وكيف كان ممّا استدلّ به من الاخبار على أنّ القرء هو الطهر :
صحيحة زرارة ، عن ابي جعفر(عليه السلام) قال : «القرء ما بين الحيضتين»[542]
.
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، عنه(عليه السلام) ايضاً ، مثله[543] .
ومنها : خبر زرارة ، عنه(عليه السلام) ايضاً قال : «الأقراء هي الأطهار»[544]
.
ومنها : صحيحته الأخرى ، قال : قلت لابي عبدالله(عليه السلام( : «سمعت ربيعة
الرأى يقول : من رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّوجلّ في القرآن إنّما هو الطهر
فيما بين الحيضتين ، فقال : كذب ، لم يقل برأيه ولكنّه إنّما بلغه عن علي(عليه
السلام) فقلت : أكان علي(عليه السلام) يقول ذلك ؟ فقال : نعم ، إنّما القرء الطهر
الّذي يقرأ فيه الدم فيجمعه فاذا جاء المحيض دفعه )دفقه خ . ل)»[545] .
ونحوها ما رواه موسى بن بكر ، عن زراره ، عنه(عليه السلام) ، بنفس السؤال وباختلاف[546]
.
ومنها : صحيحة ابي بصير ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال : «عدّة التي
تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء والقرء جمع الدم بين الحيضتين»[547] .
ومنها : موثقة موسى بن بكر ، عن ابي جعفر(عليه السلام( «في حديث أن عليا)عليه
السلام) قال : انما القرء ما بين الحيضتين»[548] . ومثلها ما رواه
العياشى ، عن محمد بن مسلم ، وزرارة عن ابي جعفر(عليه السلام)[549] .
ومنها : صحيحة زرارة الثالثة ، عن ابي جعفر(عليه السلام( قال : «قلت له : أصلحك
الله ، رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ، فقال : اذا دخلت في
الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها ، وحلّت للأزواج . قلت له : أصلحك الله ، إنّ أهل
العراق يروون عن على)عليه السلام) انّه قال : هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة
الثالثة . فقال : فقد كذبوا»[550] . والدلالة لاتخفى .
ومنها : ما رواه اسماعيل الجعفي ، عن ابي جعفر(عليه السلام) قال : قلت له : «رجل
طلّق امرأته ، قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة»[551]
.
ومنها : صحيحة زرارة الرابعة ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : «المطلّقة ترث
وتورث حتى ترى الدم الثالث ، فاذا رأته فقد انقطع»[552] .
ومنها : موثقة عبدالرحمن بن ابي عبدالله ، قال : سألت أباعبدالله(عليه السلام)
«عن المرأة اذا طلّقها زوجها متى تكون أملك بنفسها ؟ قال : اذا رأت الدم من الحيضة
الثالثة فهي أملك بنفسها» . الحديث[553] . إلى غيرها من الاخبار الواردة[554]
والغالب منها عن الباقر(عليه السلام) .
وأمّا الطائفة الثانية وهي المستدلّ بها على أنّ القرء هو الحيض :
فمنها صحيحة الحلبي ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : «عدّة التي تحيض
ويستقيم حيضها ثلاثة قروء ، وهي ثلاث حيض»[555] .
لكن لايخفى أ نّها قابلة للحمل على أن المراد من الثالث هو الورود فيه . فتأمل ،
ويؤيده الاتيان بالمذكر في «ثلاث قروء» حيث انه(عليه السلام) قد اجرى حكم التأنيث
على القروء هنا فهي الطهر فإنّ الحيض مؤنث[556] .
ومنها : مرسلة اسحاق بن عمّار ، عمّن حدّثه ، عن ابي عبدالله(عليه السلام( قال :
«جاءت امرأة إلى عمر تسأله عن طلاقها ، فقال : اذهبي إلى هذا فاسأليه ـ يعنى
علياً(عليه السلام)ـ فقالت لعلىّ(عليه السلام) : إنّ زوجي طلّقني ، قال : غسلت فرجك
؟ فرجع إلى عمر فقالت : أرسلتني إلى رجل يلعب ، فردّها اليه مرّتين كل ذلك ترجع
فتقول : يلعب . قال : فقال لها : انطلقى اليه ، فإنّه اعلمنا ، قال : فقال لها
علي)عليه السلام) : غسلت فرجك ؟ قال : لا . قال : فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي
فرجك»[557] .
ويمكن حملها على ارادة اوّل الحيضة الثالثة لا آخرها لأنّ غسل الفرج غير غسل
الحيض ، فكانّه(عليه السلام( قال لها : هل رأيت دماً من الحيضة الثالثة تحتاجين معه
إلى غسل الفرج منه للتنظيف او حال الاستنجاء . وهذا ما احتمله الشيخ الحرّ)قدس سره)
في الوسائل .
ومنها : ما رواه رفاعة ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته «عن المطلّقة
حين تحيض ، لصاحبها عليها رجعة ؟ قال : نعم حتى تطهر»[558] .
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابي جعفر(عليه السلام) «في الرجل يطلّق امرأته
تطليقة على طهر من غير جماع يدعها حتّى تدخل في قرئها الثالث ويحضر غسلها ثم
يراجعها ويشهد على رجعتها ، قال : هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصلاة»[559]
.
ومنها : ما عن الحسن بن زياد ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : «هي ترث وتورث
ما كان له الرجعة بين التطليقتين الأوّلتين حتى تغتسل»[560] .
اقول : وهذه الطائفة معرض عنها عند الأصحاب فليست بحجة فلايأتي دور التعارض ولو
سلّم التعارض فالاولى اكثر عدداً وأصحّ سنداً واقوى متناً فترجح عليها ، مضافاً إلى
انّه يمكن أن يقال : إنّ الاولى هي موافقة للكتاب على وجه وهو ما ذكر تأييداً في
حمل صحيحة الحلبى[561] .
( ويكفي في الطهر الاوّل مسماه ولو قليلا ، فلو طلّقها وقد بقيت منه لحظة يحسب
ذلك طهراً ، فاذا رأت طهرين آخرين تامّين بتخلل حيضة بينهما انقضت العدّة ،
فانقضاؤها برؤية الدم الثالث) .
ولايخفى : أنّ الاكتفاء بالطهر الناقص في الاول قد مرّ انّه ليس موافقاً لظاهر
الكتاب لكنّه مستفاد من النصوص والفتاوى ، وفي عبارة سيّدنا المصنّف(قدس
سره(بانقضائها برؤية الدم الثالث اشارة إلى الخلاف المنسوب إلى الشيخ)قدس سره)
بانّه ذهب إلى أنّ اللحظة الاولى من الدم الثالث داخل في العدّة وتظهر الثمرة على
القولين في التوارث لو فرض موتها او موته في هذه اللحظة ، وفي الرجوع بها فيها وفي
العقد عليها فيها واستدلّ له بتوقف تحقق الانقضاء عليها .
ولايخفى ما فيه فإنّـه على الخلاف ادلّ ، ضرورة عـدم مدخلية ما توقف عليه الحكم
بالانقضاء فيما اعتبر انقضاؤه بل الظاهر من التعليل المذكور كون النزاع لفظياً وذلك
لعدم التحقق الخارجي في الزمان الحكمي الكائـن بين الطهر والحيض على وجـه تترتب
عليه الثمرات المزبورة ، لعدم امكان تصرّف آخر زمان الطهر المتصل باوّل زمان الحيض
، نحو ما قلناه فـي آخر جـزء النهار المتّصل بأوّل جـزء الليل ، فمراد الشيخ بكونها
من العدّة هذا المعنى أو ما يقرب منه ، ضرورة كون المراد من اللحظة الجزء الزماني
من حصول الدم المتصل بالجزء الزماني قبله ، ولايكاد يتحقق في الخارج على وجه تترتب
عليه الثمرات .
هذا مع أنّ الشأن في النسبة ; فإنّها غير تامّة والاصل فيها ابن ادريس وتبعه
المحقق وغيره وعليك بالرجوع إلى الخلاف والمبسوط وفي المختلف عنهما ما هذه عبارته :
«قال الشيخ في الخلاف والمبسوط : أقلّ ما تنقضي به عدّة الحرّة في الطلاق ستة
وعشرون يوماً ولحظتان ، بأن يبقى الطهر بعد الطلاق لحظة ، ثم ترى الحيض ثلاثة أيّام
، ثم الطهر عشرة ، ثم الحيض ثلاثة ، ثم الطهر عشرة ، ثم الحيض لحظة ، وأقل ما تنقضي
به عدّة الأمة ثلاثة عشر يوماً ولحظتان . وقال ابن الجنيد : اقلّ ما يجوز اَن تنقضي
به العدّة مازاد على ستة وعشرين يوماً بساعة أو ما دونها ، وذلك أن تكون ممّن
طلّقها زوجها وهي طاهر فحاضت بعد طلاقه ايّاها ، والشهادة عليه بذلك بساعة ، فتلك
الساعة قد حصلت لها كالطهر ، ثم وقع بها حيض ثلاثة ايام ، وطهر بعده عشرة ايام ،
وحيض ثلاثة ايام ، وطهر بعده عشرة ايام ، ثم حيض ، فعند اوّل ما ترى الدم فقد بانت
من الزوج المطلّق . وكذا قال السيد المرتضى . وقال ابن ادريس : والّذي يجب تحصيله
وتحقيقه أن يقال : أقّل ما تنقضي به عدّة المطلّقة في ستة وعشرين يوماً ولحظة في
الحرّة ، فأمّا الأمة المطلقة والحرّة المتمتّع بها فثلاثة عشر يوماً ولحظة ، وما
بناحاجة إلى اللحظتين ، لأنّ اللحظة التي رأت فيها الدم غير داخلة في جملة العدّة ،
فلا حاجة بنا إلى دخولها . قال : وإلى هذا ذهب السيد المرتضى في انتصاره . وقوله
لابأس به ، ولا مشاحّة كثيرة فيه وإن كان لايخلو من فائدة»[562] .
وهذه العبارة هي العبارة المشهورة في بيان اقل مدّة يمكن أن تنقضي فيها العدّة
للحرّة والأمة في ذات الحيض ، والتعليل مع مامرّ فيه فليس في كلامه منه اثر اصلاً .
هذا مضافاً إلى أنّ الشيخ(قدس سره) قال ذلك في قبال قول العامّة القائلين باكثر من
ذلك .
ثم انّه قد يتصوّر انقضاء العدّة بالاقل من ذلك في ذات النفاس ، بأن يطلقّها بعد
الوضع قبل رؤية الدم بلحظة ، ثم ترى النفاس لحظة ، لانّه لاحـدّ لأقلّه عندنا ، ثم
ترى الطهر عشرة ، ثم ترى الدم ثلاثاً ، ثم ترى الطهر عشراً ، ثم ترى الدم ، فيكون
مجموع ذلك ثلاثة وعشرين يوماً وثلاث لحظات ، لحظة بعد الطلاق ، ولحظـة النفاس ،
ولحظة الدم الثالث التي فيها ما عرفت ، والله العالم .
( نعم لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق ، لكن لابدّ في
انقضاء العدّة من أطهار تامّة ، فتنقضي برؤية الدم الرابع ، كلّ ذلك في الحرّة) .
قضاءاً للقواعد . لايقال : إنّه لايصح لمخالفته للكتاب حيث قال : (فطلّقوهن
لعدّتهنّ) واللام في الزمان ظاهرة في الظرفية ، لانّه لاخلاف بين علماء الاسلام في
صحته ، هذا اوّلاً ، وثانياً أنّ الاخبار قد فسرّت الآية بأن المراد هو الطلاق
العدّي في مقابل البدعي اي الطلاق في الطهر الغير المواقعة ، مضافاً إلى أنّ اطلاق
الاحاديث الدالّة على شرطية الطهر شامل له كغيره .
) مسألة 13[563] ـ عدّة المتعة في الحامل وضع حملها( .
وذلك لاطلاق الآية وعمومها ، وعلى القول باختصاصها بالمطلقة او بها والتي تعتدّ
مثلها كالمفسوخة والموطوئة بالشبهة بثلاثة قروء دون من تعتدّ بقُرأَيْن ،
فبالاولوية القطعية حيث إنّ المطلّقة عدّتها اكثر وهي مع ذلك تنقضي بالحمل فضلا عن
المتمتع بها ، وبعبارة اخرى ، إنّ الاصل في العدّة هي المطلقة فمع انقضاء عدّتها
بالحمل فالمتمتع بها هي الاولى . والمصنف(قدس سره) قد استشكل في الحكم واحتاط
برعاية ابعد الأجلين[564] . والظاهر كون اشكاله هو احتمال الاختصاص
للانصراف وقد عرفت أنّ الحكم كذلك ولو معه من باب الاولوية نعم الاحتياط حسن على
كلّ حال .
( وفي الحائل اذا كانت تحيض قرءان ، والمراد بهما هنا حيضتان على الأقوى) .
وفي المسألة اقوال : فمذهب الشيخ ومن تبعه على ما في كشف اللثام ، أنّ العدّة
فيها هي حيضتان . ثانيها ما عن ابن عقيل وعن ابن اذينة انّه مذهب زرارة وهو حيضة
واحدة . ثالثها حيضة ونصف ، كما عن الصدوق في المقنع . رابعها طهران وهو المعروف
بين الاصحاب والمحكي عن ابنى زهرة وادريس والعلامة في المختلف بل هو المحكي عن ظاهر
ثاني الشهيدين ، بل عن ابن زهرة الاجماع عليه . ولايخفى أنّ مقتضى الاصل اي
الاستصحاب ، هو ما يكون اكثر ، والظاهر أنّ الطهرين هو اكثر اياماً دائماً وهو
الاحوط . هذا والروايات على طوائف :
الاولى : ما تدل على أ نّها حيضتان : منها صحيحة اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال :
سألت أباعبدالله(عليه السلام( «عن المتعة ، فقال : الق عبدالملك ابن جريح فسله عنها
فإنّ عنده منها علماً ، فلقيته فأملى عليّ شيئاً كثيراً في استحلالها ، وكان فيما
روى لي فيها ابن جريح أنه ليس فيها وقت ولا عدد ، إنّما هي بمنزلة الاماء يتزوّج
منهنّ كم شاء ، وصاحب الأربع نسوة يتزوّج منهنّ ما شاء بغير وليّ ولا شهود ، فاذا
انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق ، ويعطيها الشيء اليسير ، وعدّتها حيضتان وإن كانت
لاتحيض فخمسة وأربعون يوماً ، قال : فأتيت بالكتاب أباعبدالله)عليه السلام) فقال :
صدق وأقرّ به . قال ابن اذينة : وكان زرارة يقول هذا ويحلف انّه الحقّ إلاّ أنّه
كان يقول : إن كانت تحيض فحيضة ، وإن كانت لاتحيض فشهر ونصف»[565] .
ومافي ذيلها من الحلف وما بعده ففيه احتمالان : احدهما : استقلال زرارة بقول
مخالف للرواية المنقولة وهو بعيد جدّاً لاستلزامه الفتوى في مقابل النصّ لاسيّما
النص المحلوف له بانّه الحق وهو كما ترى . ثانيهما : تخطئة زرارة الراوى في خصوص
حمله وعدّتها حيضتان بانّها كانت كما نقله بقول «إن كانت» الخ والاختلاف بين
النقلين في الحيض والعدد ظاهر والحلف على هذا مربوط بغير تلك الجملة من الرواية ،
وهذا هو الاقرب بل هو الحق الحقيق القابل للتصديق .
ومنها : رواية ابي بصير ، عن ابي جعفر(عليه السلام( في المتعة قال : «نزلت هذه
الآية )فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم
به من بعد الفريضة) قال : لا بأس بأن تزيدها وتزيدك اذا انقطع الأجل بينكما ، فتقول
: استحللتك بأمر آخر برضاً منها ، ولايحلّ لغيرك حتى تنقضي عدّتها ، وعدّتها
حيضتان»[566] .
ولايخفى أنّ الحيضتين ظاهرتان في الكاملتين بعد أن صارت معتدّة كما مرّ .
الثانية : ماتدلّ على أ نّها حيضة ، منها : صحيحة زرارة ، عن ابي عبدالله(عليه
السلام( أنه قال : «إن كانت تحيض فحيضة ، وإن كانت لاتحيض فشهر ونصف» . على ما في
الكافي لكن الشيخ نقل عنه بسنده بزيادة قوله(عليه السلام) «عدة المتعة» وذكر الحديث
وأنّ الظاهر وقوع السقط فيه لمكان نقل الشيخ)ره) عنه ولشهادة عنوان الباب فيه ،
فعنوانه «عدّة المتعة» فكيف يذكر فيه امراً مطلقاً بل مبهماً غير مربوط بالعنوان
الخاص . لكن يخطر بالبال أنّ نقل الكافي صحيح[567]
لكنّها ليست برواية مستقلة بل هي نفس ما قاله زرارة تتمةً لرواية اسماعيل بن فضل
الهاشمي فنقله الكافي مستقلاً ويشهد له اتحاد السند فتذكّر والامر سهل .
ومنها : خبر عبدالله بن عمرو ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ـ في حديث ـ في
المتعة ، قال : «قلت : فكم عدّتها ؟ فقال : خمسة وأربعون يوماً أو حيضة مستقيمة»[568]
.
ومنها : خبر احمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا(عليه السلام( قال : سمعته يقول
: قال ابوجعفر)عليه السلام) :« عدّة المتعة حيضة ، وقال : خمسة وأربعون يوماً لبعض
أصحابه»[569] .
والثالثة : ماتدّل على أ نّها حيضة ونصف ، مثل ما عن عبدالرحمن بن الحجاج قال :
سألت أباعبدالله(عليه السلام)«عن المرأة يتزوّجها الرجل متعة ثم يتوفّى عنها هل
عليها العدّة ؟ فقال : تعتدّ أربعة أشهر وعشراً واذا انقضت أيامها وهو حيّ فحيضة
ونصف ، مثل ما يجب على الأمة» . الحديث[570] .
والرابعة : ما تدلّ على أ نّها حيضة وطهر مثل ما رواه الطبرسي عن محمد بن
عبدالله بن جعفر الحميري ، عن صاحب الزمان(عليه السلام( «إنّه كتب اليه في رجل
تزوّج امرأة بشيء معلوم إلى وقت معلوم ، وبقي له عليها وقت ، فجعلها في حلّ ممّا
بقي له عليها ، وقد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حلّ من أيّامها بثلاثة أيّام ، أ
يجوز أن يتزوّجها رجل آخر بشيء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة ، أو
يستقبل بها حيضة أخرى ؟ فأجاب)عليه السلام) : يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة ،
لأنّ اقلّ العدّة حيضة وطهرة تامة»[571] .
والخامسة : وهي الاخيرة من الطوائف ما تدل على أنّ عدّتها عدّة الامة . منها ما
عن زرارة ، قال : سألت أباجعفر(عليه السلام) «ما عدّة المتعة اذا مات عنها الّذي
تمتّع بها ؟ قال : أربعة أشهر وعشراً ، قال : ثم قال : يا زرارة ! كلّ النكاح اذا
مات الزوج فعلى المرأة حرّة كانت أو أمة وعلى أيّ وجه كان النكاح منه متعة أو
تزويجاً أو ملك يمين فالعدّة أربعة أشهر وعشراً ، وعدّة المطلّقة ثلاثة أشهر والأمة
المطلّقة عليها نصف ما على الحرّة ، وكذلك المتعة عليها مثل ما على الأمة»[572]
.
فهذه طوائف خمس وهي المنشأ لاختلاف الأقوال وصيرورتها اربعة وقد جمع في الجواهر
بينها بأنّ المراد من الحيض الثاني في الطائفة الاولى الدالّة على أ نّها حيضتان هو
الدخول في الحيضة الثانية فتصير العدّة حيضة وطهر كما لايخفى ، والمراد من الحيضة
في الطائفة الثانية ، حيضة وطهر ، ومن النصف المضاف اليها في الثالثة رؤية الثانية
فإنّ بها شرع النصف الاوّل ، والمراد من الحيضتين في التنظير بالامة ايضاً ذلك
لكونه عدّة للامة[573] .
وفيه اوّلا : أنّ الجمع كذلك موجب للحمل على خلاف الظاهر في موارد عديدة من حمل
الحيضتين الظاهرة في الكاملتين على الكاملة والناقصة ومن حمل الحيضة الظاهرة في
التامة منها فقط على حيضة وطهر تام ومن حمل النصف على محض الرؤية المقابل له
مفهوماً ، بل لايبعد أن يكون الحملان الاخيران لاسيّما المورد الثالث غلطاً فإنّه
لامناسبة بين النصف والرؤية اصلاً ولاخصوصية له في المناسبة على تسليمها بل ثابتة
للسدس والثمن وغيرهما من الكسور ، وبالجملة كلمة النصف كالنصّ في معناه وحمله على
الرؤية ليس مجازاً كما انّه ليس حقيقة .
وثانياً : أنّ حمل الحيضة في رواية الطبرسي على الحيض والطهر التامّ لئلاّ يلزم
تغاير المعلول عن العلّة حيث قال يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة لأنّ اقلّ العدّة
حيضة وطهرة تامّة ، غير تمام لعدم انحصار رفع التغاير به بل كما يصحّ بما ذكره يصحّ
بحمل الطهر على معناه المصدرى من النقاء من الحيض والنظافة منه لا ايّامه والتمامية
تكون بحصول النقاء الكامل بل الحمل كذلك متعيّن ، قضاءً لظاهر المصدر ولما في
اختلاف النسخ من التعبير بالطهارة ولكون التعبير بالطهرة في الاخبار قليل جداً .
هذا كلّه مضافاً إلى أ نّه إن كان المراد ما ذكر في كلامه فكان أجدر أن لايقيّده
لأنّ الطهر ظاهر في التمامية كمّا صرّح به في بيان حقيقة القرء .
وثالثاً : على تسليم الحمل في رواية الطبرسي لما ذكره ففيه انّه لا ملازمة بين
تحقق حيضة وطهر تام وبين مدّعاه وهو تحقق حيضتين كما اذا انقضى الأجل زمان الحيض ثم
طهرت ثم حاضت فعند دخولها في الطهر الثاني قد تحقق الانقضاء برؤية الطهر الثاني لا
الحيض الثاني ، هذا ولانّه قد فرض في نفس الرواية تحقق الطهر اوّلا والحيض ثانياً .
وأمّا روايات التنظير بالامة فهي ايضاً لاتدل على المسألة لأنّ نفس الروايات
ايضاً مختلفة . هذا اوّلا . وثانياً : لايبعد أن يكون التنظير في خصوص الايام فقط .
وعلى كل حال فالحق وجود التعارض بين الاخبار وعدم امكان الجمع بينها ، ويظهر من
صاحب الجواهر ترجيح روايات الاعتداد بالحيضتين على الحيضة ، ودليله الاعراض . وفيه
: أ نّه ليس بتمام ايضاً لأنّ الاقوال كالاخبار مختلفة والظاهر أنّ كل واحد منها
مستند إلى قسم منها ترجيحاً او تخييراً وعلى كل تقدير فالاخذ باخبار الحيضتين
تخييراً اولى لانّه احوط بل ظاهر البعض الاخذ به ترجيحاً بالاحوطية وإن كان هو كما
ترى .