال :
أشهد على أبي جعفر(عليه السلام) إنّي سمعته يقول : «الغائب يطلّق بالأهلّة والشهور»[140]
. ولايخفى عليك عدم منافاة الرابعة للبقية لأنّ النسبة بينهما نسبة الإجمال
والتفسير ، كما انّه يحتمل أن يكون الإعتداد بالأهلّة والشهور وذلك لما ورد في
صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج في الحاضر الّذي لايمكنه الوصول[141] . بل
الظاهر هو ذلك .

وما ذكر أو يمكن أن يذكر في رفع الاختلاف والجمع بين هذه الأخبار وجوه :

أحدها : ما عن الشيخ في الاستبصار وهو الدليل لأصحاب القول الخامس ، بحمل
الأخبار المختلفة في مدّة التربّص على اختلاف عادات النساء في الحيض وعلم الزوج
بحال زوجته في ذلك ، فقال : فمن يعلم من حال زوجته أ نّها تحيض في كل شهر يجوز له
أن يطلّقها بعد انقضاء الشهر ومن يعلم أ نّها لاتحيض إلاّ في كلّ ثلاثة أشهر لم يجز
له أن يطلّقها إلاّ بعد انقضاء ثلاثة أشهر وكذلك من تحيض في كل ستّة أشهر ، وحينئذ
فالمراعى في جواز ذلك مضيّ حيضة وانتقالها إلى طهر لم يقربها فيه بجماع ، واقتفاه
أكثر المتأخرين . قال المحقق الثاني(قدس سره) : «وهو الذي يقتضيه النظر الصحيح
والوقوف مع القوانين الاصولية ، لأنّ الأخبار الدالّة على وجوب التربّص مدّة ليصحّ
الطلاق لايجوز إجراؤها على ظاهرها من الاختلاف والتنافي ، ولا إطراح بعضها ، فلم
يبق إلاّ الجمع بينها بالحمل على أنّ المراد مراعاة زمان يعلم الزوج الغائب حصول
الحيض بعد طهر الجماع ، والانتقال عنه إلى طهر ، وأنّ الاختلاف ينزّل على اختلاف
عادة النساء في حصول الحيض باعتبار شهر أو ثلاثة أشهر أو خمسة أو ستّة ، فقد اشتركت
أخبار التربّص في أنّ الانتقال من طهر إلى طهر آخر شرط في صحة الطلاق من الغائب ولو
ظنّاً مستفاداً من عادة المرأة إن كانت معلومة ، وإلاّ فمن غالب عادات النساء .
ودلّت رواية أبي بصير[142] على انّه لو طلّقها وعلم يوم طلّقها أنّها
كانت طامثاً يجوز الطلاق . ولا ريب أنّ ما اشتركت فيه هذه الأخبار مخصّص لعموم
الخبرين الدالّين على جواز تطليق زوجة الغائب على كلّ حال»[143] .

ولايتوهّم أنّ المعتبر عند أصحاب هذا القول هو العلم بالانتقال وانقضاء الحيض
كما هو صريح الشرائع ، لكن الظاهر من المحقّق الثاني هو الإكتفاء بالظنّ حيث إنّ
مرادهم من العلم بقرينة اكتفائهم بمضيّ مدّة الحيض من أشهر وغيره هو الحجة المعتبرة
المستندة إلى الظنّ الحاصل من الإنقضاء . هذا مع أنّ العلم في الفقه والألسنة
المتعارفة هو الحجّة كما بيّناه مرّة بعد مرّة وحقّقناه في الأُصول عند البحث عن
حديث الرفع .

أقول : إنّ مقتضى القاعدة الاُصولية وإن كان تقييد الأخبار المطلقة المستندة
للشيخ المفيد ومن تبعه بأخبار التربّص لكن الإشكال في تلك الأخبار لما بينهما من
التعارض فلابدّ من رفع التعارض بينهما ثم التقييد بها ، وما ذكروه من الجمع فليس في
الأخبار إشعار به أصلا ويكون الجمع تبرّعاً محضاً والسؤال قد وقع فيها عن مطلق
المطلّق لا عن واقعة مخصوصة حتى يتوجّه إحتمال كون المطلّقة المسؤول عنها معتادة
بتلك العدّة فحملها على العادات المختلفة بعيد جدّاً .

لايقال : إنّ موثقة إسحاق بن عمّار المنقولة في الطائقة الثالثة حيث إنّها حاكمة
على موثقته الاُخرى وعلى ما عن ابن سماعة المنقولتين في الطائفة الثانية لأ نّها
تفسّر الغائب فيرتفع التعارض بينهما .

لأنه يقال : مضافاً إلى عدم جريان ذلك في صحيحة جميل لعدم كون الموضوع فيها
الغائب بل الموضوع فيها الرجل الخارج من منزله والحكومة تابعة للسان الدليل ، انّه
لم يقل بذلك أحد ، ويكون مخالفاً للإجماع ، حيث إنّ اللازم من الجمع كذلك تربّص
أربعة أشهر ، ثلاثة أشهر لتحقق الغائب حكومة ، وواحد لاعتباره في الغائب .

ثانيها : حمل المطلّقات على شهر واحد ، والثلاثة والخمسة والستة على الندب ،
والشاهد له اختلاف الروايات مع اتحاد الراوي في اثنتين منها وهو في روايتي إسحاق بن
عمّار ، ولايخفى عدم تماميته لعدم اختلافها كثيراً موجباً للحمل كذلك فإنّ الأخبار
بين طائفتين ، من شهر واحد وثلاثة أشهر ، والزائد على الثلاثة ليس بمعتبر وذلك لما
في الموثق الدالّ عليه بالاجتزاء بالثلاثة ، ففيه قال : خمسة أشهر أو ستّة . قلت :
حدّ دون ذا ، قال : ثلاثة أشهر . هذا ، مع أنّ الحمل عليه يلزم أن يجري في الشهر
الواحد أيضاً فكيف يكون متعيّناً ؟ نعم في وحدة الراوي دلالة عليه لكنه غير كاف .

ثالثها : ما في الجواهر من حمل المطلّقات على طهر غير المواقعة واعتبار ثلاثة
أشهر أو شهر واحد على من خرج في طهر المواقعة فإنّ طلاق الغائب بعد مضيّ ثلاثة أشهر
في المسترابة يقع صحيحاً لأنّ الطلاق لابدّ أن يكون في العدّة قضاءً للآية الشريفة
فالمرأة في ذلك الزمان لاتخلو من أن تكون حاملا أو حائلا والطلاق فيهما في العدّة
أمّا في الحامل لكون انقضاء عدّتها بالوضع ويصحّ طلاقها في حاله وإن كانت حائضاً
وأمّا في الحائل فلعدم اضرار الحيض في الغائب غير العالم فإنّ المتيّقن من مانعيته
إنّما هو في غير الغائب ممّن لايتعذّر ولايتعسّر عليه تحصيل العلم وعين هذا الكلام
يجري في مستقيمة الحيض بعد مضيّ الشهر لأنّ المطلّقة بعد انقضاء عدّتها وهي شهران
أو ثلاثة أشهر إمّا تكون حاملا فطلاقها كان في الحمل وإمّا تكون حائلا فطلاقها لم
يكـن في طهر المواقعة ووقوعـه فـي الحيض غير مضرّ في الغائب كما مـرّ فقال :

«بل من التأمل فيما ذكرنا قد ينقدح وجـه جمع بين ما دلّ مـن النصوص التي سمعت
تواترها على طلاق الغائب على كل حال بحملها على الغائب عنها في طهر لم يواقعها فيه
ولم يعلم بكونها حائضاً ولو لعادة لها وقتية مثلا معلومة لديه ، وبين ما دلّ منها
على اعتبار الثلاثة أشهر وهي صحيح جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام( :
«الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتى يمضي ثلاثة أشهر» وموثّق
إسحاق بن عمّار قلت لأبي إبراهيم(عليه السلام) : «الغائب الذي يطلّق كم غيبته ؟ قال
: خمسة أشهر أو ستة أشهر ، قلت : حدّ دون ذلك ، قال : ثلاثة أشهر» وحسن ابن بكير ،
قال : أشهد على أبي جعفر)عليه السلام) أنّي سمعته يقول : «الغائب يطلّق بالأهلّة
والشهور» التي عن الاسكافي العمل بها وطرح ما عداها ، وتبعه في المختلف بحملها على
من خرج في طهر المواقعة ، ضرورة أنّه مع مضي المدّة المزبورة إمّا أن تكون مستبينة
الحمل ، وطلاقها حينئذ للعدّة ، اوحائضاً وهو غير قادح في الغائب ، بل قد يحصل ذلك
في الإمرأة المستقيمة التي هـي غير مسترابـة بمضيّ شهر مضافاً إلى عدّتها .

وعليه ينزّل موثّق إسحاق عن أبي عبدالله(عليه السلام( «الغائب إذا أراد أن
يطلّقها تركها شهراً» وخبر ابن سماعة سألت محمد بن ابي حمزة «متى يطلّق الغائب ؟
قال : حدّثني إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله(عليه السلام) أو أبي الحسن)عليه
السلام) ، قال : إذا مضى له شهر» فتجتمع حينئذ جميع النصوص على معنى واحد وإليه
أشار الصدوق في الفقيه بقوله : «وإذا أراد الغائب أن يطلّق امرأته فحدّ غيبته أنّه
إذا غابها كان له أن يطلّق متى شاء خمسة أشهر أو ستّة ، وأوسطه ثلاثة أشهر ، وأدناه
شهر» بل لايبعد إرادة الانتقال من طهر إلى زمان طهر آخر من الشهر في النصوص ، ولعلّ
هذا هو الوجه في اختلاف النصوص ، وأولى من العمل بأحدها وطرح الآخر»[144]
.

وفيه : أنّ الجمع كذلك كالجمع السابق تبرّعي لا شاهد له ، لا من العقل ولا من
النقل ، وما ذكره(رحمه الله( وجهاً لصحّة الطلاق من وقوعه إمّا على الحامل المستبين
حمله أو الحائل المنقضى حيضه فإنّه وإن كان فيه الدقّة الفقهية إلاّ أنّ العرف
لايعلمه فضلا عن المساعدة عليه بل غير واحد من علمائهم وفقهائهم لايعلمونه إلاّ بعد
الدّقة الكثيرة فكيف يعتمد على هذا النحو من الجمع الذي ليس بعرفي بل ليس إلاّ
جمعاً دقيقاً فقهيّاً لايبدو إلاّ من مثل صاحب الجواهر المستنبط لجواهر الأحكام
بالغوص في بحار الكتاب والسنّة ، المؤلف لجواهر الكلام في الفقه الذي لاتجد فرعاً
من كل أبواب الفقه إلاّ وقد تعرّضه ، والذي قال استاذنا الإمام(قدس سره) في حقه
انّه الّذي يعجز عن تأليفه مائة من الفقهاء ! هذا مع أنّ مضيّ ثلاثة أشهر وإن كان
غالباً موجباً للعلم أو الاطمينان بالحمل وعدمه لكنّه ليس على الدوام فيبقى حال غير
الغالب غير معلوم ولايستقيم مع ما ذكره(رحمه الله) ومع أنّ حمل المطلّقات على
الخارج في طهر غير المواقعة ممّا لا شاهد له أصلا فإنّه وإن سلّمنا كون الاختلاف في
أخبار التربّص شاهداً على ما ذكره)رحمه الله)من الجمع فهو مختصّ بتلك الأخبار دون
المطلّقات كما لايخفى .

رابعها : حمل الشهر الواحد على المستقيمة ، والثلاثة على غيرها على أن تكون
للأهلّة والشهور خصوصية . وفيه انّه لا شاهد له أيضاً ويكون تبرّعاً محضاً .

خامسها : ما في المسالك من تقييد الإطلاقات بأخبار التربّص ثلاثة أشهر لصحّتها
وموافقتها مع الاعتبار لأنّ الغالب في الغائب عن زوجته أن يكون حالها مجهولا وحملها
ممكناً في وقته ومع جهله بحالها تصير في معنى المسترابة إلاّ أن يعلم عادة المرأة
وانتقالها بحسبه من طهر إلى طهر آخر فيكفي تربّصه ذلك المقدار[145] .

وفيه : انّه تمام على مبناه من اختصاص حجية الخبر بالصحيح الأعلائي وأمّا على ما
هو الحق من حجيّة الخبر وإن كان موثّقاً بل وإن كان موثوق الصدور فالتعارض في محلّه
.

سادسها : حمل موثقة عمّار الدالة على اعتبار الشهر بما في صحيحة عبدالرحمن من
كون الشهر للغائب الّذي يصل إليها الأحيان ولايصل إليها الأحيان فيتركها شهراً
ولايصل إليها ليصير سبباً لجهله ، فإنّ المناط في الغائب الجهل كما يظهر من الصحيحة
ويكون مناسباً للغيبة وحمل الدالّة على اعتبار الثلاثة على الأولوية والاستحباب
بشهادة موثقة عمّار عن أبي إبراهيم(عليه السلام( حيث إنّ الإمام(عليه السلام) لم
يعيّن المدّة في جواب إسحاق عن مدّة الغيبة في الغائب الذي يطلّق ، بل أجابه(عليه
السلام) بقوله «خمسة أشهر أو ستة أشهر» والجواب كذلك لايلائم الوجوب بل مناف له ،
وما في الذيل من بيان الحدّ الذي يكون دون ذلك وإن كان في حدّ نفسه ظاهراً في
الوجوب لكنّه لمّا يكون بعد سؤال السائل فظهوره لمكان الترديد في الاستحباب محفوظ
وإلاّ فيلزم نقصان جوابه)عليه السلام) كما لايخفى . وهذا الوجه من الجمع هو أظهر
الوجوه وعليه الشاهد من الأخبار ويكون موافقاً للاعتبار وهو الوجه كما في المتن .

ثم إنّ احتمال أنّ الأهلّة والشهور ليست شرطاً في صحة الطلاق من باب الحيض
والطهر بل هو حكم للغائب عند الطلاق ; فإنّ ترك المرأة في السفر في موثّقة عمّار لا
معنى له إلاّ مضيّ المدّة ، فالملاك هو مضيّها ، وعلى هذا يؤخذ بظاهـر عنوان الغائب
. ويشعر به ما عن محمد بن الحسن الأشعري قال : كتب بعض موالينا إلى أبي جعفر(عليه
السلام)معي : «ان امرأة عارفة أحدث زوجها فهرب من البلاد فتبع الزوج بعض أهل المرأة
. فقال : إمّا طلّقت وإمّا رددتك ، فطلّقها ، ومضى الرجل على وجهه فما ترى للمرأة ؟
فكتب بخطه : تزوّجي يرحمك الله»[146] . إلاّ انّه مع اختصاصه بالموثّقة
ممّا لايذهب إليه الفقيه العارف بأحكام الطلاق وأدلة شرائطه .

ثم إنّ رواية إسحاق بن عمار نصّ في صحة الطلاق بعد مضيّ شهر واحد وصحيحة جميل
ظاهرة في عدم الجواز فيحمل النفي هنا على الكراهة ، وكذا موثّقة عمّار الاُخرى
ظاهرة في الجواز بعد مضيّ ثلاثة أشهر وعدم الجواز قبله ، فحمل الروايات على
الاستحباب لهذا الوجه وجيه إلاّ أنّ الاشكال في الوجه فإنّه غير تمام على ما حقّق
في محلّه .

( مسألة 12 ـ لو غاب الزوج فإن خرج حال حيضها لم يجز طلاقها إلاّ بعد مضيّ مدّة
قطع بانقطاع ذلك الحيض أو كانت ذات العادة ومضت عادتها ، فإن طلّقها بعد ذلك في
زمان لم يعلم بكونها حائضاً في ذلك الزمان صحّ طلاقها وان تبيّن وقوعه في حال الحيض
، وان خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه طلّقها في أي زمان لم يعلم بكونها
حائضاً وصحّ طلاقها وان صادف الحيض ، نعم لو طلّقها في زمان علم بأن عادتها التحيّض
فيه بطل إن صادفه) .

لاستصحاب الحيض المتيقّن حال خروجه المنقطع بالقطع بخلافه أو بمضيّ المدّة
والمحكّم فيهما إطلاق روايات الغائب لعدم اختصاصها بالخروج مع الجهل بحال الزوجة ،
ووجه ما استدركه بقوله «نعم» معلومية عدم كون الغائب بما هو هو موضوعاً للحكم
ومورداً للاستثناء بل الاعتبار به من جهة ملازمته للجهل بحالها فإنّه المناسب معه
في الاستثناء .

( ولو خرج في الطهر الذي واقعها فيه ينتظر مضيّ زمان انتقلت بمقتضى العادة من
ذلك الطهر إلى طهر آخر ، ويكفي تربص شهر والأحوط أن لاينقص عن ذلك ، والأولى تربص
ثلاثة أشهر ، هذا مع الجهل بعادتها ، وإلاّ فيتبع العادة على الأقوى ، ولو وقع
الطلاق بعد التربص المذكور لم يضرّ مصادفة الحيض في الواقع) .

كفاية الانتقال بمقتضى العادة هي من جهة حجية العادة ظاهراً والاحتياط بمضيّ
الشهر من جهة الغلبة والعمل برواية الشهر وأمّا الأولوية بالنسبة إلى الثلاثة فلما
مرّ من الجمع بالحمل على الاستحباب وكثرة الاستظهار .

( بل الظاهر انّه لايضرّ مصادفته للطهر الذي واقعها فيه بأن طلّقها بعد شهر مثلا
أو بعد مضيّ مدّة علم بحسب عادتها خروجها عن الطهر الأول والحيض الذي بعده ثم تبيّن
الخلاف) .

وجه الظهور هو أولوية كشف الطهر من كشف الحيض فإنّ فيه فقدان الشرطين وهما عدم
الحيض وعدم كون الطهر غير المواقعة وفي كشف الحيض فقدان الشرط الأخير فقط ، وأيضاً
انّه لا خصوصية للحيض بل المعيار هو الغيبة واستثناء الغائب من الشرطين .

( مسألة 13 ـ الحاضر الذي يتعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر
والحيض كالغائب ، كما ان الغائب لو فرض امكان علمه بحالها بسهولة بلا تعسّر
كالحاضر) .

لعدم الخصوصية للغائب وذلك لصحيحة عبدالرحمن ، قال سألت الحسن(عليه السلام)«عـن
رجـل تزوّج امـرأة سـرّاً من أهلها «أهله . فقيه» وهـي فـي منزل أهلها «أهلـه .
فقيه» وقد أراد أن يطلّقها وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ولايعلم بطهرها إذا
طهرت ، قال : فقال : هذا مثل الغائب عن أهله يطلّق بالأهلّة والشهور ، قلت : أرأيت
إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لايصل إليها فيعلم حالها كيف يطلّقها ؟

قال : إذا مضى له شهر لايصل إليها فيه يطلّقها إذا نظر إلى غرّة الشهر الآخر
بشهود ويكتب الشهر الّذي يطلّقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين فإذا مضى ثلاثة أشهر
فقد بانت منه وهو خاطب من الخطّاب وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتدّ
فيها»[147] .

ولاأجد كما قال في الجواهر ، خلافاً في المسألة إلاّ من الحلّي فيما حكي عنه
بناءً على أصله من عدم العمل بخبر الواحد ، فالحاق الحاضر حينئذ بالغائب قياس ،
والمتّجه بقاؤه حينئذ على حكم الحاضر من عدم جواز طلاقه حتى يعلم انتقالها من طهر
المواقعة وخلوّها عن الحيض حين الطلاق ، ولكنّه كما ترى[148] .

/ 66